توطئة:
نحتفي اليوم بذكرى ميلاد الجمهورية اليمنية 22 مايو 1990، وبلدنا يشهد حروباً انقلابية محلية وإقليمية، لسنا نحتفل بمنجزات، لا أدري لما تم اختيار محور الحرب لأتحدث فيه؟ فلا أنا بالعسكري ولا قد خضت حرباً من قبل، أنا داع للسلم وللمقاومة السلمية واللاعنف، فهي من وجهة نظري المخرج من كل ما نحن فيه بدأً من مقاومة الذات وانتهاءً بمقاومة العدو وتوقع جرائمه قبل أن تظهر، وصنع المعالجات قبل ظهور واستفحال المشكلات.
علينا أن نخرج من الثقافة الموسمية للقنوات التي صنعت لنا أجندة العام وفقاً لنظرية وضع الأجندة : تفترض هذه النظرية وجود علاقة بين القضايا التي توليها وسائل الإعلام مزيدًا من الاهتمام وبين تزايد اهتمام الجماهير بتلك القضايا ، وبالتالي فإن نظرية "وضع الأجندة" التي تستخدمها وسائل الإعلام اليوم تقوم بجعل القضايا المهمة في خرائط وسائل الإعلام واجندتها البرامجية التي تبثها هي أجندة الجمهور التي يوليها الأهمية، صار الإعلام هو من يرتب أولويات وقضايا الجمهور .
علينا كباحثين ومهتمين ونخب الخروج من العمل الموسمي إلى العمل الدائم وفقاً لأهدافنا المؤسسية المرتبطة بالأهداف الوطنية، الآن موسم أعياد وطنية وفي الأعياد عموماً الناس يحاولون نسيان الجراح لا الخوض فيها، للحروب أضرار وأسباب ونتائج يتم الحديث عنها والبحث عن معالجة لها في أوقات غير المناسبات حتى لا تتحول إلى نواح من قتل من ومن ضرب من ومن فاز ومن انتصر؟
الحرب وما أدراك ما الحرب، كما قال زهير ابن ابي سلمى في معلقته:
وَمَا الحَـرْبُ إِلاَّ مَا عَلِمْتُمْ وَذُقْتُـمُ
وَمَا هُـوَ عَنْهَا بِالحَـدِيثِ المُرَجَّـمِ
مَتَـى تَبْعَـثُوهَا تَبْعَـثُوهَا ذَمِيْمَـةً
وَتَضْـرَ إِذَا ضَرَّيْتُمُـوهَا فَتَضْـرَمِ
فَتَعْـرُكُكُمْ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهَـا
وَتَلْقَـحْ كِشَـافاً ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـمِ
فَتُنْتِـجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ كُلُّهُـمْ
كَأَحْمَـرِ عَادٍ ثُمَّ تُرْضِـعْ فَتَفْطِـمِ
إن ثقافة تمجيد الحروب هي السائدة عند كل فئات المجتمع من الحروب العسكرية إلى حروب السياسية والاقتصاد والاجتماع ، ودائماً رواة الحرب هم المنتصرون سواء كتبوا أو شافهوا الجمهور مشافهة.
القنوات التي تروي الحروب بطريقة المنتصر والمهزوم تشبه كتب التاريخ ومدونات السير المروية شفهياً، فهي قامت أيضاً بنفس الدور: مجدت الزير وعنترة وهزمت جساس وعمارة، روتها بطريقة فنتازيا شدت الجمهور إلى تمجيد الحروب والنظر إليها أنها هي محور الكون، حتى روايات الحرب العالمية الأولي والثانية كل طرف مجد نفسه والمنتصر هو من كتب التاريخ .
الفلاحون يحبون الأسمار والحكايات ونحن أغلب مكونات مجتمعنا فلاحين ونسبة من الرعاة والصيادين والعمال في كل المجالات لديهم صفة مشتركة في حب الحكايات وهي استجابة للفطرة البشرية وللطبيعة اليمنية والعربية ذات الثقافة السمعية، ومجرد السماع يعتبر دليل يؤهل المستمع لأن يروي ويكتب بدون مراجعة وتمحيص.
