القصف يهدد "سلة غذاء اليمن" بالدمار ويحصد أرواح الفلاحين (تقرير خاص)
- الحديدة - خاص الاربعاء, 24 يوليو, 2019 - 04:20 مساءً
القصف يهدد

[ قصف التحالف وألغام الحوثي وتدميرهم لسلة غذاء اليمن وقتل الفلاحين ]

كانت تهامة قبل بداية الحرب "سلة غذاء اليمن" التي يغطي إنتاجها من المانجو والموز والبطيخ والتمور ومختلف أنواع الخضروات جميع المحافظات، بالإضافة إلى تصدير الفائض لدول الجوار.

 

وبعد خمس سنوات من الحرب، تدهور القطاع الزراعي في تهامة وتعرض لانتكاسة كبرى، نتيجة المعارك وقصف التحالف العشوائي الذي دمر مئات المزارع في السهل التهامي الممتد من محافظة الحديدة غرباً إلى محافظة حجة في الشمال الغربي.

 

وتحولت مزارع الجر الغنّاء بمديرية عبس، التابعة لمحافظة حجة (شمال غربي اليمن)، التي تبلغ مساحتها 15 ألف هكتار، وتعد أكبر مزارع للمانجو في اليمن، إلى أرض جدباء نتيجة استهدافها بشكل شبه يومي من قبل طيران التحالف وبوارجه الحربية.

 

وتسبب قصف التحالف المكثف على مزارع الجر بمحافظة حجة، في مقتل عشرات الفلاحين وتدمير عشرات المزارع ومنظومات الطاقة الشمسية وشبكات الري الحديثة وإحراق مساحات كبيرة من أشجار المانجو.

 

استيلاء

 

واستولى الحوثيون على المزارع المملوكة لكبار المسؤولين في النظام السابق بمنطقة الجر وحولوها إلى ثكنات عسكرية مما جعل جميع المزارع في المنطقة عرضة للاستهداف المتكرر من قبل التحالف بما فيها المزارع المملوكة لمواطنين.

 

 

وفي يونيو الماضي، قُتل طفلان وجرحت امرأتان بقصف جوي للتحالف استهدف إحدى مزارع المانجو بمنطقة الجر غربي مديرية عبس بمحافظة حجة (شمال غربي اليمن) أثناء موسم حصاد فاكهة المانجو.

 

وفي مايو الماضي، استهدفت غارة جوية لطيران التحالف سيارة تقل مدنيين في قرية الحرجة بالقرب من مزارع الجر غربي مديرية عبس أثناء عودتهم من مستشفى عبس الريفي، مما تسبب في مقتل ثلاثة مدنيين وجرح رجل وزوجته.

 

وقُتل العشرات من المدنيين خلال العامين الماضيين بغارات جوية استهدفت مزارع الجر بمديرية عبس والمناطق المحيطة بها تسببت إحداها، في سبتمبر 2017، في مقتل 17 مدنياً وإصابة آخرين.

 

 

ويقدر مكتب الزراعة في محافظة حجة الخاضعة لسيطرة الحوثيين خسائر القطاع الزراعي في المحافظة جراء استهداف التحالف للمزارع ومراكز الصادرات الزراعية ووسائل النقل الزراعية بـ179 مليار و713 مليون ريال خلال الثلاث السنوات الأخيرة.

 

وفي محافظة الحديدة (غربي اليمن) طالت الحرب القطاع الزراعي الذي كان يعمل به أكثر من ثلثي السكان ويعتمدون عليه كمصدر أساسي في رزقهم وتحصيل لقمة عيشهم، بينما هجر غالبيتهم قراهم وبلداتهم ونزحوا إلى مناطق أكثر أماناً هرباً من القصف.

 

ونزح أكثر من نصف مليون شخص من سكان محافظة الحديدة الساحلية (غربي اليمن) الذين يعمل غالبيتهم في الزراعة، من جحيم الحرب ونيران القصف منذ يونيو/ حزيران 2018ً، بحسب إحصائية حديثة صادرة عن الأمم المتحدة.

 

قصف المزارع وإغلاق الأسواق

 

وتسبب القتال الدائر في مدينة الحديدة وضواحيها منذ أكثر من عام في تدمير عشرات المزارع وإغلاق عدد من الأسواق التي يعرض فيها الفلاحون منتجاتهم الزراعية كسوق الحلقة المركزي في شارع الخمسين (شرقي المدينة).

 

 

يقول محمد العقيلي، وهو صاحب مزرعة مانجو في منطقة الكدن (شمال الحديدة)، إن المزارعين في تهامة يواجهون مخاطر بالغة نتيجة استهداف مزارعهم بشكل متكرر من قبل طيران التحالف الأمر الذي أثر سلباً على الإنتاج الزراعي في السهل التهامي.

