أعداء الحياة.. الناقمين من الأحياء
الإثنين, 11 يناير, 2021 - 10:43 صباحاً

دون الحاجة لكثير من التحليل والتعقيد والبحث والتنقيب، أصبح الواقع يختصر ماهية جماعة الحوثي ويقدم التعريف الأمثل لها، فهي وإن كانت تنظيما سريا وفق نظام معقد يختاره أصحاب الحظوة الهاشمية والعقائديين المعتقين، فهي ومنذ ست سنوات لا تحتاج لجهد لكي يتعرف عليها أحد، فهي حركة باتت اليوم مكشوفة تماما، إلا من محاولات حثيثة لتبييض سمعتها من بعض المنظمات التي حبلها السري مرتبط بها، لكنها اليوم أكثر من أي وقت مضى العنوان الكبير للإنتكاسة التي منيت بها اليمن.
 
لا يحتاج أي محايد اليوم ليقول كلمته في الحركة الحوثية بشكل واضح ودون مواربة، إلا من أبى ويقوم بوظيفة التزييف والخديعة، فهي اليوم، حركة الحوثي، عنوان بارز وكبير للمأساة والتغريبة اليمنية بكل تجلياتها، وهذا رأي محايد وليس له علاقة بكوني أحد اليمنيين الذين تضرروا، وتشردوا عن أسرهم وحرموا من استكمال الدراسة، أحد الذين لهم شهداء ومختطفين ومطاردين؛ إن رأيي هذا متخفف عن الأحقاد ومحاولة مني للإقتراب من الحقيقة والواقع وحسب.
 
يتناول اليوم الجميع الحوثي كمليشيات إنقلابية في خضم صراع على السياسة والسلطة والثروة، وهو تناول صحيح، ولكنه إلى حد ما يمنح الحوثي وسيلة ليسوق نفسه غربيا كونه أقلية مضطهدة، وهناك من يتناول الحوثي كقاتل تسبب في قتل الآلاف من الأبرياء، وهذه حقائق تعج بها كثير من وثائق المنظمات والدول، لكنها حقيقة لا تتناول الجذور، ولا تتطرق للأصل، وآخرين يتناولون جماعة الحوثي كلصوص نهبوا البنوك والشركات والمنازل والمقرات والمنظمات، وهذه ليست إدعاءات بل حقائق وثقتها الجهات المتضررة ولدى كل جهة الدليل والحجة، ولربما تعددت التعاريف والأحاجي، لكنها جميعا تدل على الحوثي وتعطي انطباع عنه.
 
إن جماعة الحوثي وهي تكشر عن أنيابها وتستدعي الإمامة والإرث العصبوي الهاشمي في مساعيها لطمس هوية اليمن وجمهوريته وتفخيخ المجتمع وتزييف وعي الناس وعقولهم، لتؤكد أن كل ما يقال عنها حقيقة باتت واضحة وجلية، فتغيير المناهج وتفخيخ عقول النشء والأجيال أصبح عملا استراتيجيا تعتمد عليه الجماعة لنشر أفكار ومعتقدات الإمامة والحرس الثوري، كما أن السعي الحثيث لتغيير معالم وإرث الجمهورية عمل مقدس، أركنت الجماعة العمل في هذا لقيادات التنظيم الهاشمي السري ليقوموا بعملهم، وهكذا تعمل هذه الحركة، التي ليست مجرد انقلابا على الدولة، بل تراكمات من أحقاد وانتقام تقدم نفسها هكذا وتعرف وجودها في إطاره.
 
إننا اليوم لا نسأل عن ما هي جرائم وكبائر الحوثي، لأنها أصبحت واضحة وبالدليل والحجة، نحن نسأل عن ما هي إيجابياته لا قدر الله، ذلك أنه أثبت منذ سنوات أنه التجلي لكل أشكال القبح والسوء، صورة واضحة تختصر كل الأفعال المشينة، العنوان الكبير للجريمة المتمثلة بسكب الدم البريء، لقد أدمنت هذه الجماعة إزهاق الأرواح وسلب الأحياء قوت يومهم، حتى تحولت هذه الجرائم المروعة لعادات يومية يتسلى بها المشرفين والقادة والأفراد، ولا يكاد يمر يوم دون قتل طفل أو قنص امرأة أو تدمير منزل أو تفخيخ مدرسة.
 
لقد أثبتت كل الأحداث العصيبة التي مرت على اليمن قديما وحديثا، أنه لم يمر على اليمنيين جماعة عبر التاريخ تزين الموت للجماهير وتزفهم للفناء وتسعى بشكل حثيث لمصادرة حيواتهم، مثل جماعة الحوثي، الجماعة التي هي النقيض لكل شيء جميل، للحياة والسياسة والسلام، وتقف دوما على الأنقاض وفوق برك الدم وجثث الأرواح، جماعة في عداء صريح مع الحياة وناقمة من الأحياء، جماعة تخالف السنة الإلهية المتمثلة بكون الله كرمنا وسخر لنا الدنيا لنحيا ونحييها، "وَلقَدْ كرمنَا بَنِي آدمَ وَحَمَلْنَاهمْ في الْبَرِّ وَالْبحْرِ وَرزَقنَاهمْ مِن الطيّبَات وفضلْنَاهمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمنْ خلقنا تفضِيلاً"، فأي دين وقوانين يستند إليها عبدالملك الحوثي ليعلي من شأن الموت، ويستهين من الحكمة التي خلقنا لأجلها؟!، لكننا نعرف أن الدين عند المليشيات مجرد شعارات، والقرآن مجرد وسيلة لاستعطاف المغفلين، وإلا فهي الدلالة الصارخة للموت والقتل والجحيم.
 
نحتاج اليوم لعمل جاد وحقيقي، نحتاج لتوثيق تاريخي، نحتاج لجهد جبار ومضاعف يوثق أفعال وأعمال هذه الحركة والجناية التي ارتكبتها بحق اليمن، اليمن الشعب والأرض والهوية والجمهورية والدولة، الجهد الوطني في هذه المعركة هو الفارق، الذي يمكن الركون عليه، لا مجرد ردة فعل أو عمل لحظي ينتهي بانتهاء اللحظة والزمان والمكان، كما أنه عمل الناس جميعا، النخب والمجتمع والعقول والمفكرين، لا أحد ينتظر من غيره القيام بواجبه، كما لا أحد ينتظر من الحكومة الشرعية القيام بشيء يبدو أنه أكبر من حجمها، رغم أنه واجبها الرئيسي والأساسي، لكن المطلوب هو عمل يرقى للمسؤولية الوطنية والتاريخية وعلى كل يمني مقتدر، بعيدا عن حزبه ولونه ومنطقته.
 

التعليقات