يضاف إلى ما سبق خصوصية الشخصية اليمنية ذات البعد الأسطوري القادمة من البطل اليمني صائد والوعول والوحوش، التي توارثت حكايات الحروب منذ بداية التاريخ اليمني القائم على الحروب منذ ما يقرب من عشرة ألف عام، بالإضافة إلى تاريخ ما بعد المملكة الحِمْيَرية أخر إمبراطورية يمنية تشكلت من:(سبأ وذو ريدان وحضرموت ويمنت وأعرابهم في المرتفعات والتهائم) (110 ق.م - 525 - 527 م) وظهور الدين الإسلامي بعد انتهائها، أصبح اليمنيون يشكلون المدد للنبي صلى الله عليه وسلم في حياته، وظلوا إلى عهد الدولة العثمانية يشكلون المدد وقد شاركوا الغازي كمال أتاتورك في حربه مع اليونان 1919- 1922 .
الشخصية اليمنية مغرمة بالحروب والمغامرات، وهناك شخصيات مغرمة بدور الكمبرادورية والمرتزقة في مختلف المراحل، من كانوا جنوداً- بحسب اللكنة العدنية "سوجر"-"Soldier" للإنجليز اليوم بعضا من نسلهم يحارب مع المليشيات المدعومة من الإمارات، ومن كانوا "عكفة" للإمامة اليوم هم مليشيات يحربون مع الهاشمية السياسية وخامنئي.
هذا يعني أن الشخصية اليمنية سمحت بالصراع وغلب عليها الخوض فيه، وهذا يستدعي التوقف عند هذه الشخصية وإعادة قراءتها وفهمها وتحليلها، ومن ثم العامل على إعادة بنائها قيمياً وثقافياً وسلوكياً ومعرفياً بناءً مدنياً لا عسكرياً حتى لا تظل تحارب إلى الأبد.
في حروب اليمن كلها المنتصر هو من كتب التاريخ، في حرب 1994 مع أنها حرب أهلية يمنية، ولا أحد ينتصر في الحروب الأهلية ، إلا أن هناك من حولها إلى منتصر ومهزوم في الظاهر، وفي الباطن هناك صراع قديم مرتبط بأحداث الأسبوع الأول من نوفمبر 1967 حين قامت الجبهة القومية بتصفية جبهة التحرير، والتي أدت إلى مناوشات 1972 بين الشطرين لعب فيها أعضاء جبهة التحرير المطرودين إلى شمال الوطن درواً كبيراً، ومرتبطة أيضاً بالحرب بين الزمرة والطغمة في 1986 في عدن، وعلى أثرها تم طرد الزمرة إلى شمال الوطن، في عام 1994 الزمرة أعادت الكرة وهزمت الطغمة، طبعاً مع كل إرهاصات المرحلة والصراع على من يسيطر على قرار الجمهورية اليمنية بين شركاء الوحدة السياسية بين الشطرين.
لقد تم "عجن" التاريخ و"عصده": الشمال هزم الجنوب ، الشماليون فعلوا والجنوبيون تركوا، وتوصيف الحرب بأنها بين الشمال والجنوب في محاولة جهوية لطمس حقيقة أنها حرب أهلية وصراع سياسي متداخل الأبعاد.
أسباب الحرب
أسباب الحروب في اليمن بشكل عام هي مثل كل أسباب الحروب في العالم، تأتي الحروب بين الفصائل في الصراع على والتفرد بها من قبل النُخب، ويأتي دور الفقراء ليبحثوا فيها عن فرصة للعيش ، البحث عن لقمة من فم الموت ثقافة "شي عيشة".
