استدعاء الرياض لمحافظ شبوة.. هل يتكرر سيناريو سقطرى وتركها مسرحاً للعبث؟ (تقرير)
- خاص الخميس, 28 يناير, 2021 - 08:38 مساءً
استدعاء الرياض لمحافظ شبوة.. هل يتكرر سيناريو سقطرى وتركها مسرحاً للعبث؟ (تقرير)

[ محافظ شبوة محمد صالح بن عديو خلال لقائه الرئيس هادي في الرياض ]

ساد الغموض في محافظة شبوة، بعد استدعاء المملكة العربية السعودية للمحافظ محمد صالح بن عديو، التي وصل إليها في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، وذلك على خلفية افتتاح ميناء "قنا"، ورفضه استحداث موقع عسكري للرياض قربه، وفق تأكيد مصادر خاصة لـ"الموقع بوست".

 

ازدادت المخاوف من تحول شبوة إلى مسرح لعبث الإمارات العربية المتحدة ووكلائها ممثلين بما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، وذلك بعد تكرار سيناريو الاستدعاء لمحافظي محافظات أخرى سابقا كسقطرى، وما كان يعقبه من تغييرات مصيرية في تلك المناطق.

 

ويبدو حتى الآن أن الأحداث في شبوة مستقرة، لكن استمرار المحافظة بانتهاج تلك السياسة الداعمة للحكومة اليمنية، والتي أيضا من شأنها حماية السعودية ذاتها من خطر تمدد الانتقالي إلى محافظات واقعة على حدود المملكة، قد يكلفها الكثير، بسبب عدم تقديم التحالف العربي للسلطة الدعم اللازم لاستعادة قوتها وشرعيتها.

 

بالتزامن مع زيارة بن عديو للمملكة، رشح الانتقالي سالم ثابت العولقي محافظا لشبوة، في الوقت الذي تشهد فيه العلاقة بين الحكومة والانتقالي بعد تشكيل الحكومة وفقا لاتفاق الرياض، توترا غير مسبوق ينذر بانفجار الأوضاع عسكريا في الجنوب مجددا.

 

حجر عثرة

 

شكلت شبوة جحر عثرة أوقف مشروع الانتقالي الهادف إلى التوسع نحو المحافظات الشرقية، وأصبحت المحافظة أهم المناطق الداعمة للسلطة ولوحدة اليمن ومشروع الدولة الاتحادية.

 

ومع  بدء تدشين المحافظ عديو للمرحلة الأولى من ميناء قنا التجاري والنفطي الواقع على ساحل البحر العربي بمنطقة بئر علي في مديرية رضوم الساحلية، فإن ذلك سيساهم في دعم الحكومة اليمنية في حال تم الاستمرار بالتوسع فيه، وذلك بعد أن سيطرت الإمارات على أغلب الموانئ وتعطيلها، وبقاء ميناء الحديدة خاضعا لسيطرة جماعة الحوثي.

 

ومؤخرا ناقش المحافظ عديو مع سفيري أمريكا وفرنسا لدى اليمن كريستوفر هنزل وجان ماني سافا، فرص تعزيز وتطوير الشراكة في المجال الاقتصادي والتنموي، وخصوصا في مجال الغاز والنفط.

 

وتعد شبوة واحدة من أبرز المحافظات التي بها ثروة نفطية وغازية، وهي ثالث أكبر محافظة من حيث المساحة، وتتميز كذلك بموقع إستراتيجي، فهي إضافة إلى كونها واقعة على بحر العرب، هي محاذية أيضا لحضرموت، ومأرب، وأبين، والبيضاء.

 

وحاولت مرارا الإمارات مد نفوذها إلى شبوة التي تعرض محافظها لعدة محاولات اغتيال بحسب تصريحاته، لكنها فشلت في ذلك، وبرغم إعلانها الانسحاب من اليمن، إلا أنها ترفض مغادرة معسكر العلم، ومنشأة بلحاف لإنتاج الغاز المسال والتي يمر عبرها خط تصدير الغاز الممتد من مأرب، والتي تتهم أبوظبي بتحويلها إلى سجن وثكنة عسكرية.

 

ومطلع العام الجاري، أبدت شركة توتال النفطية، استعدادها لاستئناف نشاطها الاستثماري في اليمن والتي تملك نحو 39% من مشروع تصدير الغاز الطبيعي المسال في منطقة بلحاف، علما بأن بن عديو كشف سابقا في تصريحات لصحفية "لوموند" الفرنسية، أن الإمارات أرسلت إليه مبعوثا وعرضت عليه ما يريد من المال والمساعدة، بشرط التوقف عن الحديث عن تلك الشركة، متهما أبوظبي بالتصرف كقوة استعمارية في البلاد.

