كلما حققت محادثات الكويت اليمنية تقدماً، عمد وفد صالح والحوثي إلى تخريب ما تحقق من خلال اختلاق الأعذار والحجج ووضع العقبات لنسف الجهود الخليجية والدولية المبذولة للتوصل إلى حل سياسي في اليمن يضع حداً لنزيف الدم والدمار الذي طال أمده، وإنقاذ الشعب اليمني من كارثة إنسانية لا يعلم مداها إلا الله، خصوصاً أن التقارير الصادرة عن المنظمات الإنسانية الدولية في الآونة الأخيرة تقرع أجراس الإنذار من مستقبل أسود يحيق بأطفال اليمن خصوصاً ومجمل الشعب اليمني عموماً من جراء الفقر والعوز والمرض والجوع والتشرد الذي اتسع نطاقه بما لا يحتمل، وبما يفوق قدرات المنظمات والجهود الإنسانية المبذولة.
هذا الوضع وحده كان يكفي لإيقاظ ضمائر جماعة صالح والحوثي المنخرطة بمحادثات الكويت، والعمل على الوصول بالمحادثات إلى خواتيمها المرتجاة، إذا كانت تدعي فعلاً أنها تعمل لصالح الشعب اليمني.
لقد بذلت دول التحالف العربي ، خصوصاً المملكة السعودية ودولة الإمارات منذ بدء الأزمة اليمنية جهوداً هائلة من أجل التوصل إلى حل سياسي، ولم تأل جهداً لتسهيل عمل المبعوث الدولي ولد الشيخ لتمكينه من إنجاز اتفاق سلام بين الأطراف اليمنية، كما أن الشرعية اليمنية بذلت جهداً وقدمت تنازلات حرصاً منها على نجاح عملية السلام، فيما كان الطرف الانقلابي يناور ويمارس الابتزاز على أمل تغيير المعادلات والمعطيات على الساحة اليمنية بما يؤكد أنه لا يريد السلام، إنما المضي قدماً في عملية التدمير والتخريب.
لقد قدم المبعوث الأممي ولد الشيخ مشروع سلام يضع حداً لمعاناة اليمنيين ويفتح الطريق أمام العملية السلمية، وفيما بادرت الحكومة الشرعية إلى الموافقة عليها إيماناً منها بالسلام والقرارات الدولية ذات الصلة وإعادة الاستقرار إلى ربوع اليمن، رفض الانقلابيون التوقيع عليها بما يعري أهدافهم ويفضح مراميهم الانقلابية، ويكشف زيف ادعاءاتهم، ويؤكد تصميمهم على ترسيخ واقعهم الانقلابي.. أي المضي في مسيرة الدم والدمار حتى نهايتها.
..وبعد، ماذا يريد انقلابيو صنعاء وقد فتحت أبواب التسوية أمامهم، كي يكونوا جزءاً من عملية سياسية، وشركاء في صنع القرار؟ ماذا يريدون والشرعية الدولية قالت كلمتها، وقدم كل الأطراف ما يمكن من جهد ووقت وتنازلات للوصول إلى تسوية سياسية تنقذ ما تبقى من اليمن، كما وظف التحالف العربي كل إمكاناته السياسية في سبيل التوصل إلى تسوية تضع اليمن مجدداً على الخارطة كفاعل على الساحتين الإقليمية والدولية؟
أمام هذا الواقع، فإن المجتمع الدولي مطالب الآن بالوقوف إلى جانب الشرعية ودعمها، ومواجهة القوى الرافضة للسلام وحملها بكل الوسائل الممكنة على القبول بالتسوية، لأن السماح للانقلابيين باللعب على الوقت يعني المزيد من المعاناة للشعب اليمني.
افتتاحية الصحيفة لعدد اليوم 3 اغسطس.