الأسباب الخارجية لحرب صيف 1994:
عند إعلان ميلاد الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 قام اليمنيون الكبار بتمزيق خارطة بريطانيا المرسومة لليمن والموقعة من القوى الرجعية الامامية في 11 فبراير 1934، وهذا جعل بر
عند إعلان ميلاد الجمهورية اليمنية في 22 مايو 1990 قام اليمنيون الكبار بتمزيق خارطة بريطانيا المرسومة لليمن والموقعة من القوى الرجعية الامامية في 11 فبراير 1934، وهذا جعل بريطانيا تتحرك عبر بقايا عناصرها في اليمن والمنطقة لتقويض وتمزيق خارطة الجمهورية اليمنية، لنعد إلى الخلف قليلاً عندما قامت الثورة اليمنية في 14 أكتوبر 1963 اهتز المشروع البريطاني في الجزيرة العربية كلها، وتحررت أراضي الخليج العربي من عُمان إلي شط العرب من الوجود الفعلي البريطاني، لكن الوجود ظل هناك من تحت طاولة الأنظمة الحاكمة غير المستقلة والتي لا تملك السيادة الحقيقة في بلادها، عبر هذه الورقة تم تحريك كل ( شغيلة) بريطانيا للإسهام في تجزئة اليمن، تصدرت السعودية والإمارات الموقف وقدمتا الدعم العسكري والمالي لمن سيحقق لها تمزيق الجمهورية اليمنية.
بريطانيا وحملة رايتها في المنطقة والمنفذين لسياستها المشهورة "فرق تسد" كان لهم الدور الخارجي في حرب 1994 وتلقوا صفعة في عدم قدرتهم على إعادة الخارطة البريطانية إلى الوجود.
موقع اليمن الاستراتيجي هو سبب طمع بريطانيا والقوى الاستعمارية في اليمن وتحريض بريطانيا على تقسيم اليمن لتظل السواحل والموانئ والجزر اليمنية بعيدة عن التأثير اليمني وهي التي ستتحكم بها عن بعد وربما تفكر بالعودة اليها لاحقاً.
الأسباب والعوامل الداخلية للحرب:
1- أسباب سياسية : وهذه تعود في جوهرها إلى الصراع الأيديولوجي القديم سواءً ما قبل الثورة اليمنية سبتمبر وأكتوبر حين تبقت مخلفات الرجعية والاستعمار التي صعب التخلص منها بسرعة وعامل الزمن لم يتوفر لاندثارها، أيضا كانت اليمن شطرين: شطر مع الرأسمالية في الشمال، وشطر مع الشيوعية في الجنوب، وأصحاب الأيدولوجيات لا ينفكون عن تذكر صراعاتهم أبداً، كما أن فكرة الطرفين الموقعين على الوحدة لم ينفكا عن التفكير في التوسع الأيديولوجي كل على حساب الآخر، حينها قال البردوني - نبي الشعر في اليمن - : "يابنتَ أُمَّ (الضهضمدِ) قولي لنا : أيٌّ عليٍّ سوف يخصي علي". من سيقصي من علي صالح أم علي البيض؟
كما أن عدم فهم كافة الأطراف المتصارعة لمعنى مشروع وطني كبير مثل إعلان ميلاد الجمهورية اليمنية، وماذا يحتاج للبقاء حتى يستمر، وبدلاً من الذهاب المستعجل لبناء المؤسسات تم الذهاب إلى الاستيلاء على المؤسسات عبر التقاسم والمحاصصة، والذهاب بأحلامهم إلى أن الديمقراطية ستعزز الشراكة للحزبين الحاكمين، لكنها لم تكن وردية كما يشتهون، ظهرت قوة أخرى وظهر المستقلين وظهرت ما كانت تسمى بالأحزاب المجهرية في الانتخابات النيابية عام 1993 ، والديمقراطية في حد ذاتها تحتاج قبل تطبيقها إلى الاقتناع الفعلي بها على مختلف المستويات والأطر الحزبية والمجتمعية، وأن تكون ديمقراطية تحت هدف موحد للجميع وسقف لا يتم تجاوزه، المجتمع مازال غير مؤهلاً في تلك الفترة لتجربة كبيرة، رافقتها حملات التشويه والتضليل والتطبيل وتحريم الديمقراطية نفسها ووصف المخالف بأقذع الصفات.
كل هذه الأسباب شكلت مع ثغرات في وثيقة الوحدة وثغرات في الدستور العوامل السياسية للحرب، بالإضافة إلى التقاسم والمحاصصة واعتبار اليمن تركة لحزبين وطرفين سياسيين دوناً عن الشعب. بالإضافة إلى الاختراقات الشلليلة والقروية والمناطقية والعائلية –المصاهرة والزواج السياسي- للأطر الحزبية السياسية وبقاء نفسية الصراع داخل بعض الأطر الحزبية الواحدة ممتداً إلى ما بعد إعلان الجمهورية اليمنية.
