قيادة انتقالي حضرموت في السعودية..تفكيك لأدوات الإمارات أم محاولة احتواء؟ (تحليل)
- خاص الاربعاء, 14 فبراير, 2024 - 09:48 مساءً
قيادة انتقالي حضرموت في السعودية..تفكيك لأدوات الإمارات أم محاولة احتواء؟ (تحليل)

[ القيادي في الانتقالي بحضرموت سعيد المحمدي مع قائد قوات التحالف سلطان البقمي ]

تُثير زيارة رئيس الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت سعيد أحمد المحمدي، للسعودية ولقائه في منطقة شرورة، قائد قوات الدعم والإسناد في القوات المشتركة للتحالف العربي لدعم الشرعية، اللواء الركن سلطان بن عبدالله البقمي الكثير من التساؤلات.

 

وأمس الثلاثاء، التقى القيادي في الانتقالي المحمدي، في ختام زيارته للمملكة العربية السعودية، قائد قوات الدعم والإسناد في القوات المشتركة للتحالف العربي، اللواء الركن سلطان بن عبدالله البقمي.

 

وبحسب الموقع الرسمي للمجلس الانتقالي فإن المحمدي ثمن دور قوات التحالف العربي في تحرير العاصمة عدن من جماعة الحوثي وتطهير حضرموت من الإرهاب.

 

ولم يذكر الموقع مزيدا من التفاصيل، بشأن اللقاء، إلا أن تصريحات القيادي في الانتقالي خلت من المصطلحات المتشنجة والحديث عن فك الارتباط (الانفصال)، وتضمنت تصريحاته أيضا الثناء على الجهود الشخصية للواء البقمي في توفير عوامل الأمن والاستقرار لحضرموت والجنوب والمحافظات اليمنية المحررة.

 

وتأتي زيارة المحمدي برفقة عضو الجمعية الوطنية للمجلس عمر باشقار، ومدير مكتب رئيس الهيئة سعيد خالد، تزمنا مع تصعيد الانتقالي في حضرموت لمنع قوات "درع الوطن" المدعومة سعوديا من الاستقرار بالمحافظة.

 

كما تأتي زيارة المحمدي إلى السعودية بعد أيام من تصريحات له طالب فيها بإخراج قوات "درع الوطن" من حضرموت.

 

اقرأ أيضا: حضرموت من جديد.. صراع سعودي إماراتي بلباس عسكري وتمرد للانتقالي على العليمي

 

وزعم القيادي في الانتقالي أن قوات "درع الوطن" شكلت لتحل محل قوات المنطقة العسكرية الأولى، الموالي الكثير من أفرادها للحوثيين والجماعات الإرهابية"، مطالبا قيادة التحالف العربي بالإسراع في إخراجها من وادي حضرموت، مؤكدا رفضه القاطع لإدخال أي قوات لمناطق الساحل.

 

وفي 17 من يناير الماضي أعلنت الهيئة التنفيذية للقيادة المحلية للمجلس الانتقالي الجنوبي بمحافظة حضرموت عن رفضها المطلق لاستقدام أي قوة إلى ساحل حضرموت.

 

ودعت الهيئة -في بيان لها- أبناء المحافظة إلى مؤازرة ما سمتها قوات "النخبة الحضرمية" التي تمولها الإمارات، والتصدي للمؤامرات التي تستهدف إضعافها وإسقاطها والتعدي على صلاحياتها في حماية وتأمين مدينة المكلا ومديريات الساحل.

 

وحمل انتقالي حضرموت كامل المسؤولية الجهة التي منحت الإذن (السعودية) بدخول قوات إلى المكلا، متوعدة بالتصعيد، إذا لم تنسحب تلك القوات، لافتة إلى أنها ليست ضد قوات درع الوطن، لكنها مع نشرها لتأمين مناطق الوادي والصحراء.

 

تكهنات الزيارة

 

لقاء المحمدي بقائد قوات التحالف العربي، البقمي، في الوقت الحالي بعد التصعيد أثار الكثير من التساؤلات، منها: هل هي مراوغة سعودية لتفكيك انتقالي حضرموت وضم من تبقى من قيادات مجتمعية وقبلية في المحافظة إلى صفها وسحب البساط على الإمارات؟

 

هذا اللقاء يعود بمحافظة حضرموت إلى الواجهة مجددا، ولكن هذه المرة من بوابة الصراع المستتر بين الدولتين المتحالفتين في اليمن، المملكة العربية السعودية، ودولة الإمارات العربية المتحدة.

