خلال زيارة لها استمرت سنة..
مسؤولة أممية تشرح الوضع بالحديدة: الأطفال يدفعون الثمن والجدران تتحدث عن المعاناة (ترجمة خاصة)
- ترجمة خاصة الخميس, 04 فبراير, 2021 - 06:04 مساءً
مسؤولة أممية تشرح الوضع بالحديدة: الأطفال يدفعون الثمن والجدران تتحدث عن المعاناة (ترجمة خاصة)

[ رئيسة الصليب الأحمر تشرح الوضع الإنساني بالحديدة خلال زيارة لها ]

كشفت رئيسة البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر سيلين ديغن عن الوضع الإنساني الذي يعيشه الناس في مدينة الحديدة (غربي اليمن) التي شهدت معارك عنيفة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي في العام 2018.

 

وقالت ديغن في تقرير لها نشره موقع التوقعات الأسترالية "Australian Outlook" وترجمه للعربية "الموقع بوست"، إنه بعد سنوات من الصراع في اليمن، أدت التداعيات الإنسانية للمدنيين إلى واحدة من أشد الأزمات العالمية خطورة، لكن هناك جَمال يمكن العثور عليه في اليمن أيضًا.

 

وأضافت: "عندما وصلتُ إلى اليمن لأول مرة، في طريقي من صنعاء إلى الحديدة على الساحل الغربي لليمن، لم أتمكن من النظر بعيدًا عن المشهد المحيط بي، كنت أرى اليمن الذي بالكاد يصنع الأخبار، اليمن موطن لما وُصف بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، أردت أن أضع وجهًا له، لكن اتضح أن اليمن لها وجوه كثيرة، جمال الشخص الذي كنت أشاهده الآن تجاوز ما كنت أتخيله، من التلال الخضراء إلى الهندسة المعمارية للمباني إلى البحر الأحمر على خط مدينة الحديدة الساحلية، والتي سأسميها موطنًا لمدة عامين".

 

الجدران تتحدث

 

وتابعت: "عندما اقتربنا من المدينة، رأيت جدارًا من طابقين مصنوعًا من حاويات الشحن مع مسافات صغيرة بينهما، تدخل من بينهما السيارات إلى المدينة، تم طلاء الحاويات بصور عنيفة تصور سكان المدينة الذين يتعرضون للهجوم ومعاناتهم بعد سنوات من الصراع".

 

وأردفت المسؤولة في الصليب الأحمر: "هذه هي نغمة المكان، الجدران تتحدث في اليمن، فن الشارع هو خلاصة فيسبوك وتويتر للأشخاص هنا، عندما لا يكون لديك إمكانية الوصول إلى الكهرباء أو الإنترنت إلا في النادر، فإما أن تبتكر أو تعود إلى الأساسيات، فهناك ابتكار في ذلك أيضًا".

 

واستطردت: "منذ توقيع اتفاقية ستوكهولم عام 2018 التي وضعت حداً لمعركة ساحل البحر الأحمر بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً والحوثيين، لم يتحرك خط المواجهة ولكنه ما زال يقسم المحافظة إلى قسمين".

 

وذكرت أن مدينة الحديدة شبه مطوقة ويتم تذكير أهلها باستمرار بأن الصراع لا يزال مستمراً، ومع وجود أكثر من 24 مليون شخص في حاجة إلى المساعدة، يعد اليمن موطنًا لأكبر أزمة إنسانية في العالم.

 

واستدركت ديغن بالقول: "لقد عاش شعبها في حرب مستمرة لأكثر من نصف عقد، زملائي في اللجنة الدولية للصليب الأحمر يقدمون الطعام والمياه النظيفة والمواد الأساسية للمحتاجين، وسط الوباء العالمي، ومع عمل نصف المرافق الصحية في اليمن فقط، عملنا جنبًا إلى جنب مع الشركاء لزيادة الوعي والدعم للوقاية من فيروس كورونا والاستجابة له".

 

مدينة أشباح

 

وقالت: "شعرت أن حيي في الحديدة عبارة عن مدينة أشباح، شوارع طويلة فارغة بها منازل على هيئة مبانٍ غير مكتملة ومتربة أو القصور، قيل لي إننا نقيم في المنطقة التجارية حيث كان يعيش معظم التجار العاملين في الميناء، فر معظمهم من المدينة مع إغلاق الميناء وغادر العديد من سكان الحديدة المدينة في النهاية".

 

تمضي رئيسة البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر بالقول: "بعد وصولي، تم اصطحابي في جولة في المدينة وجولات من الاجتماعات ذات الصلة بدوري الجديد في رئاسة مكتب اللجنة الدولية في الحديدة، اكتشفت قلب المدينة وشوارعها التجارية والمصارف والمخابز ومحال الملابس وأكشاك الخضار".

 

وأتبعت: "لقد فوجئت بمستوى الحيوية في الحديدة، مقارنة بانطباعي الأول عن فراغها، الشارع الرئيسي الأكثر ازدحامًا هو شارع صنعاء، الذي من المفترض أن يرشد السائق إلى العاصمة، أصبح الآن مقطوعًا بجبهة الصراع، والأحياء الأخيرة التي تقترب من تلك المنطقة غالبًا ما تكون فارغة وخطيرة جدًا للعيش فيها"، مشيرة إلى أن الوصول إلى المركز الحضري الكبير التالي تبعد باجل الآن ساعتين بالسيارة.

