وصل السفير السعودي إلى صنعاء للقاء مليشيا الحوثي، إذا لم تصل المدرعات أو الجيش كما كنا نأمل ولم تعود صنعاء، فذهبنا إليها.
الجميع يرقبون بحذر بما في ذلك الشرعية، ما ستفضي إليه نتائج الأحداث القادمة، لا تصور حقيقي وواضح لديهم، لكنهم يمسكون جوانحهم ويهمسون "لقد خذلنا".
كنا نهزأ من أحدهم كيف أضاع وطنًا وذهب للحديث عن طرق التوفير في استخدام منديل الفاين، لكنها الحكمة البالغة التي لم يدركها الكثير منا.
هناك ممكن يصمت عن فداحة ما يجري، بانتظار أين سترسو المركب؟ ليتأكد أين سيكون موقفه ومع من! وهناك من يصلي بإيمان، فإن الفارس في مشيته سيظل فارسًا رغم كل شيء، فتلك ألوهية أخرى لا نقاش حولها.
من العبث القول أن خسارة اليمنيين هزيمة إقليمية، أن ننظر إلينا من خلال مصالح ومخاوف الأخرين، بل إن خسارة اليمنيين هي تراكم المأساة لملايين وقعوا تحت رحمة المليشيا التي لن تقف بمسؤولية أمام أي اتفاق، والجميع يدرك ذلك.
إنها تحارب وتناور وتفاوض وتصالح وفق مصالحها الخاصة، وليس البلد، ستحارب السعودية، وتتصالح معها وستلعن أمريكا وتذهب معها حتى النهاية تحت لافتة محاربة الإرهاب.
لكن سيظل حكم المليشيا كما هو ولن يتغير، ستحكم بالحديد والنار، ستقتل وفق أحكامها، ستفجر وتقصف وتنهب وستفاقم الأزمة الإنسانية وستأخذ البلد الى أبعاد كارثية غير مسبوقة، فقد أصبحت اليوم تملك الحق الشرعي الى جانب الحق (الإلهي).
البلد يضيع الى الأبد، حسنا ما الجدي، نعم كان يضيع لكن كان لدى الناس إيمان أن هناك دولة (ولو كانت رماد) وهناك مليشيا وانقلاب وزوالهم حتمية وطنية، أما اليوم فالوضع مختلف.
كنا نقول أن خسارة اليمن ليست مجرد مأساة لليمنيين، بل هي خطرا على المنطقة بأسرها، لكن يبدو أنها حسابات خاطئة، وأن انقسام الدولة وحكم المليشيات ربما أفضل للسعودية من دولة مستقرة، فما أسهل أن تتحكم بفصائل متحاربة.
نعم جميعنا نبحث عن السلام، فقد أرهقتنا الحرب، لكن سلام لا يأتي على كتف عدالة انتقالية، ولا يحمي الناس من اضطهاد المليشيا لهم وقمع حرياتهم، ولا يجبرها على وقف استخدام العنف، هو سلام يمضي وفق مصالح الاقليم والمليشيا، ويفتح أبوابا أخرى لحكم قائم على العنف والقهر لعقود قادمة.