عبدالوهاب العمراني

عبدالوهاب العمراني

كاتب يمني سفير في وزارة الخارجية اليمنية

كل الكتابات
هوية اليمن التائهة
الإثنين, 22 يناير, 2024 - 09:45 مساءً

الجدل والسجال في يمن اليوم وعبر منصات التواصل الاجتماعي وغيره هذه الايام على الهوية اليمنية التائهة، وزادة حدة (الملاسنات والتدليس) بين المتحدثين حول الهُوِيَّة ورموزها، من متعصب لرموز معينة ومستهجن لهذه الرموز، وواقع الحال أن هوية الاوطان مثار جدل في اغلب المجتمعات زمانا ومكانا لأن الهُوِيَّة، كما يقول عبدالإله بلقزيز، "غير قابلة للإدراك إلا بوصفها حصيلة تراكم متجدد؛ فما لا يكون في زمن جزءاً من مكونات الهُوِيَّة، قد يصبح كذلك في زمن لاحق.
 
ومنذ بضع سنوات ظهرت حركة وطنية قومية في اليمن، أطلقت على نفسها اسم "الأقيال"، وهي حركة مضادة للفكر الحوثي، برزت ضمن دعوات إعلامية ولها نشاط اجتماعي على الإنترنت وحضور رمزي على أرض الواقع.
 
رد فعل للبطش الحوثي، والسلالية الإمامية التي يستند عليها. هدفها المُعلن محاربة المرجعية الدينية السلالية الظلامية لحركة الحوثة، وتجذير مرجعية أخرى آتية من زمن حضارة يمنية قديمة عظيمة سبقت الإسلام، وهي رد فعل مؤقته فلو زال السبب العنصرية السلالية ستزول او تتوارى حركة القومية اليمنية.
 
هذا الزخم الشعبي بداهة هو نتيجة لتراكمات الرؤى العنصرية السلالية فمؤخرا ظهر مصطلح “الهوية الإيمانية” بشكل جديد منذ عام 2017، وفرضه الحوثيون بالقوة منذ 2019، وعمل ملتقى الطالب الجامعي ونادي الخريجين على مراقبة الطلاب في الجامعات ومنع الاختلاط بين الجنسين في القاعات والمكتبات وحتى الحديث الجانبي بين الطلاب من الذكور وال ويداب الانقلابيين على فرض هويتهم وثقافتهم وفكرهم الدخيل على ثقافة وفكر الشعب اليمني يمكن أن يمارسوا في ذلك القمع والخطف والتفجير والتدمير.
 
معلوما لدى الباحثين والمؤرخين الذين يجمعون يجمعون على ان نهج وطبيعة الحكم للائمة العنصري عبر العصور الذي يتلخص في طمس الهوية اليمنية، وجاءت ثورة 26 سبتمبر 1962 لتكريس الهوية الوطنية اليمنية، ثم عاد الحوثي للعمل على نشر ما سماه "تأصيل الهوية الإيمانية" والترويج لها.
 
معلوما بأن الحركة الحوثية الجارودية تأثرت بالثورة الايرانية فهي تكرس مبدأ الولاية، فيحتكر الدين ويوزع صكوكه على أتباعه دون سواهم ويفرض هوية طائفية على أجيال بأكملها تردد شعار صرخة الكراهية، ولا تقيم وان الأئمة يميلون في سياساتهم إلى العزلة داخل نطاق ضيق من اليمن، مثال على ذلك العزلة التي فرضها الإمام يحيى على محكوميه قبل مئة عام، وقد طمح الإمام يحيى إلى تبرير سياسة العزلة فأعلن أنه يدافع عن شعبه ضد الإلحاد والعلوم الوثنية.
 
حوثنة الدولة في كل مفاصلها على خلفية احتلال اليمني من العدوان المحلي يخشى ان تسمخ الهوية اليمنية، وطمس الوسطية والاعتدال التي عاش عليها اليمنيون طيلة قرون، واستبدالها بهوية متطرفة.
 
*كاتب يمني وسفير في الخارجية.
 

التعليقات