الانقسام في اليمن يصل إلى البرلمان
- المونيتور - عمار الأشول الخميس, 09 مايو, 2019 - 09:23 مساءً
الانقسام في اليمن يصل إلى البرلمان

[ جلسة للبرلمان في سيئون ]

البرلمان اليمني أمام امتحان صعب، إما أن ينجح في تعزيز فرص السلام في اليمن أو أنه سيكون مجرّد إضافة في تصدّع مؤسسات الدولة اليمنية.

 

استهل البرلمان اليمني جلساته في 16 نيسان/أبريل بمناقشة مشروع قانون يجرّم الحوثيين ويصنّفهم كجماعة إرهابية. للمرّة الأولى منذ أن حلَّ الحوثيون البرلمان اليمني في 6 شباط/فبراير 2015 عقد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي الذي يقود الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً جلسة برلمانية يوم 13 أبريل في مدينة سيئون التي تسيطر عليها الحكومة في محافظة حضرموت. وكان هادي قد أصدر في 10 نيسان/إبريل الحاليّ قراراً جمهوريّاً دعا فيه مجلس النوّاب إلى استئناف جلساته.

 

وحضر الجلسة الأولى غير الاعتياديّة السبت في 13 نيسان/إبريل هادي ونائبه علي محسن الأحمر المقيمين في المملكة العربية السعودية، ورئيس الوزراء معين عبد الملك. وتم انتخاب رئيس الكتلة البرلمانيّة لحزب المؤتمر الشعبيّ العام سلطان البركاني، رئيسًا لمجلس النواب من قبل 138 عضواً من أصل 301 حضروا الجلسة.

 

وفي تصريح في 16 نيسان/ أبريل أشاد برقاني بالجلسة البرلمانية "التاريخية" وعلّق جلسات البرلمان إلى بعد شهر رمضان.

 

وفي حين تُعدّ هذه الخطوة تصدّعاً إضافيّاً في جسد الدولة اليمنيّة على يد الحكومة الشرعية والحوثيين على السواء بعد الانقسام الحاصل بينهما على السلطتين التنفيذيّة والقضائيّة، إلاّ أنّها من ناحية أخرى جاءت لسحب البساط من تحت الحوثيّين المهيمنين على البرلمان برئاسة يحيى الراعي في صنعاء الذي استأنف عقد جلساته في 13 أغسطس 2016.

 

وتأتي هذه الخطة بالتزامن مع دعوة الحوثيّين إلى إجراء انتخابات تكميليّة للمقاعد الشاغرة التي توفيّ أصحابها والبالغة 36 مقعداً، من بينها 24 دائرة انتخابيّة في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، وقد تمّ إجراء الانتخابات هذه بهدف الحصول على المزيد من الأعضاء المواليين لهم ليكتمل النصاب القانوني للبرلمان في صنعاء (156 نائب من أصل 301) أي النصف زائد واحد، بالتزامن مع جلسات البرلمان الأولى التي دعا إلى انعقادها هادي في سيئون. ولكن الانتخابات أدت فقط إلى ملء 24 مقعد ليكون عدد النواب في مجلس صنعاء 140 نائبًا.

 

ويأتي انقسام البرلمان استكمالاً للانقسام الحاصل في مؤسّسات الدولة، بدءاً بوسائل الإعلام الرسميّة التي تمّ استنساخها إلى نسختين، مروراً بالسطات المحليّة، حيث يوجد لكلّ محافظة محافظان اثنان، كذلك البنك المركزيّ اليمنيّ، لا سيّما أنّ هناك واحداً في صنعاء تحت سيطرة الحوثيّين وآخر في عدن تحت سلطة الحكومة الشرعيّة، فضلاً عن رئيسين لمجلس القضاء الأعلى ونائبين عامّين، وحكومتين أيضاً.

