عام على أحداث شبوة.. انفلات أمني يخيم على المحافظة وصراع سعودي إماراتي غير واضح (تقرير)
- خاص الأحد, 30 يوليو, 2023 - 07:49 مساءً
عام على أحداث شبوة.. انفلات أمني يخيم على المحافظة وصراع سعودي إماراتي غير واضح (تقرير)

[ أحد عناصر مليشيا الانتقالي عقب اقتحامهم مقر قوات الأمن الخاصة في شبوة ]

تحل الذكرى الاولى لطرد القوات الحكومية من محافظة شبوة (شرق اليمن) من قبل مليشيات مدعومة إماراتيا، بعد سنوات من التآمر على رموز وقيادات المحافظة الغنية بالغاز والنفط في سيناريو مماثل لما حدث في مدينتي عدن وسقطرى وما يدور حاليا في حضرموت.

 

وكانت المحافظة في العاشر من أغسطس، العام الماضي 2022م، على موعد جديد من الفوضى، عندما أحكمت المليشيات سيطرتها على مدينة عتق، بعد نحو ثلاثة أيام من صدامات مسلحة مع قوات حكومية مناوئة لسلطة محافظ شبوة عوض الوزير الذي عين في وقت سابق بضغوط إماراتية.

 

وباتت المدينة بالكامل تحت سيطرة قوات العمالقة ودفاع شبوة اللتين تلقتا دعما جويا من طيران مسير تابع لسلاح الجو الاماراتي، في نفس الوقت عملت مليشيات تابعة للمجلس الانتقالي بإنزال أعلام الجمهورية اليمنية ورفع الأعلام الجنوبية الشطرية السابقة على مؤسسات الدولة، بما فيها معسكر قوات الأمن الخاصة التي كان يقودها العميد عبدربه لعكب.

 

ولم تفلح حينها مساعي المجلس الرئاسي الذي أصدر قرارات بإقالة القيادات العسكرية والأمنية المسؤولة عن الصدامات المسلحة من الطرفين، في احتواء التوتر الذي انزلق نحو مواجهات دامية خلفت عشرات القتلى والجرحى من الجانبين.

 

وفي ظل المؤامرة على القوات الحكومية المناوئة لأجندات الإمارات المشبوهة كان محافظ شبوة عوض الوزير، الذي ينتمي إلى جناح في حزب المؤتمر والمدعوم من أبوظبي، اتهم العميد لعكب وعدد من قادة الالوية الحكومية بالتمرد على السلطة المحلية"، ومهاجمة مؤسسات الدولة وتدميرها، قبل أن يعلن عن "عملية عسكرية" مضادة.

 

منذ وقت مبكر عملت الإمارات عبر مليشياتها بالانتقالي ضد المحافظ الذي ينتمي لحزب لتجمع اليمني للإصلاح محمد بن عديو منذ تعيينه عام 2018 محافظا لشبوة، بعد تقديم نموذج ناجح في التنمية التي شهدتها المدينة ومساعيه لإعادة استئناف تصدير الغاز من منشأة بلحاف، الأمر الذي أغضب الامارات التي تتخذ من بلحاف ثكنة عسكرية لقواتها وصولا إلى اقالته في ديسمبر 2021، وتعيين ابن الوزير خلفا له.

 

تآمر على القوات الحكومية

 

يؤكد قائد قوات الأمن الخاصة في محافظة شبوة السابق العميد عبدربه لعكب في الذكرى الأولى لأحداث شبوة، أن مليشيا الانتقالي حولت شبوة إلى "جحيم لا يطاق العيش فيها"، ومارست فيها الجريمة والظلم والقمع والقتل، بالتزامن مع الذكرى الأولى لسيطرة مليشيا الانتقالي على المحافظة بدعم إماراتي.

 

واتهم العميد عبدربه لعكب ضمنيا "الإمارات ومليشياتها بالتآمر ضد القوات الحكومية، وقال "عام مضى على ذكرى المؤامرة التي حيكت ضد قوات الامن الخاصة في شبوة وقوات النجدة والقوات العسكرية من الجيش الوطني في المحافظة لفقوا خلالها كل الاكاذيب والتهم الكيدية ضدنا ناهيك عن محاولات اغتيالنا وشنوا حملات اعلامية لتشويهنا".

 

وأضاف لعكب: "وعدوا الناس بأنهم سيجعلون من شبوة مدينة افلاطون الفاضلة فحولوها إلى محافظة جحيم لا يطاق فيها العيش بسبب الانفلات الامني الغير مسبوق واستفحال الجريمة والبلطجة وممارسة أقسى أنواع الظلم والقمع والقتل والسحل ضد المواطنين".

