عبدالوهاب العمراني

عبدالوهاب العمراني

كاتب يمني سفير في وزارة الخارجية اليمنية

كل الكتابات
الحوثيون في اليمن والحرب الاسرائيلية على غزة
الخميس, 14 ديسمبر, 2023 - 07:06 مساءً

اثبتت الحقبة المنصرمة من الحرب الضروس على الشعب الفلسطيني وغزه تسطر بطولات اسطورية اذهلت المراقبين وجعلت المحلل السياسي يقف في حيره في تفسير التخبط الاسرائيلي وجيشه الذي لا يقهر.
 
وفي المقابل صمود الشعب والمقاومة الفلسطينية للشهر الثالث وبذل التضحيات الكبيرة من الشهداء فبالإضافة للتنكيل بالانسان وخراب البنيان فالشهداء الاكرم منا جميعا هم محور الصمود التاريخي فمنذ نكسة 1948 لم يعرف الشعب الفلسطيني محنة وعنف مثلما حدث ويحدث منذ 7 اكتوبر المنصرم ولاول مره تواجه اسرائيل حربا من داخل الاراضي الفلسطينية مع ان كل حروب في 1956م و م1967و 1973م كلها كانت اسرائيل في حالة الهجوم وليس الدفاع كما هي هذه المرة.
 
لقد فضحت عملية 7 اكتوبر هشاشة المنظمة العسكرية والمخابراتية الاسرائيلية وعرت مواقف الغرب الذي هب لمساعدة اوكرانيا نكاية بروسيا في حين كان يفترض ومن باب اولى ان يلقى الشعب الفلسطيني تعاطف اكبر من القضية الأوكرانية.
 
معلوما بأن فكرة اسرائيل وتصورها لما بعد الحرب هي اما تهجر قسرا لصرحاء سينا كما فعلت من افراغ شمال غزه الى جنوبها على اساس ان تقنع امريكا مصر بذلك لكن مصر استقبت ذلك برفض الرئيس السياسي ونسف الفكرة من اساسها وهو الامر نفسه للملك عبدالله في الاردن بخصوص سكان الضفة الغربية.
 
وبعد مرور بضعة اسابيع مع الحرب المدمرة دخلت حركة الحوثي في اليمن على خط المواجهة لتفرض واقعا جديدا بتهديد الملاحة المتجهة لمينا ايلات الاسرائيلي وانذار السفن الاسرائيلية تعود لرجال اعمال صهاينة ولكن الامر تطور الى تحذير كل السفن المبحرة عبر باب المندب والبحر الاحمر وصولا لاسرائيل ومن أي جنسية.
 
يرى المراقبون والمحللون بأن التحرك الدبلوماسي بقيادة الولايات المتحدة والغرب عموما والذي انضمت اليه دولتي التحالف وحكومة"الشرعية" اليمنية بينما مصر لها وجهة نظر فهي لا تريد التورط في اليمن وتحبذ ان يقتصر دورها في المراقبة الروتينية كما حاصل منذ فترة وذلك تحت ضغوط الراي العام المصري فحسب رؤية الرئيس السياسي والبرلمان المصري ان عقدة نكبة الجيش المصري في اليمن في ستينيات القرن الماضي والذي انتج عن هزيمة مصر عبدالناصر في حرب 1967م.
 
مصر السيسي لا تريد ان تكون اداة للغرب ليصبح البحر الاحمر مقبرة للجنود المصريين، وهو الامر نفسه لدولتي التحالف والشرعية فعجزهم خلال نحو تسع سنوات لدرجة استجداء الحوثي بالسلام بأي ثمن وحسب مجلة فورين بوليسي ان فرض الحوثي شروط للدخول في مفاوضات بتقديم تنازلات من الطرف الاخر هو بمثابة فشل التحالف واستسلام بطريقة تحفظ ماء الوجه.
 
