[ المحافظ السابق بن عديو أثناء أدائه اليمين الدستورية أمام هادي - وكالة سبأ ]
في أواخر أغسطس 2019م انحسر التواجد الاماراتي في محافظة شبوة جنوب شرق اليمن، بعد سيطرة قوات الشرعية والجيش اليمني على كامل تراب المحافظة الغنية بالنفط، والتي تقع على سواحل البحر العربي في عملية عسكرية أظهرت حينها التباين السعودي الاماراتي الذي كان للأولى دورا بارزا ودعما كبيرا في عملية تطهير شبوة من النفوذ الاماراتي بالقوة، وإنهاء التواجد العسكري لما كان يسمى بقوات النخبة الشبوانية، التي تدين بالولاء لدولة الامارات العربية المتحدة، وبقي تواجد الامارات رمزيا في معسكر العلم شمال العاصمة عتق، ومنشأة بلحاف الغازية جنوب المحافظة.
حضور سعودي باهت
كان للسعوديين حضورا وتواصلا مع القيادة المحلية في محافظة شبوة بقيادة محافظها محمد صالح بن عديو الذي ينتمي لحزب التجمع اليمني للإصلاح، ويعتبر شخصية قبلية هي الأقوى، حيث ينتمي لقبيلة لقموش الحميرية، وينحدر من بيت مشائخي، واكسبته هذه الصفة امكانيات هائلة في كيفية إدارة المحافظة التي تعيش كم كبير من التناقضات، والتي خرجت وقتها من حرب ضروس كادت تعصف بالمحافظة.
حاول السعوديون خلال تواجدهم العسكري في مطار عتق أن يكونوا هم المتحكمين في القرار الشبواني عبر الأجهزة الأمنية والعسكريةـ وهذا مالم يوافق عليه حاكم شبوة الذي كان يرفض أي تدخلات في شؤون المحافظة، واعتبار ذلك انتقاص للسيادة والتدخل في اختصاصاته التي منحها له الدستور والقانون، وكانوا يحضون باحترام كبير من قبله، وهذا مالم يرق للسعوديين في مطار عتق، فدبجوا التقارير – وفقا لمصادر خاصة - الى قياداتهم بتمنع محافظ المحافظة عن تلبية رغباتهم، ووضع العراقيل أمام تدخلاتهم واعتبارهم من قبله كضيوف على المحافظة.
التضييق على الإمارات
كان الاماراتيون نهاية كل شهر يقومون بعملية تبديل لقواتهم المتواجدة في معسكر العلم، والمرور عبر المحافظة، وكانوا يطلبون بلاغات المرور من السعوديين الذين بدورهم يطلبون الاذن من محافظ المحافظة، حيث يأذن لهم بالعبور، إلا أنهم يتعرضون لكثير من العراقيل والتأخير في النقاط التابعة للحكومة الشرعية وسط امتعاض سعودي كبير أبدوه تجاه ما يتعرض له حلفاءهم في التحالف العربي من تصرفات النقاط الأمنية، والتي يصل غالبا الى العتاب بأن ما يحدث هو نوع من الاهانة للتحالف العربي، إضافة للتصريحات الصحفية التي كان يصرح بها المحافظ بن عديو من حين لاخر عن الإمارات، واحتلالها لمنشأة بلحاف الغازية وعرقلة عودة عمل تصدير الغاز المسال عبر المنشأة، وهذا ما كان يسبب لهم إحراج امام الرأي العام اليمني وحتى الخارجي، وفقا لمصادر تحدثت للموقع بوست.
سيطرة الحوثي في شبوة
في أواخر سبتمبر من العام 2021 تم اجتياح مديريات بيحان الثلاث من قبل جماعة الحوثي، وانهيار قوات الجيش الوطني الذي كان يرابط على الحدود مع محافظة البيضاء، وهذا ما جعل الماكنة الاعلامية المدعومة من الإمارات تضخ موادا اعلامية تتهم فيها المحافظ بن عديو والجيش الوطني والاجهزة الأمنية بالتواطئ لتسليم المديريات الثلاث للحوثيين، ولاحقا ظهر العضو البرلماني الشيخ عوض محمد بن الوزير الذي أصبح محافظا لاحقا للمحافظة لاقامة مخيمات اعتصامات ضد المحافظ بن عديو، والسلطة داخل المحافظة، وهذه الخطوة اعتبرها محللون وقتها أنها كانت مدعومة إماراتيا، وكانت الخطوة الأولى لعودة الامارات إلى محافظة شبوة والسيطرة العسكرية عليها.
