ثورة جياع.. تعز على صفيح ساخن وعصيان مدني يشل الحركة (تقرير)
- أكرم ياسين الإثنين, 27 سبتمبر, 2021 - 06:48 مساءً
ثورة جياع.. تعز على صفيح ساخن وعصيان مدني يشل الحركة (تقرير)

[ احتجاجات غاضبة في تعز وعصيان مدني تنديدا بانهيار العملة المحلية ]

أغلقت المحال التجارية في محافظة تعز (جنوب غربي اليمن)، اليوم الاثنين، أبوابها بشكل شبه كامل استجابة لدعوة الإضراب التي دعا إليها اتحاد رجال الأعمال وناشطون احتجاجاً على استمرار الانهيار المتسارع لقيمة الريال اليمني مقابل العملات الأخرى وغلاء السلع الغذائية الأساسية.

 

وشهدت المدينة اليوم احتجاجات غاضبة هي الأوسع منذ استئنافها قبل أسبوعين، تنديدًا بتدهور العملة وزيادة أسعار السلع الأساسية.

 

وجابت التظاهرة شارع جمال عبد الناصر (أكبر شوارع المدينة)، وصولًا إلى أمام مبنى السلطة المحلية وهتفوا بشعارات تندد بتدهور العملة المحلية وتطالب برحيل الحكومة ومحافظ تعز نبيل شمسان، كما أغلق المحتجون شوارع رئيسية أبرزها "حوض الأشراف" و"جمال عبد الناصر" و"صينة" و"وادي القاضي" و"التحرير الأسفل".

 

الإضراب المفتوح الذي بدأ اليوم الاثنين شل الحركة بشكل شبه كامل حيث بدت شوارع مدينة تعز خالية من المتسوقين على غير العادة.

 

الوضع لم يحتمل الصمت

 

على الدبعي، أحد تجار مدينة تعز، أوضح الأسباب التي دعتهم لإغلاق محالهم التجارية وتنفيذ العصيان المدني قائلاً: "لقد نفد صبرنا الريال يتهاوى بشكل مخيف أمام العملات الأخرى"، (شارف سعر الريال اليمني 1200 ريالاً مقابل الدولار في محال الصرافة بالمدينة فيما بلغ سعر الريال السعودي 322 ريالاً يمنياً)، وهذا يسبب إرباكاً كبيراً للتجار وخسائر فادحة.

 

 

وأضاف التاجر الدبعي في حديثه لـ"الموقع بوست": "نحن نشتري البضائع بالعملات الصعبة ونبيع بالعملة المحلية وبين كل عملية شراء وبيع وأخرى يكون سعر الدولار قد ارتفع مما يسبب لنا خسائر كبيرة".

 

وأردف الدبعي أن "الوضع الاقتصادي أصبح كارثياً والمعاناة سحقت الجميع تاجر ومستهلك لذلك وفي ظل الصمت والتجاهل الحكومي لتبعات كارثة بهذا الحجم تمس عيش المواطن وتهدد حياته لم يكن أمامنا من خيار سوى إغلاق محالنا حتى يتم وضع حلول عاجلة للانهيار الاقتصادي".

 

نذر مجاعة

 

من جهته حذر الخبير الاقتصادي اليمني رضوان العبسي من ثورة جياع وشيكة فأسعار المواد الغذائية الأساسية فاقت قدرة حتى الطبقة المتوسطة في المجتمع، فسعر الكيس الدقيق الأسترالي وزن 50 كيلوجراما وصل لثلاثين ألف ريال يمني أي ما يعادل 28 دولاراً، فيما بلغ سعر عبوة الزيت سعة 8 لترات 17 ألف ريال، والكيس السكر البرازيلي 40 كيلوجراما تخطى حاجز الأربعين ألف ريال يمني أي ما يعادل 38 دولاراً.

 

 

واستطرد العبسي في حديثه لـ"الموقع بوست" أن الانهيار الاقتصادي وصل لدرجة يصعب تخيلها والتعاملات التجارية دخلت مرحلة الموت السريري.. تشهد السوق فوضى عارمة في ظل انعدام فرص العمل وتوقف الرواتب كل ذلك يقابله صمت حكومي يمثل وصمة عار ومشاركة في صنع مأساة إنسانية ومجاعة باتت تطرق باب كل بيت".

 

وحمل الخبير الاقتصادي العبسي الحكومة الشرعية والتحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات تبعات أسوأ كارثة إنسانية يعيشها اليمنيون أمام نظر العالم ومنظماته الإنسانية.

 

ثورة جياع

 

ثورة الجياع التي توقعها الخبير الاقتصادي رضوان العبسي كنتيجة طبيعية للكارثة الاقتصادية، أكد حتميتها الموظف عبد المعين الحكيمي قائلاً: "عندما التحقت بوظيفتي الحكومية عام 1990 كان راتبي يعادل 500 دولار.. الآن راتبي لا يتجاوز المئة دولار ولم يعد يفي بشراء مواد غذائية لمدة أسبوع لأسرتي المكونة من سبعة أفراد ولا توجد فرص عمل أخرى يمكن من خلالها توفير لقمة العيش لأسرتي التي باتت مهددة بالجوع".

 

 

وتساءل عبد المعين بمرارة: "هل تريدون مني أن أصمت وأنا أشاهد أطفالي يتضورون جوعاً؟"، مضيفاً: "الجوع لا يؤمن بالحسابات السياسية والمأساة الإنسانية التي تهدد حياتنا يتحمل مسؤوليتها الأخلاقية والقانونية دول التحالف العربي التي باعت لنا الوهم في بداية تدخلها في اليمن بحديثها عن إعادة الأمل لليمنيين وإنهاء انقلاب الحوثيين، بينما المواطن اليمني لا يجد ما يأكل وما سكتشفه الأيام المقبلة سيترجم حجم الكارثة التي صنعها التحالف في اليمن، سيتحدث العالم وكل ذي ضمير حي عن شعب يموت جوعاً، فيما موارده وثرواته يسرقها من زعموا التدخل لإنقاذه"، حد قوله.

 

ربما أنه لا مشاهد لمجازر ودماء وعمليات إبادة تشهدها محافظة تعز اليمنية المحاصرة منذ سبع سنوات، بيد أن كل المؤشرات تدل والأسباب تؤكد أن الجوع سيحول مدينة تعز ذات الكثافة السكانية إلى "سربرنيتسا" أو "ليننغراد" أخرى، فالموت جوعاً بات شبحاً يجثم في سماء مدينة تُرك سكانها لمواجهة قدرهم المحتوم قرباناً لأحقاد تحالف غادر.


التعليقات