النظام الاقليمي العربي ممثلا في الجامعة العربية او فرادا امام اسرائيل واستجداء السلام من اسرائيل هو اشبه بموقف الشرعية بالهرولة نحو تفاوض اختارته السعودية والامارات بعد الفشل الذريع والمخزي لهما في حين الشرعية هي فقط في دور المتلقي بحكم ان اغلب قيادات الدولة مرتهنة منذ بداية الحرب نتيجة تهديد الحوثي لهادي بداية ثم لرئيس المجلس الرئاسي دولتي التحالف المتورتطان في المستنقع اليمني فشلت في البر والاجواء اليمنية فهي لا تريد تكرار المغامرة في عرض البحر وهو تقريبا نفس موقف الغرب ودول الاقليم لانهم يخشون الحركة الحوثية بسبب انها ليست دولة وبالتالي لا يخشون شئ طالما هم مجرد ميلشيا فأقصى عقاب هو الحصار وعدم الاعتراف وهو ما هو كائن منذ نحو تسع سنوات.
 
في حين ايران تخشى جرها لحرب وتنأى بنفسها من الانخراط في هذه الحرب لاعتبارات عدة منها طموحها في اكمال مشروعها النووي او مقايضة تاخير استئناف بحوثها النووية بالافراج عن بقية الودائع ورفع الحظر وتصدير حصة ايران المفترضة من النفط والغاز.
 
قالت صحيفة "واشنطن بوست" إن الولايات المتحدة تحاول احتواء توسع الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة، وتدعو حلفاءها لتوسيع قوة عمل بحرية متعددة الجنسيات في البحر الأحمر غير أن إجراءات مثل الضربات العسكرية أو تصنيف الحوثيين كإرهابيين يمكن أن تؤدي إلى تعقيد الجهود التي تبذلها الأمم المتحدة والولايات المتحدة وآخرون لإنهاء الحرب الأهلية الكارثية في اليمن، حسب الصحيفة.
 
وسلطت هجمات الحوثيين الضوء على الغضب الواسع في جميع أنحاء المنطقة من العدوان الإسرائيلي الذي سوى أحياء في قطاع غزة بالأرض، وقتل حوالي 18 ألف شخص وتسبب في كارثة إنسانية، كما أدى إلى موجة من الهجمات الانتقامية على المصالح الأميركية والإسرائيلية في المنطقة.
 
وفي هذا السياق قال مصطفى نعمان، المحلل والكاتب والدبلوماسي اليمني السابق، في مؤتمر صحفي في "تشاتام هاوس" حول اليمن، إن الحوثيين "ليس عليهم الكثير من الضغط في الداخل"، وأضاف "أعتقد أنهم يتمنون أن يهاجمهم الأميركيون أو الإسرائيليون، لأن ذلك سيحولهم إلى قوة "مقاومة حقيقية لسان الكثير من اليمنيين وانا منهم ان هذه فرصة لاحتمال ان تطوى صفحة الحوثي بضربه جماعية هذا اذا صحة التهديدات لكن يضل هذا وجهة نظر قد لا تتم".
 
وبتهديد الحوثيين المتصاعد للملاحة في باب المندب بداهة ينذر بعسكرة البحر الاحمر وفي رؤية دولتي التحالف انه يزيد من مخاوف محادثات السلام في اليمن الذي تهرول اليه السعودية والشرعية وتشكيك في جدوى الرد الدولي على الحوثيين.
 
في حين وجدت الجماعة الحوثية في حرب غزة فرصة للهروب من أزمتها الداخلية والتشويش على مساعي السلام، ومحاولة تبييض جرائمها بحق اليمنيين، صعدت أخيرا من تهديداتها باستهداف السفن الدولية كافة في البحر الأحمر التي تذهب لإسرائيل، بعد أن كانت قصرت التهديد على السفن التي لها صلة بإسرائيل.
 
فهذه الجماعة لا نها انقلابية ومنفلته لا تزدهر وتعيش الا في اجواء حرب لطبيعة ايدلوجيتها الجهادية بالصورة الخطاء عن اجماع المفكرين الاسلاميين في كل عصر وبقاع الارض
لانها باختصار حركة خلقت لتفنى.
 
*كاتب يمني وسفير في الخارجية
 

التعليقات