صراع بين السلطة والسعوديين
تسريبات إعلامية ومصادر مقربة من محافظ شبوة محمد بن عديو تحدثت عن خلافات حدثت بين قائد القوات المشتركة السعودي الفريق الركن مطلق الأزيمع وبين المحافظ، على إثرها حظر المحافظ بن عديو الاتصال مع الأزيمع، وقرر عدم التواصل معه، وهو ما أثار حفيظة السعوديين، وأدى لتوقف الطيران عن التحليق في سماء بيحان، وتوقيف الدعم للجيش الوطني المرابط في أطراف مديريات بيحان، والذي كان يقوم باعمال قتالية مع جماعة الحوثي، وهذا ما لم يكن يرضي السعوديين عقب اختلافهم الحاد مع محافظ المحافظة.
استغلال إماراتي للخلاف
استغل الاماراتيون الخلاف الحاصل بين ممثل الشرعية في محافظة شبوة، والسعوديين، ودخلوا على الخط، وتعهدوا للسعوديين بتحرير مديريات بيحان وحريب، ومن ثم الانطلاق لتخفيف الضغط على مأرب، شريطة إخراج بن عديو من قيادة سلطة شبوة، لكن هذا لم يرق للجانب السعودي وقتها، فرفعت الطلب للرئيس عبدربه منصور هادي لتنفيذه، وهو ما رفضه هادي في بداية الأمر، إلا أن السعوديين ضغطوا على الرئيس بالتغيير، وتم إيقاف طلعات الطيران على محافظة مأرب حتى وصلت جماعة الحوثي إلى جبل البلق الشرقي المطل على مجمع المدينة، ومديرية الوادي، وهذا ما جعل الرئيس هادي يرضخ للضغوطات والموافقة على تغيير بن عديو من قيادة سلطات محافظة شبوة، واشترط على أن يتولى السلطة فيها الشيخ عوض محمد بن الوزير العولقي الذي كان يرفض تولي أي مسؤولية في المحافظة.
المحافظ الجديد وتمكين الامارات
بتاريخ 25 ديسمبر من العام المنصرم أصدر الرئيس عبدربه منصور هادي قرارا جمهوريا يقضي بتعيين الشيخ عوض محمد العولقي، والذي ينتمي لحزب المؤتمر الشعبي العام محافظا لشبوة، والذي كان قد قاد حراكا سياسيا وشعبيا خلال الأشهر الأخيرة ضد المحافظ المقال.
على إثر هذا القرار دخلت شبوة مرحلة جديدة من التغيير السياسي والسيطرة السعودية التي تمت في أواخر أغسطس عام 2019م، وبدأ الاماراتيون بتسيير مئات الأليات العسكرية التابعة لقوات العمالقة المدعومة من قبلهم من الساحل الغربي باتجاه محافظة شبوة لغرض تحرير مديريات بيحان المحتلة، وفي يوم وصولهم تمركزوا في مطار عتق الدولي وسط عاصمة المحافظة، وأخرجوا القوات المتواجدة فيه، والتي كانت تتبع لواء الشرطة الجوية المختص بحماية المطارات المدنية، وعلى إثر ذلك الاحتلال أطلق الحوثيين صاروخا بالستيا استهدف القوات المتواجدة داخل المطار، والتي دخلت إليه للتو.
سيطرة إماراتية وغياب السعوديين
بعد تحرير بيحان من قبل قوات العمالقة المدعومة من الإمارت أرسلت الإمارات مئات العربات العسكرية من قوات تابعة لها اسمتها بقوة دفاع شبوة، والتي كانت تحمل اسم النخبة الشبوانية، وسقطت في معركة 2019م أمام القوات الشرعية، ولم يتبقى للسعوديين أي حضور عسكري أو سياسي في محافظة شبوة، بل أصبح الإماراتيون هم من يتحكم بالقرار الشبواني داخل المحافظة عبر المحافظ ابن الوزير الذي لا يمانع في تنفيذ أي طلبات لهم، ومنها إفراغ معسكرات الحكومة الشرعية، وتسليمها لقوات ما يسمى دفاع شبوة والعمالقة وسحب بعض الوحدات الأمنية من النقاط واستبدالها بهذه القوات.