[ سلمان القباتلي ]
سلمان القباتلي أديب يمني شاب برع في فن أدبي خاص به هو فن الرسائل الأدبية، قال عنه الأديب اليمني الكبير عبدالعزيز المقالح "ينجح سلمان في اعادة هذا اللون الأدبي إلى الواجهة".
له كتاب أدبي في فن الرسائل بعنوان: إنه من سلمان صادر عن دار نقش للنشر في صنعاء ويعد أول كتبه الأدبية المطبوعة.
سلمان أحد الأدباء الشباب الذين قفزت أسماءهم إلى صدارة المشهد الأدبي مؤخرا.. ولأنه كذلك حرص "الموقع بوست" على إجراء هذا الحوار القصير معه، كنوع من الاعتراف بهذا الأديب الشاب الذي يكتب الرسائل الأدبية للجميع.
نص الحوار:
*سلمان لقد أخترت فن الرسائل الأدبية، كيف وجدت نفسك مع الرسائل هل وعيت منذ البداية أن هذا اللون من الفنون في اليمن ضعيفا ومرتاديه قليلون أم أن هناك موقف ما بحياتك جعل من سفينتك تمخر عباب هذا البحر الأدبي؟!
**سعيد جداً لأن أكون ضيفاً معكم وشكراً لهذا التكريم بهذه الاستضافة.
فن كتابة الرسائل لم أتحرَ أن أكتب في الرسائل بذلك المستوعب لكيفية صياغة الرسائل ما كان يختلج بداخلي خاصة أمام بعض المواقف والأشخاص كنت أكتب ما أجده بداخلي بدون تصنيف أن ما أكتبه ينتمي إلى فن الرسائل الأدبية أو إلى النثر والسرد، لم أكن أشغل نفسي بتصنيف ما أكتب أكثر من الإهتمام التام فيما أكتبه.
كان ذلك في البداية حتى استوعبت إلى حد ما مفهوم كتابة الرسائل أو بالأصح استحسن ذلك الأسلوب القراء والمتابعين في صفحتي، لأنني كنت اشتغل على كتابة الرسالة الواحدة وقتا طويلاً حتى أشعر أنه من الضروري أن تعبر هذه الرسالة عن أكبر شريحة من المتابعين فكانوا يستأنسوا عندما يجد كل واحد منهم ما يلامسه فعلا في مثل هذا الموقف. وخاصة بعد أن اشتهر أكثر نص لي والذي كان عبارة عن رسالة وهو الرد الذي كتبته على لسان مذيعة قناة الحدث كريستيان واستحسنوه كثيرا، فكان ذلك دافعاً للكتابة والاستمرار في هذا الطريق وهذا الأسلوب بغض النظر عن تسميته.
*هل تعتقد انك نجحت في إعادة فن الرسائل كلون أدبي في اليمن إلى الواجهة من جديد؟
**هذا السؤال أعتقد يمكن أن يوجه لمن يقرأون لسلمان أكثر من سلمان. لأن الكاتب يكتب ويترك النص هناك وينتهي حين ينتهي منه، لأنه لو توقفنا كثيراً على نتائج ما نكتب فقد يصاب الكاتب أحياناً بالإحباط وخاصة عندما يتوقع صدى كبير لبعض ما يستحسنه مما كتب، لكن لا يصل حتى لنص ما توقعه، وقد يعجب القراء والجمهور بأشياء يراها الكاتب عادية.
لكن بالمناسبة أكتب لك الجواب عن هذا السؤال في الوقت الذي استقبل رسالة على الماسنجر من زميلي وصديقي الكاتب الذي فجرت الغربة بداخله موهبة الكتابة م. رشدي المخلافي أرسل لي جزاء من لقاء إذاعي مباشر مع إذاعة الأوراس في الجزائر وقد فاجأني أنه اختارني كمثال على الأديب المتمكن في الأدب الحديث في اليمن، وهذا يسعدني جداً أن تصل رسائلي إلى خارج الحدود وتؤثر على ذائقة القارئ اليمني الشاب وأن يلمس فيها الشباب ما يعجبهم، ويسعدني أكثر أنني أشق هذا الطريق أمام نفسي وأمام الكّتّاب القادمين لنخرج ما بداخلنا بما نشعر أنه قريب منا وقريب ممن يقرأ لنا أيضا.