2- أسباب اقتصادية: كل حروب العالم منشأها اقتصادي، الكل يريد السيطرة على الثروة، على الخزينة، وعلى الإيرادات، وهذا السبب أكبر أسباب الحرب الأهلية في اليمن في 1994، شعب فقير، وسلطة أفقر، أفرادها ينقصهم الخبرة الاقتصادية وينقصهم التنازل عن وهم المعرفة والاستعانة بالخبراء الاقتصاديين والرساميل الوطنية المحلية وفي المهجر. وأحزاب لم تنشأ على ثقافة تقديم الحلول والمعالجات قبل وقوع الكوارث، لم تنجح القوى السياسية في تقديم مشروع اقتصادي ينقذ المجتمع اليمني من الفقر، كان الخليج قد أعاد المغتربين بعد إعلان الجمهورية اليمنية، كعقوبة للشعب اليمني وتحت غطاء عقوبة عن موقف السلطة الحاكمة آنذاك المؤيد للعراق .
عندما تغيب الرؤى الاقتصادية تظهر الهلوسات السياسية، وتظهر المواقف غير المحسوبة الكلفة، كانت الجمهورية الجديدة بحاجة إلى مشروع اقتصادي قومي ينتشل المجتمع من الفقر ويدخل في شراكة مجتمعية في المشاريع الاقتصادية وتشجيع الاستثمار وتجفيف منابع الفساد، وترك الاقتصاد للخبراء من كبار التجار ليفتوا فيه بعيداً عن مواقف السياسيين غير المتلائمة مع الاقتصاد، البيوت التجارية اليمنية والرأسمال اليمني في الداخل والخارج كان كفيلاً بتحقيق مشروع بنية اقتصادية تسهم في نهضة اليمن، باستغلال الموارد وتشجيع الاستثمار وخلق فرص العمل، كل هذا تم تركه ليجد المواطن نفسه مشاركاً للسياسي في النهب والفيد والبحث عن فرصة للمكاسب الرخيصة.
3- أسباب اجتماعية: منذ الثورة اليمنية 26 سبتمبر و 14 أكتوبر لم يتم انهاء فكرة العنصرية والتمايز الطبقي، حقق اليسار خطوات متقدمة في هذا الجانب عبر قواعده في الجنوب، أما قواعد اليسار في الشمال فقد خلطت الحابل بالنابل: تحول أولاد الاقطاعيين إلى تقدميين -بفعل فاعل- لحماية منهوبات القبيلة والجد القادم من المشرق، فشكل بما يعرف بيسار شؤون القبائل كحالة نشاز وخروجاً عن فكرة اليسار برمتها. بالإضافة إلى وجود استقواء بالقرية والقبيلة في حلات الحروب "اليسارية اليسارية" التي شهدها الجنوب قبل الوحدة(1-6 نوفمبر 1967- 22-26 يونيو 1978- 13-29 يناير 1986).
خليط القوى الرجعية والرأسمالية والقبلية في الشمال ظل محافظاً على الطبقية واحتفظ الناس بألقابهم لم يكن هناك نظاماً يلغي الألقاب والتمايز الاجتماعي كما كان لدى اليسار في الجنوب، وتم تجاهل جزءً هاماً من الهدف الأول من أهداف الثورة اليمنية في "إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات" ودوماً الفوارق الطبقية وبقاء الثروة في أيدي طبقات معينة وطبقات مهمشة مناطقياً وعرقياً وج
خليط القوى الرجعية والرأسمالية والقبلية في الشمال ظل محافظاً على الطبقية واحتفظ الناس بألقابهم لم يكن هناك نظاماً يلغي الألقاب والتمايز الاجتماعي كما كان لدى اليسار في الجنوب، وتم تجاهل جزءً هاماً من الهدف الأول من أهداف الثورة اليمنية في "إزالة الفوارق والامتيازات بين الطبقات" ودوماً الفوارق الطبقية وبقاء الثروة في أيدي طبقات معينة وطبقات مهمشة مناطقياً وعرقياً وجهوياً وطائفياً تسهم في انخراط الفئات المهمشة في الحروب الأهلية للحصول على مكانة وثروة والحصول على "حقها في الانتقام" وتحقيق النقمة الاجتماعية الناتجة عن بقاء الطبقية والامتيازات.