 

ولفتت إلى أنه بسبب خط المواجهة، تواجه المجتمعات التي تعيش هنا (الحديدة) تحديات متزايدة للوصول إلى مستويات مناسبة من الرعاية الصحية.

 

تقول: "مستشفى الثورة، على سبيل المثال، هو المستشفى الأساسي لمحافظة الحديدة، يتألف من عدة مبانٍ من طابق واحد حيث تمتزج الممرات وغرف الاستشارات وغرف العمليات ومناطق الانتظار والغرف الفنية بطريقة كبيرة وصاخبة وفوضوية".

 

تضيف: "عندما التقيت بمدير المستشفى، أخذني الدكتور خالد، الذي يشع بالكاريزما والعطف، في جولة سريعة عبر مستشفاه، استطعت سماع كل من جاؤوا إلى هنا، يمكن أن أشعر بألمهم، أعادني المرضى الذين كانوا يطلبون نصيحة الدكتور خالد كل دقيقة إلى الواقع، على الرغم من حاجز اللغة، كان بإمكاني الشعور بالثقل الذي يحملونه على أكتافهم والراحة التي يجلبها لهم بنبرة الهدوء والتفهم، شخصيته الأبوية تطمئن وتريح بطريقة ما كما لو كان يقول للناس: حتى على بعد 500 متر من خط المواجهة، حتى لو كانت هذه واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية على وجه الأرض، فنحن هنا لرعايتكم".

 

وأشارت إلى أنه بعد مرور عام على مهمتها، منحها وفريقها الحوار والثقة مع السلطات الفرصة للوصول إلى المناطق الجنوبية من المحافظة، تلك التي تم تقسيمها إلى قسمين بحلول عام 2018.

 

وقالت: "لم تطأ قدم اللجنة الدولية هناك منذ عامين وكانت الآمال كبيرة، في ذلك اليوم، كان هدفنا هو زيارة زبيد، أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو والتي توجد فيها أول جامعة إسلامية وتقع حاليًا على بعد تسعة كيلومترات فقط من خط المواجهة".

 

ولفتت إلى أن الأجواء في زبيد كانت مختلفة بشكل جذري عن الحديدة، وقالت: "كانت المباني منخفضة وبعضها يبدو قديمًا جدًا. أعطتنا القلعة أمام مركز الرعاية الصحية الأولية لمحة عن الأهمية التاريخية للمدينة. عندما التقينا بالسلطات المحلية وممثلي وزارة الصحة وموظفي مؤسسة المياه، توصلنا إلى فكرة أوضح عما عانت منه المدينة في السنوات الأخيرة والتحديات التي تواجه السكان".

 

تواصل المسؤولة الأممية سردها بالقول: "في زبيد تم نقلنا إلى المستشفى الريفي حيث قام المدير بجولة شاملة، عندما دخلت قسم التغذية، بدأ الطبيب المسؤول يعرّفني على كل أم وطفل وأعطاني ملخصًا قصيرًا لقصصهم، حطم قلبي مشهد هؤلاء الأطفال الصغار الذين يقاتلون من أجل حياتهم".

 

الأطفال يدفعون الثمن الأكبر

 

وتابعت: "كنت خائفة من أن أنفجر من البكاء إذا سمعت المزيد عن حياتهم، شعرت بالخجل من إظهار نقاط ضعفي عندما لم يكن لديهم سوى القوة التي يلجؤون إليها، لوحت بصراحة واستخدمت تحياتي العربية القليلة في محاولة للوصول إلى الأمهات، لقد هدفت بشدة إلى الابتسام وإصدار أصوات سخيفة لجعل الأطفال يبتسمون ولكن دون جدوى".

 

وأكدت أن الأطفال هم الذين يدفعون الثمن الأكبر للحرب، لافتة إلى أنها بعد يوم طويل من الاجتماعات واللقاءات عادت إلى الحديدة، أعقبتها عاصفة من الاستعدادات التشغيلية.

 

وقالت: "كان اليمن موطني منذ أكثر من عام حتى الآن، لا أعيش ما هو معروف لدى الكثيرين، بمن فيهم قراء هذه الكلمات، كحياة طبيعية، لكن عندما أكون في هذه المدينة وفي مكتبي وفي مسكني ومع فريقي، أشعر أن هذا هو مكان قلبي، هذا هو المكان الذي يقف فيه التزامي ويجد قوته للتغلب على جميع زيارات المستشفيات وساعات العمل الطويلة على الطريق ودرجات الحرارة المرتفعة والتحديات التي لا تعد ولا تحصى".

 

وختمت رئيسة البعثة الفرعية للجنة الدولية للصليب الأحمر سيلين ديغن تقريرها بالقول: "قد لا تكون هذه حياة طبيعية بالنسبة لي، لكنها ليست حياة طبيعية لملايين اليمنيين أيضًا، يجب ألا نأخذ ذلك كأمر مسلّم به".

 

* يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا

 

* ترجمة خاصة بالموقع بوست


التعليقات