[ ما دلالة الانفتاح الروسي على الانتقالي وما وراءه؟ ]
يزور وفد تابع لما يعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، دولة روسيا، بدعوة رسمية منها، وفق الموقع الإلكتروني التابع للمجلس، وهي ليس المرة الأولى التي تُجرى فيها لقاءات بين الجانبين.
وأبدت روسيا خلال الفترة الماضية انفتاحا على مختلف الأطراف في اليمن، فهي تدعم الحكومة وتعترف بها، في المقابل تحتفظ بعلاقات جيدة مع الحوثيين وحليفتهم إيران، والانتقالي وكيل الإمارات في الجنوب، وحتى أسرة الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
لكن المخاوف تزداد مع اتباعها تلك السياسة الرمادية، مع محاولاتها العودة وبحذر إلى منطقة الشرق الأوسط، ما يعني أنها ستكون مستعدة لدعم الطرف الذي سيحقق لها مكاسب أكبر.
وبسبب طبيعة العلاقة التي تربطها بمختلف الأطراف في اليمن، حتى السعودية التي تربطها معها مصالح مختلفة، تبدو موسكو بلدا يملك القدرة على التأثير على القوى في البلاد ودفعها باتجاه السلام.
الدعوة إلى التشطير
وكثيرا ما تؤكد روسيا دعمها لإنهاء الحرب في اليمن وكذلك اتفاق الرياض ووحدة البلاد، لكن التصريحات التي أدلى بها بعض قادة وفد الانتقالي أثارت كثيرا من التساؤلات حول طبيعة موقف موسكو المتوقع من مستقبل اليمن.
فقد أكد الزبيدي رئيس الانتقالي الزبيدي، فور وصوله إلى موسكو، أنهم سيبحثون مع مراكز الدراسات المتخصصة ومسؤولين روس، مساعي الاستقلال واستعادة الجنوب.
تمكين الانتقالي
فتحت زيارة الانتقالي لموسكو وتمسكه بالانفصال برغم أنه أصبح شريكا في الحكومة اليمنية، الباب واسعا أمام التساؤلات بشأن الهدف من اتفاق الرياض الذي رعته السعودية، وذلك بسبب عدم التزامه ببنوده الذي يقابله صمت المملكة.
وفي صعيد ذلك، يرى المحلل السياسي ياسين التميمي أن ذهاب الوفد إلى موسكو في الوقت الذي دخل فيه اتفاق الرياض في شقه السياسي حيز التنفيذ وأصبح الانتقالي جزءا من الحكومة، يتطلب تعبيراً عن حسن النوايا بأن يفضي الاتفاق إلى تحقيق السلام، وعدم تحميل هذه المرحلة بمشاريع تثقل كاهل الحكومة والسلطة الشرعية وتربكهما، وتشل قدرتهما على التعاطي مع جملة كبيرة وهائلة من التحديات تقف في طليعتها مهمة استعادة الدولة.
وكما يؤكد في حديث له مع "الموقع بوست" يأتي الانفتاح الروسي على الانتقالي، في سياق التخادم الثنائي مع أبوظبي، ويقدم إسناداً لهذا المجلس الذي يبدو أن اتفاق الرياض حد من طموحه مؤقتاً أو عطل مهمته التي تدفع بها الإمارات قدماً، وتتركز حول انفصال اليمن كخطوة أولى لفصل أرخبيل سقطرى عن البر اليمني.
عودة النفوذ الاستعماري
وتشهد اليمن وتحديدا منذ بدء الحرب، حالة فوضى وصراعات نفوذ مختلفة فيها، يزداد الفاعلون فيها مع إطالة أمد الأزمة، بينهم روسيا التي كانت تمتلك قاعدة عسكرية في سقطرى.
ويقول الناشط السياسي وديع عطا، إن روسيا لطالما كانت ولا تزال تعتبر الجنوب اليمني يعنيها سياسياً باعتبار علاقة التبعية القائمة بينهم وبين قيادات الحزب الاشتراكي، الذي يعتبر الابن الأيديولوجي للنظام السوفييتي في الجزيرة العربية.
وأوضح لـ"الموقع بوست" أن روسيا تحاول على غرار بريطانيا إحياء نفوذها السياسي في اليمن من بوابة المجلس الانتقالي الذي يطمح للانفصال.
وبناء على ذلك يتوقع عطا احتمال عودة النفوذ الاستعماري بشكله الجديد، على حساب الثوابت الوطنية وفي مقدمتها السيادة.
مخطط فوضى وضعف دبلوماسي
وتوجه انتقادات كثيرة للسلطة، بسبب عدم تفعيلها الدبلوماسية اليمنية، مع بلد بحجم روسيا تربطه علاقات جيدة بالبلاد منذ أكثر من تسعة عقود.
وعن دلالة زيارة وفد المجلس الانتقالي إلى موسكو، يعتقد المحلل السياسي التميمي أنه يندرج ضمن مخطط الفوضى الذي تديره أبوظبي على الساحة اليمنية، خصوصاً أن الوفد ذهب إلى طلب مساعدتها لتحقيق مشروعه الانفصالي.
ولفت إلى أن موقف موسكو واضح في إطار المجموعة الدولية، وهو دعم السلطة الشرعية ودعم السلام المؤدي إلى بقاء الدولة اليمنية موحدة.
لكن يبدو للتميمي أن التخادم مع أبوظبي في أكثر من ملف ومهمة وصفها بـ"القذرة" في المنطقة، دفع بموسكو للسماح لأبوظبي بتحريك دمى الانتقالي، واستمرار اللعب في الساحة اليمنية في إطار الخيارات الخطيرة التي تهدد كيان الدولة اليمنية.
ويفيد المحلل السياسي اليمني أن الانفتاح الروسي على الانتقالي ليس جديداً، فلطالما التقى مسؤولون روس بقيادات من المجلس، وكان ذلك يجري كلما كان الانتقالي بحاجة إلى إثبات وجوده دولياً.
وفي كل الأحوال، تبقى -من وجهة نظر الناشط السياسي عطا- خطوات التقارب الانتقالي مع روسيا مجرد استعراض سياسي خارج إطار الشرعية اليمنية، وتعكس في جانب منها خللاً دبلوماسياً يفترض أن تتداركه الحكومة اليمنية بالتواصل المباشر، ويستدعي تغيير السفير الراهن الذي ورط السلطة في أكثر من فضيحة، وعكس أسوأ صور التمثيل الدبلوماسي اليمني في دولة بحجم وأهمية روسيا.
ويضم الوفد الذي ضم رئيس الانتقالي عيدروس الزبيدي، أعضاء هيئة رئاسة المجلس، اللواء أحمد بن بريك، رئيس الجمعية الوطنية، وأحمد لملس، الأمين العام لهيئة الرئاسة، محافظ العاصمة المؤقتة عدن، ورئيس وحدة شؤون المفاوضات، ناصر الخبجي، وعلي الكثيري، نائب رئيس وحدة شؤون المفاوضات، المتحدث الرسمي للمجلس، وعضو هيئة الرئاسة، عمرو البيض، ومحمد الغيثي، نائب رئيس الإدارة العامة للشؤون الخارجية، وأنيس الشرفي، عضو وحدة شؤون المفاوضات.