نتائج الحرب
كل حرب أهلية لا فائز فيها ولا منتصر، والوطن هو الخاسر الأكبر ، والتضحيات من أرواح وأرزاق وحياة الشعب كان لها آثار مجتمعية وسياسية واقتصادية ، تم الاقصاء والتهميش والاستقواء بالسلطة والوضع الجديد لممارسات لا أخلاقية ولا دستورية ولا تنتمي للثقافة والعرف اليمني، تم تصفية الحسابات السياسية واقصاء جزء من قيادات الجمهورية اليمنية ممن حاولوا الانفصال وحُكم عليهم بالإعدام والنفي فيما عرف بقائمة 16 المعروفة، وكان من نتائجها تسريح الموظفين والجنود بعشرات الآلاف مما شكل الحراك المطلبي الحقوقي في الجنوب سنة 2007، وتحول بالكيد السياسي إلى حراك سياسي، حولت الأيدولوجيا التي خسرت مكاسبها السياسية بفعل الحرب والانفصال القضية إلى جهوية وشمال وجنوب، مع أنها في الأساس سياسية وأيديولوجية قائمة على الصراع الممتد منذ ما قبل إعلان "جمهورية اليمن الجنوبية الشعبية" في 1967 خلافات المنفيين إلى الشمال في 1967 والمنفيين إلى الشمال في 1986 وخلافات الزمرة والطغمة.
كما أن من نتائجها نهب أراضي الدولة في الجنوب من قبل السلطة التي ظنت انها انتصرت في حرب 1994 .
لقد تحمل الشعب اليمني كل كوراث تلك الحرب وتبعاتها، لكن من يحمل ورزها؟
تحمل وزر حرب صيف 1994 كل الأطراف التي شاركت فيها، سواءً تلك التي بادرت بالحرب أو تلك التي بادرت بالدعوة إلى الانفصال.
يتحملها من تركوا إيجاد الحلول وهربوا لصناعة مشكلات. من كانت لديهم فرصة تاريخية لانتشال اليمن من وضعها الاقتصادي المزري.
من لم يستثمروا في تأهيل الإنسان اليمني، ومن تسابقوا على الوظائف والغنائم، ومن أعمتهم الإيديولوجيات عن بناء مؤسسات تخدم الشعب وتحوله من شعب منتظر للحلول إلى شعب منتج للحلول، من لم يستثمروا قدرات الشعب وراحوا يمارسون التضليل والخديعة، من استسلموا لشيكات الخارج، من حنوا للعودة إلى حضن الاستعمار والتشطير وإعادة خارطة بريطانيا العجوز الشمطاء إلى لوجود، من لم يدركوا أهمية اليمن الحضارية والتاريخية والاستراتيجية والجغرافية.
يتحملها من تعاملوا مع الجمهورية اليمنية كتركة يجب أن يتقاسمها حزبان سياسيان فقط، ومن ظنوا أن الجمهورية اليمنية مرتبطة بأفكارهم وأشخاصهم دوناً عن الشعب وبقية القوى السياسية والمجتمعية والأجيال الجديدة، ومن أرادوا توسيع نفوذ أملاكهم الشخصية وأملاك أحزابهم ممن ظنوا أن الجماهير ضمن مواريثهم وأيدولوجياتهم، ومن كانت بأيديهم مقاليد السلطة وكل نخب التطبيل لكل الأطراف يتحملون جميعاً كل أوزار تلك المرحلة.
يتحملها من لم يدركوا أن مصير الأمة اليمنية ليس شراكة بين حزبين أو أكثر، وأن الجمهورية اليمنية الناشئة في 22 مايو 1990 هي ملك للشعب اليمن وليست ضمن أملاك هذا الحزب أو ذاك.
*ورقة عمل قدمها الدكتور فيصل علي رئيس مركز يمنيون للدراسات في ندوة "وحدتنا عزتنا" التي نظمتها الجالية اليمنية في ماليزيا بالتنسيق والتعاون مع الجاليات اليمنية في تركيا وبريطانيا والسودان يوم السبت الخامسة مساء بتوقيت الجمهورية اليمنية 23 مايو 2020، عبر منصة ZOOM.