العام الماضي أعددت تقريرا عن الكوليرا، إذ توفي نحو ألف وعشرون شخصا من بين قرابة مليون حالة اشتباه بالكوليرا والإسهالات المائية الحادة.
من خلال متابعتي واستفساري عن الوفيات كان سبب أغلبها، تأخر الإسعاف، ودخول المريض في مضاعفات الجفاف، أو ما يطلق عليها الأطباء "الصدمة" ومعظم الوفيات كانت من كبار السن ثم الأطفال دون الخامسة، ولم تستثن بقية الفئات العمرية، بما فيها الشباب، طالما تأخر الإسعاف.. بالنسبة للبعض كان هناك عوامل أخرى مؤثرة بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي أو سوء التغذية الحادة، والحادة الوخيمة للأطفال، وغيرها من الأمراض التي كانت تزيد حظوظ الوفاة..
هذا هو المشترك الغالب في الوفيات من جميع المحافظات اليمنية بما فيها صنعاء وريفها ومحافظة إب التي سجلت أعلى نسبة وفيات على مستوى اليمن..
إلى حينه خمس من أصل ست حالات وفاة سجلت في المستشفى الجمهوري بتعز، كانت قد وصلت طوارئ المستشفى متوفية، السادسة توفيت بعد ساعات من محاولات انقاذها لكن الموت كان اقرب تبعا لخطورة المضاعفات، عدى ذلك كان يجري العلاج لآلاف الحالات ليعودوا إلى منازلهم بعافيتهم..
ويبدو أن أحد أبرز أسباب وفيات كورونا هو تأخر الإسعاف ووصول المصاب بحالة ميؤوسة وذلك ما أفصح عنه مسؤول في أطباء بلا حدود..
على أن الفارق بين كورونا والكوليرا كبير في مستوى الخطورة والتأثير المباشر..
الحياة اصبحت مسؤولية الجميع، وهناك مجموعات طبية في الفيسبوك وتليجرام، وهناك أيضا أرقام متداولة للأطباء ينبغي تداولها وإبقاء التواصل مع الطبيب منذ ظهور أول الاعراض حتى التعافي او حتى يتلقوا نصيحة بالانتقال للمستشفى.. من الممكن فتح تواصل مع أكثر من طبيب تلافيا لانشغال أحدهم اوغيابه فيما تتفاقم الاعراض فجأة.
يحتاج الموضوع حملات توعية واهتمام لا متناهية..
لقد أصبحنا جميعا جزءا من هذا الوباء، وعلينا أن نخوض غمار المواجهة الجادة.
ليس أمامنا سوى المواجهة والانتصار عليه بالوعي أولا وقبل كل شيء، وأن نتعامل مع أقل الاعراض باعتبارها كورونا، لا أن ننكر وننتظر نتائج الفحوصات غير المتوفرة..
علينا أن نتعامل مع جميع الحالات المتقاربة في بعض أعراضها على اعتبارها كورونا، هذا اضمن لسلامة الإنسان والمجتمع، توازيا مع الالتزام الصارم بإجراءات الوقاية والتباعد، دون محاباة لقريب او صديق..
وعدى ذلك فليس أمامنا سوى الفرجة حتى نفقد الأحباب.. بلا حساب..
بل وحتى نفقد أنفسنا..