يُعدّ تيار التغيير والتحرير، بقيادة الأستاذ رياض النهدي والمهندس محمد السعدي، نموذجًا فريدًا في المشهد السياسي اليمني، لما يمثّله من تحوّل لافت من مسار العنف إلى العمل السياسي السلمي.
فهذا التيار، يحمل في طياته رسالة مهمة تعكس ضرورة احتضان كل الجهود الرامية إلى تحقيق السلام والاستقرار في البلاد، فالمبدأ الذي يسير عليه تيار التغيير والتحرير يرى أن الحل السياسي هو الطريق لإنهاء الصراعات.
فما يميز تيار التغيير والتحرير هو التحول الجذري في مسار قياداته التي كانت في السابق تنتمي لتنظيم القاعدة، فاتخذت هذه القيادات في عام 2018، قرارًا حاسمًا بالتخلي عن التنظيم وقطع العلاقة معه بشكل كلي، بعد مراجعات فكرية شاملة، وهو ما أحدث تأثيرًا بالغًا على نفوذ القاعدة في محافظات حضرموت وشبوة وأبين التي كانت تمثل معقلا رئيسا للتنظيم، حيث تقلص حضورها بشكل ملحوظ.
لم يقتصر التأثير على الهيكل القيادي للتنظيم فحسب، بل امتد ليشمل المئات من عناصره الذين تركوا السلاح والعنف، وهو ما أثر بشكل كبير على بنية التنظيم وأدائه، الأمر الذي ساهم في تراجع عمليات التنظيم وتلاشيها بشكل غير مسبوق، ويُقدم هذا التحول كأحد أهم إنجازات التيار في مكافحة التطرف.
إن الترحيب بقيادات منشقة عن القاعدة في مجال العمل السياسي في اليمن يُعدّ خطوة استراتيجية بالغة الأهمية، فمن شأن ذلك أن يشجع بقية قيادات التنظيم على ترك السلاح ونبذ العنف، ويدفعهم نحو الانخراط في مسار سياسي سلمي يخدم مصالح اليمنيين.
فالترحيب بهم مهم للغاية ليس فقط لاستيعابهم، بل لأنه يشكل "حافزاً قوياً" و"رسالة عملية" لبقية القيادات والعناصر داخل التنظيم بأن هناك بديلاً مقبولاً ومجدياً بعيدا عن طريق العنف، مما قد يدفع بالمزيد إلى الانشقاق واختيار السياسة.
إضافة إلى أن القبول بتيار التغيير والتحرير وإشراكه في الحكومة، يعد بارقة أمل حقيقية ورسالة واضحة لجماعة الحوثي لترك السلاح والانخراط في العمل السياسي.
لذلك ينبغي على الأطراف السياسية اليمنية أن تمنح قيادة تيار التغيير والتحرير فرصة حقيقية، من خلال إشراكهم في مؤسسات الدولة، هذا الإشراك ليس مجرد دعم، بل هو تشجيع ملموس لتعزيز العمل السياسي السلمي، لا سيما وأن قيادة تيار التغيير والتحرير تمتلك كفاءات متنوعة ونزيهة في مجالات مختلفة، مما يؤهلها للمساهمة بفاعلية في بناء الدولة ومؤسساتها، ولأن إدماجهم هو تشجيع عملي لمسار التحول من العنف إلى السياسة واعتراف بجدواه.
يمثل تيار التغيير والتحرير أملاً جديداً في بناء مستقبل سياسي أكثر استقراراً وتنوعاً في اليمن، فمنح هذا التيار الفرصة للعمل السياسي الفعّال وإشراكه في مؤسسات الدولة يمكن أن يكون خطوة جريئة نحو بناء يمن جديد، يمن اتحادي فيدرالي، يستند إلى التنوع والتعددية ويعزز من قيم الديمقراطية والعدالة.
يتبنى تيار التغيير والتحرير رؤية واضحة لليمن تتمثل في قيام اليمن الاتحادي الفيدرالي، وهو بذلك يُعدّ أول مكون سياسي حضرمي جنوبي يتأسس داخل الجنوب ويتبنى رسميًا هذه الفكرة، على اعتبار أن كافة الأحزاب التي تبنت هذه الفكرة تأسست في صنعاء.
هذا التوجه يعكس فهمًا عميقًا لطبيعة التحديات التي يواجهها اليمن، ويسعى إلى بناء دولة تقوم على الشراكة والتعددية، وتضمن تمثيلًا عادلًا لكافة المكونات اليمنية، ويأتي في سياق البحث عن حلول بناءة للمشاكل السياسية والاقتصادية والأمنية التي تعاني منها البلاد.
يمتلك تيار التغيير والتحرير نفوذًا واسعًا جدًا في حضرموت والجنوب بشكل عام، بالإضافة إلى محافظات مثل مأرب والبيضاء والجوف نظرا لارتباطه القوي بقبائل هذه المحافظات، ويمكن له أن يحدث فارقاً كبيراً في دعم الشرعية والحفاظ على مؤسسات الدولة في مناطق نفوذه.
حيث أن إشراك تيار التغيير والتحرير في مؤسسات الدولة ليس فقط ضرورة سياسية، بل هو أيضاً خطوة نحو تعزيز الاستقرار وتقوية البنية السياسية في اليمن، فالنفوذ الكبير الذي يمتلكه التيار يجعله قادرًا على إحداث فارق مهم في مدى دعم الشرعية وتعزيز حضورها بشكل قوي.
فانخراط تيار بهذا الحجم والتأثير في العمل السياسي السلمي يعزز من فرص تحقيق الاستقرار ويساهم في بناء دولة قوية وموحدة.
يمثل تيار التغيير والتحرير بقيادته نموذجًا للإصلاح والتغيير الإيجابي في اليمن، فدعمه وإشراكه في العملية السياسية، يمثل استثمار في مستقبل اليمن السلمي والمزدهر.