 

وخلال الأشهر الأخيرة اتخذ الصراع الراهن في حضرموت يافطة الحضور العسكري، وعكس حالة المنافسة لدى كل دولة لتعزيز السيطرة الفعلية على المحافظة الغنية بالنفط، وذات الأولوية العالية بالنسبة للسعودية، وهو امتداد لحالة الشد والجذب بين الدولتين، وينعكس من فترة لأخرى على الكيانات المحلية التابعة لهما.

 

تتواجد الدولتين فعليا في حضرموت منذ منتصف العام 2015م، عندما شنتا عملية عسكرية ضد تنظيم القاعدة، الذي سيطر على الوضع، بعد سقوط الدولة في صنعاء، وانتهت تلك العملية، بنتيجة لازال يسودها الغموض، في المعركة مع تنظيم القاعدة، وآلت السيطرة الكاملة للدولتين، واللتان عززتا حضورهما عبر العديد من الأوجه، منها تنصيب المسؤولين المحليين التابعين لهما، أو تعزيز تواجدهما العسكري، واتخاذ منشآت حكومية مقرات لهما، كمطار الريان، ثم إنشاء قوات عسكرية تدين لهما بالولاء.

 

منذ منتصف العام الماضي ومع ظهور الخلافات السعودية الإماراتية وتباين أجنداتهما في اليمن إلى العلن عمدت الرياض إلى أسلوب آخر لاستمرار توسعها في الوصول للساحل الحضرمي تكللت بإنشاء "مجلس حضرموت الوطني" وعملت على تحييد قيادات في الانتقالي عن داعمها أبوظبي.

 

بإعلان شخصيات ومكونات حضرمية عن تشكيل "مجلس حضرموت الوطني"، ليكون حاملا سياسيا لأبناء محافظة حضرموت، فإن وحدة أبناء المحافظة، من الناحية الظاهرية، تكون قد قطعت شوطا يزيد من العقبات أمام المجلس الانتقالي الذي يسعى للسيطرة على محافظتي حضرموت والمهرة تمهيدا لمشروع الانفصال.

 

ونظرا لأن السعودية تتمتع بشريط حدودي مع حضرموت والذي يمثل نسبة كبيرة من حدود اليمن بالمملكة، سعت السعودية إلى إبقاء تلك المنطقة (وادي حضرموت) منطقة هادئة شبيهة بما هو معروف بالمنطقة الخضراء بالعاصمة العراقية بغداد عبر احتوى القيادات القبلية والمجتمعية بالترغيب تارة والترهيب تارة أخرى.

 

اقرأ أيضا: وسط غموض وتعدد التكهنات .. ما الذي يدور حول حضرموت في السعودية؟

 

ومن أجل محاصرة الإمارات وأذرعها جنوب اليمن عهدت السعودية على إنشاء وحدة عسكرية تحت إمرتها بمسمى "درع الوطن" يكون مخلبها الخشن ضد شقيقتها الإمارات اللتان يتنازعان المحافظة النفطية بينهما.

 

وفي محاولة لبسط سيطرتها في العمق الجغرافي لحضرموت منعت قوات "النخبة الحضرمية" المدعومة إماراتيا تقدم قوات "درع الوطن" التي أنشأتها السعودية مؤخرا باتجاه مدن الساحل الخاضعة لسيطرة النخبة، الأمر الذي قاد أبوظبي لتحريك أدواتها الانتقالي لإقامة مهرجان وتحشيد تحت ذريعة دعم النخبة الحضرمية.

 

حضرموت في عيون الغرب

 

خلال الأعوام الأخيرة، طرقت دول غربية أبواب حضرموت كثيراً، مثل الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا، إذ كانت ترسل سفراءها لزيارة المحافظة بشكل دوري.

 

وفي 31 مايو/ آيار من العام الماضي، شملت النقاشات الحضرمية في السعودية وجود سفراء أوروبيين يجتمعون للمرة الأولى مع الوفد الحضرمي، في اهتمام واضح بالمحافظة.

