أي حرب في التاريخ ليست أزلية ومهما طالت وتعقدت فأن كل ما جرى سيكون بداهة من الماضي .
من أسباب إطالة الحرب وتفكك النسيج الاجتماعي وحدة الاستقطاب السياسي والمذهبي هو ديماغوجية الإعلام اليمني والعربي من جهة وسوء ادارة المرحلة كسابقتها من جهة أخرى .
وفي هذا السياق يتردد تساؤل هل فقد سواد الشعب اليمني البوصلة ؟ بحيث غدا لا يفرق بين الغث والسمين ، في جزئية سقوط صنعاء لازال الكثيرون في جدل عقيم من المتسبب ، بل والبعض يحن لما قبل ثورة 11 فبراير .
ما حدث قبل أربع سنوات في اليمن بسقوط صنعاء المدوي هو نتاج عقود من التخبط والفساد وعدم التخطيط لبناء مؤسسات دولة مدنية يتساوى فيها الجميع فالعدل اساس الحكم ، لقد اهتم النظام السابق بتقوية نظام وليس بتأسيس دولة والا لما حدث ما حدث فكان يفترض بعد منح الرئيس السابق حصانة ان يتوارى ويتم التغيير والإحلال بسلاسة
لكثرة الجدل واختلاف الرؤى بجهل او بتجاهل هو أسباب سقوط صنعاء ولهذا بداهة روايات متعددة لدى الأطراف المتصارعة في المشهد السياسي اليوم .
وبداهة فأن تباين التفسيرات لظروف سقوط صنعاء على سنابك الخيل الكهنوتية وبتواطئ محلي للدولة العميقة بدعم وإسناد العرب قبل العجم له مخاطره في تزييف التاريخ والواقع وبالتالي المستقبل ، وعليه فلا مناص لدى الامة في قرأت الاحداث بمعزل عن التأثر العاطفي لدى البعض وقرأة وتأمل لما وراء الاسباب .
ستعود الدولة حتما قرب الزمن او بعد ، سوى بمساعدة التحالف المتخاذل والمتأمر او بدونه في نهاية الامر لن يحسم طي سفحة الانقلاب الا الشعب اليمني .
بعد استعادة الدولة ينبغي على اليمنيين ان يتعضوا من تجارب الماضي واعني بعد نهاية الحرب اليمنية في سيتنيات القرن الماضي ، حيث تم احتواء الطرف الملكي والسلالي تحديدا وكانت نتيجته التغلغل تدريجيا لاحتواء الدولة بعد خمسين سنة من المصالحة الملكية مع الجمهوريين . وكان للسعودية دورا في ذلك وهو الأمر نفسه في احتواء ثورة 11 فبراير التي منحت حصانة للرئيس السابق يحلم بها اي دكتاتوري وبقى في قيادته بالمؤتمر وجعل منه مسمار جحا للتنكيل بالمرحلة الانتقالية لأهداف معروفة .
وعليه فلا مصالحة مع ميلشيا الحوثي ولا منح حصانة ، بل تجريم لميلشيا الحوثي والهاشمية السياسية عبر البرلمان اليمني مستقبلا بتشريع وقانون وكذلك في الدستور اليمني ، ومن ثم ستجرم اقليميا وعربيا من خلال الجامعة العربية والمنظمات الدولية .
لقد وأدت ثورة فبراير وأطيل أمد هذه الحرب وأدخلت الإمامة بعباية جمهورية لقمة السلطة كله تحت لا فتة " محاربة الاخوان" مع ان الثورة اليمنية لم تكن حركة اخوان كما يروج له بل هي حركة شعبية شارك فيها مؤتمريين وسواهم وحتى قطاعات من الحركة الحوثية نفسها !
لهذا لا مناص من دولة مدنية علمانية مستقبلا حتى نسقط ذريعة " الأخوان والحوثي وسواهما من إشكال الإسلام السياسي .
فلا تفاوض مع الانقلاب إلا على أساس المرجعيات الثلاث ، فلم نرى او نسمع بسلطة شرعية تفاوض طرف انقلابي لا حاضرا ولا سابقاً !
كل ماجرى ويجري غداة انبلاج الربيع العربي في نسخته اليمنية هو محاربة الديموقراطية ولاسيما من دول الجوار الإقليمي عربيا كان أو أعجمياً !
لا بديل مناسب للحوثي إلا تيار وطني نظيف يولد من رحم المعاناة وليس إعادة تدوير الدولة العميقة وتدوير الفساد سلمياً عبر تقاسم تحت عنوان التوافق وهذا بداهة لن يتحقق فتجريب المجرب ضربا من الحماقة. فألاستجداء للإقليم بالتفاوض غدا مفضوحاً ومدعاه للخجل . فليس كل مرة تسلم الجرة أن تجيد التمثيل حركة الحوثي عبر التفاوض الرسمي او الخفي فهذه موهبة ، وان تمثل دور المتآمر وفي نفس الوقت دور المقنذ فهذا لن يتحقق .
فشل النُخب الحاكمة لليمن بين عصرين ملكي وجمهوري كان السمة المشتركة للفترتين ، وحتى تداعيات الربيع العربي أتت في حالة ضعف وتقهقر لمقومات الدولة فاليمن السعيد يُراد له ان ينخرط في لعبة الأمم منذ الستينيات ، وتكالب عليه القريب والبعيد كما تتكالب الأكلة على قصعتها ، ويغدو أفغانستان الجزيرة العربية ، فقد صور الرئيس السابق اليمن كبؤرة إرهاب كي يضمن دعم دولي أكثر وديمومة لحكمه ولم يدرك خطورة ذلك على مستقبل اليمن بحيث كانت نظرة العالم الآخر لليمن من زاوية أمنية لا تنموية ، واليمنيون اليوم يدفعون ثمن ذلك السلوك الخاطئ طيلة فترة الأربعة عقود الماضية .
ستتوارى حركة وميليشا الحوثي حتماَ ، وما يستطيع فعله ألا المكابرة وما سماه ب " الصمود" ولكن ليس إلا ما لانهاية وكل على حساب معاناة وفقر وعوز الشعب اليمني المنكوب بحكامه !
ومن ساندهم في حزب المؤتمر جناح الرئيس السابق ويصبحون هملا في زوايا التاريخ ، مع كل اللعنات !
* كاتب وسفير في الخارجية اليمنية