حراك دولي حول اليمن.. ما الذي يجري تحضيره؟ (تقرير)
- خاص الجمعة, 12 فبراير, 2021 - 09:22 مساءً
حراك دولي حول اليمن.. ما الذي يجري تحضيره؟ (تقرير)

[ الرئيس الأمريكي جو بايدن ]

عقب مباشرة إدارة بايدن حقبتها في البلاد، نهاية يناير المنصرم، برزت قضية اليمن كأولوية قصوى كاختبار لسياستها الخارجية ضمن مساعيها لكبح طموحات إيران النووية.

 

فقد باشرت الإدارة الجديدة بإزالة جماعة الحوثيين من قائمة الإرهاب، الذي قررته الإدارة السابقة في آخر أيام فترتها الرئاسية، لكن الخارجية أبقت على قيادات الجماعة ضمن القائمة مستدركة، مساء اليوم الجمعة، ظنا أن بالإمكان استخدامها كورقة ضغط.

 

وعينت الإدارة الديموقراطية مبعوث أمريكي إلى اليمن لأول مرة منذ بدء الحرب، والذي نفذ رحلة سريعة إلى الرياض أوصل خلالها رسائل للإدارتين السعودية واليمنية على السواء فحواها ضرورة إنهاء الحرب، عقب قرارات بإيقاف بيع الأسلحة للمملكة.

 

الاتحاد الأوروبي تشجع أيضا بإصدار قرار بالإجماع يدعو لوقف الحرب في اليمن وإخراج القوات الأجنبية، استجابت لها الإمارات سريعا، والتي كانت أقرت سابقا بانسحابها، بسحب قوات لها في قاعدة عسكرية، وفقا لمصادر.

 

تحركات غريفيث من طهران إلى الرياض تبعت بتعيين الأمريكي "ديفيد غريسلي" منسقا مقيما للشؤون الإنسانية، وهو بمثابة وضع واشنطن لبيادقها في اليمن وتعزيزا لنفوذها وخطوة للتحكم بمفاتيح "اللعبة الكبرى"، على حد وصف موقع "أنتليجنس أونلاين" الفرنسي.

 

ويرى متابعون للشأن اليمني أن هذا التحرك المكثف هدفه تدويل قضية اليمن وسحب البساط من التحالف الذي أثبت فشلا ذريعا خلال ست سنوات مضت، كانت فترة كافية لإنهاء الحرب وإعادة الشرعية التي قدم من أجلها، متخوفين في الوقت ذاته من تجاوز هذا الزخم الدولي قرارات مجلس الأمن والمرجعيات، طبقا لموازين القوة على الأرض.

 

ويبدو أن استرضاء إيران في اليمن هو هاجس إدارة بايدن، خصوصا مع اقتراب الأولى من امتلاك قنبلة نووية وفقا لوكالة الطاقة الذرية، الأمر الذي شجع الحوثيين على مهاجمة مأرب بضوء أخضر لضمها إلى حضيرتها قبيل دعوات إنهاء الحرب، والتي أثمرت تحقيق مكاسب كبيرة على الأرض وصلت خلالها إلى بوابات المحافظة النفطية من عدة اتجاهات.

 

امتداد لسياسة أوباما

 

استأنفت الإدارة الأمريكية الجديدة في وقت مبكر السياسة التي اتخذتها إدارة الديمقراطي الأسبق باراك أوباما، والمتمثلة في كسب ود إيران عبر تمكينها في اليمن والدول العربية مقابل عدولها عن استكمال برنامجها النووي، وهذا ما تلقفه حلفاؤها في اليمن سريعا.

 

وتعليقا على هذه المستجدات المتسارعة، قال الصحفي وضاح الجليل إنه من الواضح أننا أمام استحقاقات جديدة لمرحلة ما بعد ترامب، أو مرحلة بايدن التي يبدو أنها ستكون نسخة مطورة من مرحلة أوباما، وأقصد بهذا "تغير السياسة الأميركية والأوروبية في المنطقة".

 

وأضاف "الجليل" في تصريح لـ"الموقع بوست" أن ترامب قد أتى على أغلب إرث أوباما وأسقط الكثير من المكاسب التي حققتها إيران في تلك المرحلة، وبدأ بمحاصرتها من جديد، وخصوصا نفوذها في اليمن وتمكين مليشياتها من توسيع نفوذها وتحقيق المزيد من المكاسب، مقابل إلزامها بتقليص نفوذها في العراق وسوريا.