 

وذكرت بعثة الاتحاد الأوروبي في اليمن، بأن سفراء الاتحاد الأوروبي حينها أجروا نقاشاً جيداً مع المحافظ "مبخوت بن ماضي" والعديد من ممثلي المحافظة، وهم يؤكدون على هوية وصوت حضرموت القوي في اليمن. وهي المرة الأولى التي يشير فيها الأوروبيون إلى مصطلح "الهوية". مما قد يُفهم أن هناك مساعٍ لتدويل مستقبل حضرموت كفكرة مستقلة عن جنوب اليمن وعن دولة الوحدة، وهو أمر بالمناسبة؛ يتناقض مع المواقف الأوروبية في مسألة "الوحدة اليمنية" التي تعلن عنها باستمرار في ديباجات بياناتها وتصريحاتها الرسمية المتعلقة بالشأن اليمني.

 

يشار إلى أن الدول الأوروبية تلعب دورا مزدوجا في ظاهره، لكنه في باطنه يبدو منسجما إلى حد كبير مع المساعي السعودية في اليمن. 

 

من الواضح أن السعودية التي وجهت دعوة لسفراء الدول الغربية للالتقاء بالشخصيات الحضرمية في الرياض، تريد الإيحاء بأن مستقبل محافظة حضرموت يشكل أهمية بارزة ونقطة ارتكاز أساسية في أي تسوية قادمة، وهو ما يمكن أن يهيئ مساحة كبيرة للمناورة الحضرمية بشكل مستقل، لتشكيل رافعة تمثّل أبناء حضرموت في الاستحقاقات القادمة بعد الحرب، وبعيداً عن فكرتي دولة الوحدة أو مطالب انفصال جنوب اليمن التي يقودها المجلس الانتقالي الجنوبي.

 

ورغم أنّ القيادات الحضرمية التي تحمل مثل هذه المواقف ليست لديها حاضنة شعبية في الداخل، ولا تملك قوة عسكرية على الأرض، غير أنّ التأثير السعودي على حضرموت قد يساعد على تهيئة الأجواء لذلك مؤقتا، ويمكن أن تبني المملكة من خلالها مقاربة لتحقيق أهدافها الاستراتيجية في المحافظة الحدودية المرتبطة معها.

 

قوات درع الوطن والنخبة الحضرمية

 

وتشكلت قوات درع الوطن في التاسع والعشرين من يناير 2023م، بقرار من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي حمل الرقم (18) لسنة 2023م، وتتبعه بشكل مباشر، وهو من يحدد عددها، ومهامها، ومسرح عملياتها، بأوامر مباشرة منه، كجزء من القوات المسلحة، وعين لها العميد بشير سيف قائد غُبَيْر الصبيحي قائدا، وذلك بعد توافق مع باقي أعضاء مجلس القيادة الرئاسي، بما فيهم عضو مجلس القيادة رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي.

 

اقرأ أيضا: حضرموت في مربع الاستهداف.. بين سياسة الرفض والتبعية للانتقالي؟

 

أما قوات النخبة الحضرمية فأنشأتها دولة الإمارات عقب سيطرتها على المحافظة في العام 2015م، وجاء في تقرير الأمم المتحدة نشر في يناير/كانون الثاني 2017 "بينما تُعتبر قوات النخبة رسمياً تحت سيطرة الحكومة الشرعية للبلاد، لكنَّها تخضع فعلياً لقيادة عمليات الإمارات العربية المتحدة".

 

وتتنوع النخبة الحضرمية بين قوات أمنية، وقوات مسلحة، شُكل أغلبها في ألوية قائمة بذاتها، وبأسماء مختلفة، وألحقت بقيادة المنطقة العسكرية الثانية، التي تتمركز بمدينة المكلا، وهذه الألوية هي: لواء شبام، ولواء الأحقاف، ولواء الريان، ولواء بارشيد، وتتمركز جميعها في مدن ساحل حضرموت، وخضعت قياديًّا لمحافظ حضرموت السابق الذي أصبح نائبا لرئيس المجلس الانتقالي اللواء فرج البحسني، بوصفه السابق قائد المنطقة العسكرية الثانية.

 

تدين قوات درع الوطن بالولاء أكثر للمملكة العربية السعودية، بينما تدين قوات النخبة الحضرمية لدولة الإمارات العربية المتحدة، رغم أن غالبية المنخرطين في القوتين من مواطني محافظة حضرموت، وهذا التوزيع المختل في البنية الهيكلية لتلك القوات أسهم في ارتفاع حدة الصراع بينهما، وتربص كل طرف بالآخر.


التعليقات