 

ونظرا لبقاء بلحاف تحت سيطرة الإمارات، خسرت اليمن حتى أواخر العام 2020، أكثر من ستة مليارات دولار كان يمكن أن تحصل عليها من إيرادات بيع الغاز.

 

الرياض.. غطاء للمليشيات

 

ومع تزامن استدعاء الرياض للمحافظ بن عديو مع حالة من الاستقرار التي تعيشها شبوة، ومقاومتها لمختلف جهود زعزعة أمنها، يرى المحلل السياسي محمد الغابري أنه لا يوجد أي مبرر لطلب قدومه إلى الرياض.

 

وفسّر ذلك في سياق تصريحه لـ"الموقع بوست" بقوله إن الرياض تعمل كغطاء للمليشيات التي تتبع الإمارات، لافتا إلى أن التجربة مع استدعاء محافظين إلى المملكة سلبية، وأن زيارة بن عديو لها دليل على أنه يقوم بواجباته كما ينبغي، وهو ما لا يشكل رضا من قِبل دول التحالف.

 

خطوة طبيعية

 

ويتواجد الرئيس عبدربه منصور منذ بداية الحرب في السعودية، لكنه قدم آخر مرة إلى سيئون بحضرموت عام 2019، وعاد مجددا إلى المملكة مقره الحالي حتى اليوم، ويؤدي مهامه من هناك، وهو الأمر الذي يلاقي انتقادات واسعة بسبب تأثير الرياض على قراراته.

 

وبشأن زيارة محافظ شبوة الأخيرة للمملكة، يقول الصحفي محمد السامعي إنه لا يوجد خطورة لاستدعائه من قبل الرئيس عبد ربه منصور هادي، كون ذلك أمرا طبيعيا، أن يتم التشاور والتفاهم حول مصالح البلاد.

 

وزاد لـ"الموقع بوست" أن بن عديو يحظى باحترام كبير من الرئيس هادي وأغلبية أعضاء الحكومة، ويعد أحد أهم المسؤولين اليمنيين الذين أثبتوا جدارتهم في مناصبهم، كما يحظى باحترام شعبي كبير في شبوة وهذا هو الأهم.

 

وأكد اليوم رئيس مجلس الشورى اليمني أحمد عبيد بن دغر، أن الشرعية بجميع هيئاتها التشريعية والتنفيذية تدعم السلطة المحلية في شبوة مع كل خطوة يخطوها، من شأنها أن تطور مصادر الدخل بالمحافظة وتخلق فرص عمل جديدة، معتبرا افتتاح ميناء قنا خطوة مهمة للنهوض بأوضاع المحافظة.

 

آخر ورقة لهادي

 

ومع سيطرة الانتقالي على عدن وسقطرى وأجزاء من محافظات أخرى في الجنوب، مع استمرار تلاشي حضور السلطة ونفوذها بدعم من التحالف لذلك، يؤكد المحلل السياسي الغابري، أنه لم يبقَ للرئيس عبد ربه منصور هادي والشرعية سوى محافظة شبوة التي تقف أمام الانتقالي والرياض وأبوظبي.

 

وإذا استسلم هادي للضغوط وقام بتغيير محافظ شبوة، فذلك يعني -وفق الغابري- أنه يعمل على إنهاء شرعيته، كون تلك المحافظة آخر ركائز شرعية الرئيس والدولة اليمنية.

 

من جانبه، يعتقد الصحفي السامعي، أن هادي لن يرضخ أبدا لمطالب الانتقالي غير المنطقية ولا القانونية، فلا يوجد أي عذر حقيقي عن طريقه يمكن القول إنه يفترض إعفاء بن عديو من منصبه، بسبب الدور الكبير الذي يقوم به في دعم السلطة.

 

وفي أسوأ الاحتمالات، لو رضخ هادي لمطالب الانتقالي؛ فإنه يكون قد تصرف بشكل سلبي سيكون له ردود فعل رسمية وشعبية غير محمودة، بحسب السامعي.

 

يُذكر أنه تم تحرير أغلب مناطق شبوة أواخر 2015، وفي 2017 تم استعادة بيحان وهي آخر مديرية كان لا زال للحوثيين وجود فيها، ومنذ ذلك الحين بدأت المحافظة بإعادة تطبيع الحياة وإنجاز كثير من المشاريع التي بدأت بخلق تغيير جذري فيها، حُرمت منه لسنوات سابقا.


التعليقات