اخيراً أفصح الحوثي عن مَشروعه السياسي والاجتماعي الذي كان ينوي تطبيقه في اليمن فيما لو انتصرت حركته الانقلابية في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة جمعة رجب .
لم تنفع كل مغالطات حليفه التي تبرع بها مراراً وتكراراً ليتوه الجميع كعادته عن حقيقة هذا المشروع ، بل بالعكس بدا في خطابه منتقداً له كمراوغ لم يتصلب عوده في ميدان التضحية من أجل الشرف والكرامة على حد زعمه .
التقية التي تدثر بها مشروعه الدوغمائي تمزقت على النحو الذي كشف عن مشروع إقصائي لا يرى الاخر غير عدو لا يستحق الحياة ما لم يلتزم بمنهجه الايديولوجي الصارم .
لم يستطع ان يخفي هذه الحقيقة في أشد لحظاته حنقاً من التذمر الشعبي العارم الذي بات يحيط به وبمشروعه الانقلابي ، فالجميع طابور خامس يتوزعون بين تكفيريين وتغريبيين وعملاء وخونة ومرتزقة .
بهذا الخطاب عاد بمشروعه إلى جذره الحقيقي ، وهو بهذا لم يكشف عن شيء جديد .. الجديد هو أن يعترف بوضوح كامل بهذا المنهج ، ويمزق تلك الغلالة العنكبوتية التي حاول ان يضفيها عليه خطاب اخر مستعار . لقد أغلق بهذ الخطاب كل الأبواب التي كان ذلك الخطاب الاخر المستعار يحاول ان يداري به سوءة هذا المنهج الحقيقي المعلن على لسان الزعيم.
ترى أي ليل مظلم كان ينتظر اليمن واليمنيين فيما لو أن هذا النوع من المشاريع قد ساد ليغتصب قيم الحرية والإنسانية التي ناضل من أجلها اليمنيون وقدموا التضحيات الجسيمة لتنتهي على عتبات المذبح الذي أعده هذا المنهج المظلم الذي لا يرى الاخر غير عدو لا يستحق الحياة ، أو في احسن الأحوال ضال لا بد من إعادة تأهيله .
هذا هو شأن المشاريع التي تستمد أصولها من ايديولوجيات محنّطة في توابيت تاريخية "مقدسة" ، مفاتيحها بأيدي مرجعيات لا يأتيها الباطل ، كلمتها هي الأعلى ، وبمثلها يراد للشعوب أن تحكم حتى تعيش "حرة" "كريمة " و"عزيزة" بتعبير الخطاب المذكور .
كلمة أخيرة ، لو أن للحرية والكرامة والإنسانية والاستقلالية معنى عند صاحب هذا الخطاب لكان قبل بالتوافق السياسي الذي رسم خارطة المستقبل وفتح الباب امام الإرادة الشعبية لتكون كلمتها هي الحاسمة في حكم البلاد ..
لم يستخدم القوة العسكرية لقمع هذه الإرادة ليحل محلها إرادة فردية مستوحاة من قوة المدفع وملتبسة بحق مزعوم بالحكم ، ثم يأتي اليوم بعد كل هذا الخراب الذي صنعه مع حليفه المنتقم ليذكرنا بان هناك كرامة وعزة وانسانية وحرية .