هادي المتواطئ العاجز
السبت, 27 يونيو, 2020 - 05:29 مساءً

حتى وأنت في قلب الرياض، في قلب الحصار، حتى لو كان سلمان على يسارك وابنه على يمينك والمنشار خلف رأسك، وأنت خائف ومرتبك، كان يمكنك أن تُبدي تململك قليلًا يا هادي، بنصف عبارة، بكلمة تطفئ بها حريق شعبك، تُعبر عن انزعاجه من سلوك الحلفاء، بعبارة واحدة، بجملة خفيفة، بسطر تُلمح فيه تلميحًا بجوهر المشكلة، لن يفعلوا بك شئيًا يا راجل، أنت رئيس دولة محمي برمزيتك والعالم يحترم الرؤساء ولو كانوا نطائح مثلك.
 
ظهرت بعد غياب طويل، تردد ذات الكلام باطمئنان عجيب، وتعيد كيل المدائح لحليف لا يكف عن إهانتك سرًّا وعلانية، دون أن تشعر بالخجل من نفسك.
 
كان يمكنك هذه المرة أن تتجاوز البروتوكول وتمتنع عن شكرهم، هذا أضعف الإيمان لو أنك غير قادر على ابداء استياءك منهم، أما أن تظهر لتؤكد عمق علاقتك بهم، فهذا لم يعد هوانًا فحسب، بل مازوخية تستلذ بالآلام لدرجة ابداء الشكر لمن يؤلمها.
 
أنت بهكذا خروج تثبت حقيقة تواطؤك الضمني معهم، تواطؤ عاجز تقبل عجزه كقدر ولم يفعل شيئاً لمدافعته.
 
ما كان أغناك عن هذا الخروج، خروج مثير للشفقة، منحت به خصوم شعبك جرعة اطمئنان جديدة؛ ليواصلوا عبثهم بنا وهم مرتاحين من أي قلق يتعلق بموقفك.
 
أما نحن، فلم نشعر بخيبة جديدة منك، ذلك أننا ما كنا نتوقع منك أن تولد بطلًا بين يوم وليلة، لا يمكنك أن تتقمص دور المسيح لتُخلصنا من المأزق وأنت الذي عشت عمرك كله فاقد للإحساس بالكرامة، لست غاضب منك يا محترم، لم أعد قادر على كراهيتك، لست قادر حتى على احتقارك، وليس ثمة أي دافع داخلي تحرضه فيني ضدك، شاهدتك كما لو أني أتابع جثة تنطق ولست متوقع منها قول شيء يبث الحياة فينا.
 
هل هناك وضع نفسي أسوأ من أن يستقبلك الناس وهم متبلدين تمامًا، لدرجة أنهم يفقدوا قدرتهم على الغضب منك، وفي ذلك أعلى مستويات الاحتقار لك لو أنك ما تزال قادر على استشعارها يا تنح.
 
مهما تكن الظروف خانقة، ثمة دائمًا، هامش للمناورة، مساحة يمكن التحرك فيها، إلا أننا أمام شخص لا يُرجى منه شيء، لا تستفزه العبودية ولا هو قادر على الفعل حتى وهو كامل الحرية.
 

التعليقات