 

مجلس النوّاب، الذي تمّ انتخاب أعضائه في المرّة الأخيرة، خلال عام 2003 لفترة 6 سنوات لا يزال هو نفسه إلى اليوم، وذلك نتيجة رفض المعارضة الذهاب إلى الانتخابات، التي كانت مقرّرة في عام 2009 بسبب مطالبتها بتعديل الدستور. وعلى أثر ذلك، تمّ الاتفاق في 26 شباط/فبراير 2009 مع الحزب الحاكم، الذي كان يتزعّمه الرئيس الراحل علي عبد الله صالح، على تأجيل الانتخابات لمدّة عامين، لكنّ أحداث الربيع العربيّ التي اندلعت خلال عام 2011 وما أعقبها من محاولة اغتيال علي عبد الله صالح في مسجد دار الرئاسة ومعه كبار مسؤولي الدولة بمن فيهم رئيس البرلمان وبعض أعضائه، فضلاً عن اجتياح الحوثيّين العاصمة صنعاء في أيلول/سبتمبر من عام 2014 وإعلانهم حلّ البرلمان وتعطيل العمل بالدستور، كذلك دخول اليمن في حرب بعد إعلان السعوديّة عاصفة الحزم في 26 آذار/مارس من عام 2015، كلّ ذلك ساهم في إطالة عمر فترة البرلمان منذ عام 2003 حتّى اليوم.

 

وقال عضو مجلس النوّاب جعبل طعيمان لـ"المونيتور": "إنّ البرلمانات في العالم تحكمها الأغلبيّة، وليس الانقسامات السياسيّة، وحيثما توجد الأغلبيّة العدديّة لأعضاء مجلس النوّاب لا يحقّ للأقليّة الاعتراض".

 

أضاف: "إنّ انعقاد مجلس النوّاب في محافظة حضرموت بتواجد الأعضاء الممثّلين لكلّ المحافظات اليمنيّة، وبحضور رئيس الجمهوريّة ونائبه ورئيس الوزراء وعدد من سفراء العالم، كلّ ذلك يصبّ في صالح الوحدة اليمنيّة، والسير على طريق إقامة الدولة الاتحاديّة بموجب مخرجات مؤتمر الحوار الوطنيّ الشامل، الذي شاركت فيه كلّ المكوّنات السياسيّة".

 

وتابع: "الذين حضروا، بحسب المحضر الموقّع في بداية جلسة الانعقاد الأولى في سيئون، 138 عضواً. وبهذا العدد، تكون الأغلبيّة قد حضرت واكتمل النصاب القانونيّ بعد استبعاد المتوفّين، وعددهم 36 عضواً، إذ أنّ النصاب يكتمل وفقاً لذلك بنصف العدد زائداً واحداً، وهو 134 عضواً عوضاً عن 156".

 

من جهته، رأى عضو البرلمان أحمد سيف حاشد، مؤيد للحوثيين في حديث لـ"المونيتور" أنّ "انعقاد مجلس النواب في سيئون، بالتزامن مع إجراء انتخابات تكميليّة في صنعاء، ليس صدفة، بل يتمّ في إطار تنفيذ مشروع تمزيق وتفكيك اليمن واحتلال ما أمكن منه وفرض الوصاية الكاملة عليه".

 

واعتبر أنّ "وجود أكثر من برلمان يجعل تفكيك اليمن وتمزيقه قيد التنفيذ، وبدعم من الرباعيّة (أميركا وبريطانيا والسعوديّة والإمارات)، وهو ما سيعرّض استقراره للتهديد المستمرّ وعدم الاستقرار في المنطقة كلّها"، ووجّه أحمد سيف حاشد رسالة إلى أعضاء البرلمان في سيئون، دعاهم فيها إلى أن "يتراجعوا عن اجتماع يفتقد إلى الشرعيّة والنصاب القانونيّ لعقده"، معتبراً أنّهم "باعترافهم ببرلمان سيئون، إنّما يشرعنون الحرب ومخرجاتها على حساب مصالح اليمن والشعب".

