احتفاء بيوم الأغنية اليمنية
السبت, 26 يونيو, 2021 - 10:11 مساءً

أفضل عمل جامع يستحق الشكر، هو هذا الذي ينشط فيه الجميع احتفاء بـ ‫#يوم_الأغنية_اليمنية‬، وهي ذكرى يفترض أن لا يختلف قيمتها عن اليوم الوطني للجمهورية اليمنية، من حيث الفكرة والمبدأ والغاية النبيلة.

الأغنية اليمنية حقيقة مستباحة منذ القدم، قفز على ظهرها كثير من الفنانين المغمورين، ولم يشيروا لأصحابها الحقيقيين حتى ولو إشارة خجولة، لم يكن لها حقوق محفوظة، ولا إرشيف يخلد قيمتها لحنا وأداء وكلمات، ما جعلها سهلة السطو والسرقة، مثلها مثل الذات اليمنية، التي تهمشت وأصبح اليمني هزيل الهوية تائه الحضور والمعنى.

تعرضت الأغنية اليمنية لحملات ظالمة وإقصاء ممنهج من الحياة العامة منذ اللحظة الأولى لتدخل الأيادي الظلامية، وحوربت من رجال المعبد، الذين تتابع عملهم حتى تم إقفال السينما وتمييع المسرح، اختفت من المناهج التعليمية، فكان طبيعيا أن تشوه ويتم التعامل معها باحتراز كما لو أنها مرضا معديا يجب الحذر منه والتحذير منه.

المجتمع اليمني الوحيد من بين المجتمعات العربية الموهوب بالفطرة، من حيث الفن والغناء، لا أحد مهاجله الزراعية في الريف والأودية على شكل أغاني وتمايل مثل اليمن، ومن المفارقة أن الأغنية الشعبية حظيت بمكانة عالية في الريف أكثر من المدينة، كانت في كل بيت ومزرعة وعلى لسان النساء والرجال والأطفال، وهذا تكثيف باذخ الدلالة والحضور.

لا أحد كاليمني يعزف العود كما لو أنه يعزف بالأوردة والشرايين، دقة متناهية في البهاء والعظمة، وحين تسمع فنانا يعزف بالعود بإتقان فأعرف أنه يمني أو تلقى عنه، ليست عصبية وان كانت هنا محمودة، لكنه إنصاف يستحق التواطؤ والانحياز، فالعود اليمني هو التعبير الأمثل للهوية اليمنية

في اليمن اليوم هناك فنانين جيدين، لكنهم أكثر من ألحق العار بالأغنية اليمنية، حينما أظهروها بدون كاريزما؛ شوهوا جمالها بالمظاهر المخلة التي لا ينبغي أن تظهر بالقنوات واليوتيوب ومواقع التواصل، القات مثلا، شأن مجتمعي داخلي، لم يكن يجدر بالفنان وهو يؤدي أغنية وهو بهيئة حاطب ليل، لأن ما يليق بالأغنية من هذا النوع هو الظهور بالمظهر الجمالي الكامل والمنزه عن كل الشوائب، ولا زالوا يرتكبون الخطايا وبنفس الطريقة، وبأقبح الطرق بشاعة.

اليوم أمام الوزارات والجهات المعنية بالثقافة والفن، اعادة إحياء هذا الأرث وتنزيهه من الدنس الذي لحق به، وتنقيته من الشوائب والدخلاء، أمامهم مهمة وطنية غاية في الأهمية للإنتصار للأغنية اليمنية واعادة الألق الذي تستحقه، والحضور الذي يعيد لها الوهج، إنها معركة لا تقبل الهزيمة فيها أبدا، تبدأ من الأرشفة وحفظ الحقوق، وتنتهي بمحاربة الظواهر الفنية التي تسيء لهذه الأغنية، التي تستحق ما هو أكمل من هذا وأجمل.

كل عام ونحن في اليمن نغني ونرقص، ولو أننا هكذا كل عام لما كان للحرب والصراعات أن تدمر ذواتنا وبلادنا، ولما وجد لها بشرا وتجارا، لكنها فرصة لعلنا نتعظ ونعتبر.


*نقلا من حساب الكاتب على فيس بوك

التعليقات