[ دلالات التوقيت من إعلان الانتقالي حالة الطوارئ والحكم الذاتي للجنوب ]
لم يكن مفاجئا إعلان المجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتيا حالة الطوارئ والحكم الذاتي للجنوب يوم أمس، فالخطوات كانت واضحة باتجاهها إلى إعلان انفصال جنوب اليمن وليس مجرد إعلان الحكم الذاتي وهو هدف المجلس الانتقالي المعلن منذ أول يوم.
كما أن التصعيد السياسي والعسكري لأبو ظبي وأدواتها في جنوب اليمن لم يكن وليد اللحظة، وكان اللافت في مستجدات الصراع تحوله من مستوى الصراع بين مليشيات الانتقالي والقوات الحكومية إلى الصدام بين القوات السعودية والإماراتية ذاتها.
وفي خضم الأحداث المتسارعة يبقى التساؤل الأهم في الوقت الراهن: ما وراء إعلان الانتقالي ودلالات توقيته وتداعياته؟
إعلان إماراتي
تؤكد الوقائع على الأرض منذ اللحظة الأولى لإعلان تأسيس المجلس الانتقالي أن المجلس أداة أبو ظبي ووكيلها في جنوب اليمن، فكل ما يعلنه المجلس ويقوم به يعد قرارا إماراتيا بحتا.
وبالتالي فإن تصعيد المجلس الانتقالي الأخير يأتي في سياق تصعيد أبو ظبي ضد الرياض في اليمن، ففي الوقت الذي تحاول فيه الرياض لملمة الملف وردم فجوة الهوة بين الانتقالي والشرعية وتسعى لسحب جزئي للبساط من تحت الانتقالي وفقا لاتفاق الرياض تدفع أبو ظبي الانتقالي إلى التصعيد لإفشال جهود الرياض وإظهارها بمظهر العاجز أو العدو أمام الانتقالي أو الشرعية.
تبريرات
من جانبه علل المجلس الانتقالي إقدامه على هذه الخطوة بكون الحكومة تنصلت من تنفيذ اتفاق الرياض وفشلت في إدارة المحافظات الجنوبية وعدم إيفائها بدفع رواتب الموظفين العسكريين والمدنيين، إضافة إلى وجود مخطط بإثارة الفوضى بعدن.
ويتضح من خلال تبريرات الانتقالي أن المجلس ماض في هدفه وما أورده من تبريرات غالبيتها غير موجودة، فبرغم عدم التزام الانتقالي بتعهداته وفقا لاتفاق الرياض فإن الحكومة ماضية بدفع رواتب الموظفين في السلكين العسكري والمدني.
دلالات الإعلان
ويعد إعلان المجلس الانتقالي الأخير انسحابا تاما وإطلاق الرصاصة الأخيرة في جسد اتفاق الرياض الموقع بين الشرعية والانتقالي الذي ولد ميتا ولم يجد طريقه للتنفيذ حتى اللحظة.
وبالتالي فإن انقلاب الانتقالي المسلح في عدن والذي حاولت الرياض إنهاءه بشكل سلمي وفقا لاتفاق الرياض استكمله الانتقالي سياسيا بإعلان ما سماه بالحكم الذاتي للجنوب.
وكل ذلك يؤكد أن الإمارات لم تنسحب كما أعلنت من عدن فما زالت ماضية في طريق استكمال مشروعها في جنوب اليمن عبر أدواتها المحلية وتثبيت مصالحها وتحقيق مطامعها بشكل كامل.
نحو الهدف
ويأتي توقيت إعلان الانتقالي في ظل إصرار التحالف العربي على استمرار الهدنة وتمديدها لشهر كامل برغم عدم التزام الحوثيين بها وهي الهدنة التي يؤكد الكثير أنها تأتي لإيقاف الحرب شمالا وإتاحة فرصة من قبل التحالف للمجلس الانتقالي لفرض مشروعه والذي يأتي هو الآخر في إطار سعي التحالف لإنهاء الحرب في اليمن وتهيئة الملعب السياسي قبل ذلك لإتمام صفقة تنهي الحرب.
ماذا يعني الحكم الذاتي؟
وبرغم سعي المجلس الانتقالي للانفصال فإنه لم يعلن ذلك صراحة ويمضي على خطى جماعة الحوثي بالتدرج في الخطوات حتى الوصول للهدف النهائي بدعم وتخطيط إماراتي.
وكان اختيار المجلس لإعلان الحكم الذاتي في الجنوب دقيقا فهو لم يعلن الانقلاب الكامل على شرعية الرئيس عبد ربه منصور هادي بشكل صريح برغم أن الواقع كذلك.
ومن خلال هذا الإعلان فالمجلس الانتقالي يتنصل من الالتزام باستحقاقات التمرد فهو يريد من الحكومة الشرعية دفع رواتب الموظفين فيما يحكم هو ما يقع تحت سيطرته من المناطق الجنوبية.
ولأجل ذلك فقد ظهر رئيس ما يسمى بالجمعية الوطنية للانتقالي أحمد بن بريك وهو يرفع صورة الرئيس هادي خلفه وبجواره العلم الشطري لجنوب اليمن سابقا.
ردود الفعل
ووجه إعلان الانتقالي برفض من قبل عدة محافظات جنوبية إذ استنكرت الإعلان وأعلنت تأييدها للسلطة الشرعية وأهم تلك المحافظات حضرموت وشبوة وسقطرى والمهرة.
في حين أكدت الحكومة اليمنية أن إعلان الانتقالي تمرد وتنصل واضح من اتفاق الرياض، واكتفت بدعوة التحالف العربي لاتخاذ إجراءات صارمة وهو ما لم يصدر حتى اللحظة.
وبين دعوة الانتقالي للرياض بتأييد خطوته ودعوة الحكومة لها لاتخاذ إجراءات صارمة ضد ما وصفته بالتمرد فإن موقف الرياض لم يتضح حتى اللحظة.