 

بدوره قال المحامي محمد المسوري لـ"المونيتور": إنه "في ظل تطبيق الإجراءات الدستورية ووفقاً للائحة البرلمان، فإنه لا يوجد برلمانين، إنما برلمان واحد فقط وهو الذي في سيئون، وبالنسبة لمن هم في صنعاء تُعد اجتماعاتهم لا قانونية ولا دستورية".

 

وفي ما يخصّ ردود الأفعال العربيّة، بارك سفراء السعوديّة محمّد آل جابر والإمارات العربيّة المتّحدة سالم الغفلي والبحرين حمود آل خليفة انعقاد البرلمان من خلال حضورهم جلساته الأولى. كما حضر إلى جانبهم مبعوث أمين عام مجلس التعاون الخليجيّ الفريق مدخل الهذلي، سفير كوريا الجنوبيّة وونج شول باك، رئيس البرلمان العربيّ مشعل السلمي، وممثّلة منظّمة التعاون الإسلاميّ نوريه الحمامي.

 

بدوره، أشاد أمين عام مجلس التعاون عبد اللطيف الزياني في 14 نيسان/أبريل في تصريح صحفي بانعقاد جلسات البرلمان، مؤكّداً "دعم دول الخليج ومساندتها للدور المنوط بمجلس النوّاب اليمنيّ محليّاً وفي الساحتين الإقليميّة والدوليّة".

 

هذا التأييد الإقليميّ والعربيّ، رافقه تأييد دوليّ، إذ رحّبت الولايات المتّحدة عبر الناطق باسم خارجيّتها مورجان اورتاجوس، في بيان صحفي في 13 نيسان/ أبريل. كذلك رحّب السفير الأميركي لدى اليمن ماثيو تولر، خلال لقائه بالرئيس هادي في الرياض في 15 نيسان/أبريل باستئناف انعقاد المجلس، وهو موقف لا يختلف عن موقف بريطانيا التي هنّأت عبر سفيرها لدى اليمن مايكل أرون، على تويتر في 14 نيسان/أبريل رئاسة مجلس النوّاب وباركت إعادة انعقاد المجلس.

 

وكردّ فعل على انعقاد البرلمان في سيئون، أصدر البرلمان في صنعاء بياناً في 13 نيسان/أبريل اعتبر فيه أنّ ذلك "مخالفة للدستور ولائحة المجلس الداخليّة"، لافتاً إلى أنّ "دستور الجمهوريّة اليمنيّة واللاّئحة الداخليّة للمجلس ينصّان على أنّ مقرّ مجلس النوّاب في العاصمة صنعاء، وأيّ اجتماع خارج العاصمة هو باطل وغير دستوريّ ولا قانونيّ".

 

وفي سياق منفصل، خرجت مظاهرات في 10 نيسان/أبريل في سيئون مندّدة بانعقاد البرلمان، تبنّاها الحراك الثوريّ الجنوبيّ والمجلس الانتقاليّ الجنوبيّ، اللذان يطالبان بإلغاء الوحدة اليمنيّة وانفصال جنوب اليمن.

 

ولعلّ ما يدعو إلى الوقوف عنده هو تشابه ظروف البرلمان اليمنيّ بنظيره اللبنانيّ إبان الحرب الأهليّة اللبنانيّة، حيث استأنف الأخير نشاطه خلال عام 1989، بعد حرب دامية استمرّت 15 عاماً وبالامتدادات والتدخّلات الإقليميّة والدوليّة نفسها، حيث تدعم إيران "حزب الله" فيما تدعم اليوم الحوثيّين. وبرعاية السعوديّة وعبر البرلمان اللبنانيّ، تمّ تنفيذ اتفاق الطائف الذي لا يزال سارياً إلى اليوم. كما رعت الرياض في عام 2011 المبادرة الخليجيّة في اليمن، وها هو التاريخ يعيد نفسه باللاّعبين الإقليميّين الرئيسيّين ذاتهما السعوديّة وإيران في لبنان واليمن، وببرلمانين هما الأطول فترة في العالم، فهل سينجح البرلمان اليمنيّ، كما نظيره اللبنانيّ في تحقيق السلام في اليمن؟

 


التعليقات