 

 ويوضح في حديثه لـ"الموقع بوست"، أن إغلاق سوق الحلقة المركزي في مدينة الحديدة عقب وصول المعارك إليه قبل أشهر ألحق أضراراً بالغة بمزارعي المانجو في تهامة الذين كانوا يعتمدون عليه لتسويق منتجاتهم إلى مختلف المحافظات.

 

وبحسب العقيلي، يواجه مزارعو المانجو في محافظة الحديدة مشاكل كبيرة بسبب إغلاق سوق الحلقة المركزي والطريق الرئيسي الذي يربط محافظة الحديدة بالعاصمة صنعاء ومحافظات أخرى جراء المعارك المندلعة في الحديدة منذ أكثر من عام.

 

ويشير إلى مخاطر أخرى يتعرض لها مزارعو المانجو والمنتجات الأخرى تتمثل في غارات التحالف التي تستهدف مزارع المواطنين ومركباتهم في مختلف مناطق المحافظة بشكل عشوائي وتسببت في خسائر مادية وبشرية كبيرة.

 

كساد

 

ويشكو مزارعو الموز التي تشتهر محافظة الحديدة (غربي اليمن) بزراعتها من الكساد وتعرض إنتاجهم في أحيان كثيرة إلى التلف بسبب عدم مقدرتهم على تسويقه بعد إغلاق سوق الحلقة المركزي في مدينة الحديدة.

 

يقول محمد المروعي أحد مزارعي الموز في وادي سهام بالحديدة لـ"الموقع بوست" إنه يتكبد خسائر كبيرة بسبب تلف إنتاج مزرعته من الموز من حين لآخر خصوصاً وأن ثلاجات حفظ الموز في مدينة الحديدة توقفت عن العمل ودمر بعضها جراء الحرب الدائرة في المدينة.

 

 

وأشار المروعي إلى مقتل مدير ثلاجة اليوسفي محمد عبد العليم حسان، ونجل شقيقه أبو بكر يحيى عبد العليم حسان، في أواخر شهر سبتمبر من العام الماضي بغارة استهدفت الثلاجة الواقعة في كيلو 16 شرقي مدينة الحديدة.

 

واتهم المروعي قوات التحالف العربي الذي تقوده السعودية بانتهاج سياسة الأرض المحروقة في الحديدة عبر تدمير مزارع المواطنين وإحراق محاصيلهم بشكل متعمد، مضيفاً بأن الماشية وآبار المياه وألواح الطاقة الشمسية لم تسلم من القصف.

 

وقُتل العشرات من المزارعين والعاملين في المزارع بمحافظة الحديدة بغارات جوية للتحالف العربي الذي تقوده السعودية والتي لم تسلم منها حتى مزارع أبقار شركة المراعي اليمنية التابعة لمجموعة إخوان ثابت في منطقة الكدن، مما تسبب في نفوق المئات من الأبقار وتكبد خسائر مادية كبيرة.

 

الضحية الزراعية للحرب في تهامة أيضاً، هي زراعة التمور أو البلح التي تعمل فيها مئات الأسر في الزراعة والقطاف والنقل والتسويق وغيرها، حيث تأثرت بشكل كبير في مناطق زراعة التمور كالتحيتا والدريهمي، (جنوبي الحديدة) بعد أن حول الحوثيون كثيرا من المزارع إلى حقول ألغام.

 

حقول ألغام

 

وتواجه المزارعين في محافظة الحديدة تحديات أخرى تتمثل في الألغام العشوائية التي زرعها الحوثيون في مزارعهم في محاولة لمنع قوات الجيش الوطني من التقدم وتسببت في مقتل وجرح المئات من المدنيين وحرمان مئات الأسر من زراعة أراضيها.

 

وتدهور القطاع الزراعي بمحافظة الحديدة الساحلية (غربي البلاد) بنسبة 80% وطالت الخسائر المزارعين الذين يعتمدون على التمويل الذاتي، بحسب إحصائية صادرة عن مكتب الزراعة بالمحافظة في كانون الأول/ ديسمبر الماضي.

 

وتفيد إحصائيات شبه رسمية بانخفاض عائدات المزارعين في السهل التهامي بنحو 42 في المئة عن مستويات ما قبل الحرب التي يهدد استمرارها بنتائج اقتصادية كارثية على المستوى البعيد نتيجة ما لحق بالأراضي الزراعية ونظم الري من أضرار ودمار كبيرين.


التعليقات