* أخبرني كيف التقيت بكراسة الأدب ؟
**في الحقيقة لم نلتقِ بعد، لا أشعر أنني استعديت للكتابة بكامل ذلك الطقوس.
الكلمة تأتي فجأة كالرصاصة فتجد نفسك تكتب ولو لم تمتلك كراسة أو قلم أو جوال حتى لولم يكن الجو مهيأً للكتابة، وأكثر هذه اللحظات التي كانت تقتحمني الكتابة وأنا على متن الباص مسافر من صنعاء إلى إب أو العكس، كنت مجرد راكب يكتب ليصل سريعاً، راكب ينسى كل ما كتب عند أقرب مطب أو نقطة تفتيش، يغادر الكتابة عند أقرب (على جنب يا سواق).
*غالبا ما تجد أن البعد والشوق والحرمان هي مفردات الكثير من الأدباء. ما هي مفردات رسائلك الأدبية؟
**ستجد البعد والشوق أيضا بين مفرداتي، ولكن الحرب اقتحمتني قبل رسائلي.
*لكن عموماً ومن خلال قراءتي لرسائلك الأدبية في كتاب "انه من سلمان" تطغى مواضيع الحرمان والقهر على موضوعات رسائلك، هل ذلك بحكم تجربتك الإنسانية وظروفك الحياتية التّي مررت بها؟
**ماذا نتوقع من الحرب غير الحرمان والقهر.
في الحقيقة لم أكن أكتب لأعبر عما بداخلي كنت مجرد واسطة بين القارئ واليمني البسيط المتضرر من الحرب وظروف اليمني المقهور الذي بداخله من الكلام ما يمد مئات الشعراء لمئات السنين، لكنهم كأم الشهيد اللواتي يتركن الكلام للشعراء وهن أكثر حزناً من الجميع.
كانت فقط محاولة مني أن أكتب عن اليمني البسيط الذي يموت ويموت الكلام بداخله إلى الأبد.
*ما هي أبعاد الرسائل الأدبية لسلمان القباتلي؟
**ليس هناك أي أبعاد عميقة، سواء أن أحاول أن أجعل الكاتب اليمني الشاب حاضرا في أغلب المواقف والأحداث لأنها قد تنتهي الأحداث والمواقف وينسوها الناس وتبقى الحالة الشعورية التي كتب عنها الأدباء.
*هل تعتقد أن الترسل من حيث هو جنس أدبي يختفي في اليمن وما هي الأسباب من وجهة نظرك؟
** لا أدري إذا كان مختفي في اليمن أو نحن المختفين عنه، لكن ما يمكن أن أقوله لك أننا في اليمن نمتلك ثروة هائلة من الكُتّاب والشعراء والأدباء بجميع الأشكال الأدبية، وفي الفترات المتأخرة قد تجد في اليمن الكتّاب والشعراء أكثر من القراء وذلك نتيجة لتدهور الأوضاع في البلاد وهروب الشريحة المتواضعة للتخفيف عن معاناتها عن طريق الهمس في أذن الحروف.
*وأنا أقرأ رسائلك الأدبية وجدت انها تنتقد لعنصر الحوارية فهي رسائل احادية الاتجاه والبعد على لسان شخص معين دون أن تكون الرسائل على موعد مع الرد الذي لا يأتي عدا رسالة العمودي للكريستيان وردها الذي جاءعلى لسانك؟ كيف تنظر أنت لهذه الملاحظة؟
** لا أدري ماذا تقصد بالحوارية، إذا كنت تقصد أنني أبني رسائلي على حوارات مع المرسل إليه فقد تجد هذا الأسلوب في الرسالة التي وجهتها لزوجتي في عيد ميلادها.
أما إذا كنت تقصد أن الرسائل كانت في مسار واحد دون أن تنتظر الرد، فلم يكن يهمني الرد وخاصة من المرسل إليه وإنما كان يهمني أن تصل الجميع ولو أنها موجهة لشخص بذاته.
لأنها كتبت بلسان الجميع أيضا وقد تكون هذه الرسائل هي عبارة عن ردود لرسائل استوقفتني، مثل الرسالة التي كتبتها على لسان المذيعة كريستيان أو الرسالة التي كتبتها على لسان الشهيدة الفلسطينية شيماء أبو العوف، ردا على رسالة خطيبها أنس اليازجي.
* سلمان أين تريد أن تنتهي بك العلاقة مع رسائلك الأدبية؟ ما هي تطلعاتك في هذا الصدد؟
** لا أريد أن تنتهي بي العلاقة مع الرسائل أو الكتابة، أريد فقط أن تنتهي الحرب، لأتمكن من كتابة رسائل أخرى لا تكتب في الحرب مثلا رسالة إلى فتاة صنعانية صادفتها في المطار عائدة من هولندا لعلها تأخذني في رحلتها القادمة.
*أخيرا نود رسالة منك تريد أن توصلها لقرائك؟
**رسالتي لكل قارئ، أقرأ حتى تُقرأ.