 

وتابع الصحفي اليمني القول: "ما يميز إيران ومليشياتها في اليمن أنها كانت تنتظر هذه الفرصة منذ إرهاصاتها الأولى، وبمجرد فوز بايدن بالانتخابات الرئاسية الأميركية، كانت إيران تخطط للاستفادة من هذا السيناريو".

 

إخراج الشرعية من المعادلة

 

وتابع الصحفي وضاح ضمن تصريحه لـ"الموقع بوست" السرد معتبرا أنه ومع بدء بايدن إجراءاته بشأن الحرب في اليمن من تعيين مبعوث أمريكي إليها من جهة، وسعيه لإبطال قرار تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية، "كانت جماعة الحوثي بدأت مباشرة الاستفادة من هذه الإجراءات كمكسب سياسي تحاول من خلاله تحقيق مكاسب أخرى إستراتيجية على الصعيدين الميداني والسياسي".

 

وأشار إلى أن جماعة الحوثي تسعى حاليا "للسيطرة على مأرب وما تمثله من أهمية اقتصادية وجغرافية، وإجبار السعودية على التوقف عن غاراتها الجوية، وإظهار الأزمة كما لو أنها أزمة بين دولتين هما اليمن والسعودية لتجاوز أهم مكونات الأزمة اليمنية وإظهار بقية الأطراف الداخلية مجرد تابعين للخارج يمكن تجاوزهم أو تحجيمهم".

 

واستطرد أن جماعة الحوثيين تسعى أيضا إلى "الاستفادة من بيان الاتحاد الأوروبي الذي دعا إلى خروج القوات الأجنبية من اليمن"، مشيرا إلى أنه في حال "تمكن الحوثيون من السيطرة على مأرب، فإنهم سيحصلون إضافة إلى المكاسب الاقتصادية والجغرافية، على مكسب سياسي مهم، وهو إسقاط أهم معاقل الحكومة الشرعية في البلاد، ما يؤدي بالتأكيد إلى إخراجها من المعادلة بشكل كبير".

 

وتعد مأرب آخر معقل للشرعية المتمثلة برئاسة هادي، إذا ما علمنا أن الشمال سيكون بالكامل تحت سيطرة الحوثيين، فيما الجنوب بقبضة الانتقالي الجنوبي المدعوم من الإمارات والذي لا يعترف بالشرعية ويسعى للانفصال، وسيكونان الطرفان الأكثر فاعلية ضمن مساعي الغرب لإيجاد حل سياسي في البلاد.

 

الكيل بمكيالين

 

الحوثي حاليا يستغل هذا الحشد الدولي لشن آخر معاركه في الشمال لتركيع مأرب النفطية لدعم اقتصاده من جهة، ولتقوية موقفه السياسي، بينما الشرعية والتحالف يقفون في محل الدفاع غير آبهين أن الحلول دائما تفرضها السيطرة على الأرض، وهو تحديدا ما لا يملكونه.

 

الباحث السياسي عبد السلام محمد يرى أن إدارة بايدن شجعت المجتمع الدولي على الضغط لإيقاف الحرب في اليمن "لكن ما هي الحرب التي يرونها ولا نراها، وما هي الحرب التي نراها ولا يرونها"، في إشارة إلى عدم الضغط على الحوثيين الذين ردوا على الدعوات بقصف السعودية ومهاجمة مأرب النفطية.

 

وأضاف رئيس مركز "أبعاد" للدراسات أن المجتمع الدولي يرى دعم السعودية حربا بينما هجمات إيران ليست كذلك، وسيبادرون بوضع تصور لشراكة الحوثي في إدارة مأرب إذا فشل في تحقيق هدف السيطرة الكاملة.

 

وتابع "عبدالسلام" في صفحته على تويتر بالقول "بقاء الجيش والتحالف في وضعية الدفاع عن مأرب فقط لن يفشل المخطط الإيراني بالوصول إلى مناطق النفط والغاز، فبحجة تجنيب المدنيين الحرب سيضغط المجتمع الدولي لإشراك الحوثيين إدارة النفط والغاز في مأرب ما يعني السيطرة بشكل آخر، ولذلك لا بد من رد نوعي يربك إيران والحوثي".

 

 

وتشن جماعة الحوثي هجمات من عدة اتجاهات على آخر معاقل الشرعية بمأرب لليوم السادس على التوالي، في معركة جرى التحضير لها منذ ثلاثة أشهر، في مسعى لوضع يدها على حقول النفط والغاز من جهة، وتحقيق مكاسب سياسية من جهة أخرى تحضيرا لما تخبئه الأيام القليلة المقبلة.


التعليقات