 

وأشار إلى أن مليشيا الانتقالي نقلت "التجارب الفاشلة من بعض المحافظات التي حاولنا جاهدين ان لا نجعل شبوة تحذوا حذوها إلا أنهم أبوا إلا أن يجعلوا منها نسخة مشابهة".

 

واختتم بالقول: "يا قومنا نحن لا نحسن الكلام وتنميقه ولا نجيد الخطابة بل كنا نحسن العمل في خدمة المواطن وتأمينه فقط وكان شعارنا العمل أقصر جواب".

 

انفلات أمني

 

ويعتبر الصحفي، فؤاد مسعد، الانفلات الأمني هو أبرز المشكلات التي ظهرت في الفترة الأخيرة بشبوة، بعد اختلال وضع مؤسسات الجيش والأمن، بسبب ابقاء وحدات الجيش والأمن خارج المحافظة وسيطرة تشكيلات مسلحة تابعة لدول وأطراف خارجية.

 

في حديثه لـ "الموقع بوست" يقول مسعد إنه يلاحظ هذا الانهيار والتدهور في مختلف المجالات بما فيها الجانب الأمني وهذا "ليس في صالح الأمن والاستقرار في شبوة، ويؤكد أن تدهور الوضع خلال العام الأخير يعود إلى الصراعات المسلحة التي أفضت إلى إخراج قوات الجيش الوطني والأمن من المحافظة الشرقية للبلاد.

 

ويضيف: "أبناء شبوة لايزالون يتذكرون حادثة القتل البشعة التي طالت الشيخ الديني البارز عبدالله الباني في بيحان، عقب الانتهاء من صلاة عيد الفطر، مشيرا إلى أن هذه الجريمة وغيرها تثبت أن السلطة المحلية حاليا عاجزة عن القيام بدورها".

 

خارطة النفوذ

 

بعد أحداث اغسطس العام الماضي، تمركزت القوات الحكومية التابعة لوزارة الدفاع، في المناطق المجاورة لمأرب واجزاء منها على شمال محافظة حضرموت، بينما حلت بدلا عنها مليشيات متعددة مدعومة من الإمارات بما تسمى بـ"الوية العمالقة وقوات دفاع شبوة، بالإضافة إلى قوات محدودة تتبع المجلس الانتقالي" في المعسكرات الرسمية بعاصمة شبوة عتق.

 

يقول الباحث المتخصص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية علي الذهب، "إنه لا يملك وصفا دقيقا لخارطة النفوذ للقوى المتصارعة في المحافظة، لكنه يعتقد بأن الجيش الذي كان مواليا للسلطة المحلية والحكومة قبل أحداث أغسطس العام الماضي أصبح يتمركز في المناطق المجاورة لمأرب واجزاء منها على شمال حضرموت".

 

ويؤكد لـ"الموقع بوست" أن لشبوة طبيعة خاصة يميزها عن غيرها، حيث لايزال ولائها الرسمي لمجلس القيادة الرئاسي وشكليا ليس للانتقالي الذي تتواجد فيها تشكيلات تابعة له، بالمقابل هناك قوات العمالقة التي ليس لها علاقة مباشرة مع الانتقالي.

 

كما هناك قوات اخرى لها ارتباط خاص ومباشر بالإمارات أو بحزب المؤتمر الشعبي العام، لكنها لم تفصح عن هويتها بشكل مباشر، بحسب الذهب.

 

ويشير إلى أن هذا التقاسم فرضتها المصالح المتعلقة بالنفط والغاز، إلى جانب أضعاف القوى التي تحتويها السعودية، الأمر الذي فرض على الرياض تغيير استراتيجيتها بعد أحداث أغسطس، كما هو حال الصراع على حضرموت مع الإمارات.

 

صراع غير واضح

 

ويضيف: "هناك محاولة للتهدئة في شبوة من قبل جميع الأطراف، لأن الحراك الحالي باتجاه حضرموت، حيث تعد شبوة ضمن خريطة ما ستؤول عليه المحافظات الجنوبية بشكل خاص".

 

وبحسب المحلل العسكري فإن ديناميكيات الصراع، أصبحت غير واضحة، بعدما استطاعت الامارات خلق وضعا متغيرا، مستبعدا عودة المواجهات من جديد في شبوة لتقييد القوات التي خسرت المواجهة من قبل التحالف بقيادة السعودية، حيث لا تستطيع أن تتحرك مجددا للعودة إلى مكانها الطبيعي التي كان قبل احداث اغسطس 2023.

 

 


التعليقات