[ تقارير كشفت ارتباط الانتقالي بوحدة خاصة لتنفيذ أجندة السعودية والإمارات باليمن ]
"جميع توجيهاتكم الصادرة والموجهة الينا خلال عام 2020 قد نفذت بشكل كامل رغم النواقص المالية التي واجهتنا نتيجة عدم رفدكم لميزانية للربع الاول للعام والتي تجاوزناها".
الفقرة جزء من تقرير لرئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي في تقرير سري مطول رفعه الى "الوحدة الخاصة" الإماراتية، متضمنا معلومات مفصلة حول أعمال المجلس وأنشطته العسكرية والامنية والاجتماعية والإعلامية، ومراكز الاحتجاز، بالإضافة إلى التكاليف المالية لتلك الاعمال المنفذة طوال عام 2020.
التقرير عبارة وثائق نشرتها وسائل إعلام محلية ودولية، أماطت اللثام كليا عن وحدة الاستخبارات الخاصة التي تستخدمها أبو ظبي في إدارة كل أدواتها في اليمن، كالمجلس الانتقالي الجنوبي، وقوات الساحل الغربي، والقاعدة العسكرية بميناء عصب بإرتيريا، والتي تستخدم في مراسلتها مؤسسة الهلال الاحمر الاماراتي، ومعظم الموقعين على تلك الوثائق ممثلين عن الهلال الأحمر في المناطق التي يديرها جهاز أمن الدولة الإماراتي.
التقرير الذي يتكون من 82 صفحة، تضمن تفاصيل خطيرة، توضح مدى تبعية المجلس لدولة الإمارات، وتظهر قيادات الانتقالي مجرد جنود، أو موظفين لدى تلك الجهة، وتكشف عن حرب عبثية تشنها أبو ظبي على الشرعية في اليمن، والجيش الوطني، من خلال أدواتها التي زرعتها في البلاد، ومرتبطة ارتباطا مباشرا بجهاز أمن الدولة الإماراتية، ويوكد أيضا أن القيادات الانفصالية مجرد أدوات تديرها دول اجنبية لخدمة مشاريعها في اليمن.
الجزء الأول من الوثائق تكشف العمليات الخاصة للوحدة (تي) في مارب، وفي الجزء الثاني النفوذ والعمليات الإماراتية في سقطرى وحضرموت، والثالث العمليات الخاصة والقوات الخاصة في الساحل الغربي، وميناء عصي في إرتيريا.
إدانة للتحالف
المحلل السياسي ياسين التميمي يقول إن التقرير بما احتواه من معلومات يشكل إدانة كبيرة للتحالف الذي تقوده السعودية في اليمن، ولمعركته الحقيقية في الساحة اليمنية.
ويضيف في حديثه لـ "الموقع بوست" أن العمليات الخاصة التي تحدث عنها التقرير هي عمليات القتل السياسي، وهي التي حدثت في عدن، من تصفيات لقيادات محسوبة على الدولة اليمنية، وعلى حزب التجمع اليمني للإصلاح بشكل خاص، وهو اعتراف بالوقوف وراء تلك العمليات التي سجلت حينها ضد مجهول.
شركة أمنية
الناشط السياسي محمد الحسني في مقابلة تلفزيونية وصف المجلس الانتقالي بأنه عبارة عن شركة أمنية تابعة لمحمد بن زايد، فالأخير لدية شركات أمنية في ليبيا، وفي أفريقيا وغيرها من الدول، والتي يمارس فيها نفس الدور والأعمال القذرة حسب وصف الحسني.
وتابع الحسني "المجلس الانتقالي الجنوبي" يديره رئيس دولة الإمارات محمد بن زايد، ومن خلفة المخابرات العالمية، والذي يدير " الوحدة الخاصة" هو الضابط الاماراتي "أبو خليفة" سعيد محمد النيادي، وهذا معروف لدى الجميع، ومتواجد بمقر التحالف بعدن، وهو المسئول عن الانتقالي وقوات العمالقة وقوات طارق صالح، وعن الشأن اليمني بالكامل.
انحراف مكشوف
لم يرد في تقرير غرفة الاستخبارات الاماراتية أي أعمال أو توجيهات أو عمليات للإمارات ضد الحوثيين، وهم الهدف الذي اتخذه التحالف السعودي الاماراتي مبررا لهم للتدخل في اليمن عند انطلاق ما اسميت بعاصفة الحزم في 26من مارس 2015، وقادتها السعودية والامارات ضمن تحالف دولي واسع، بمبرر إعادة الحكومة الشرعية إلى صنعاء، وقطع يد إيران في اليمن، ليتضح بذلك أن أهداف التحالف انحرفت من الحرب على الحوثي إلى إضعاف خصومه ممثلين بالحكومة الشرعية.
وقامت الوحدة الخاصة الإماراتية وفقا للتقرير بعدة عمليات بأوامر مباشرة من المسؤولين الإماراتيين، بينها عمليات في مارب، حيث قامت الوحدة بتدريب أربع فرق خاصة، للقيام بمهام رصد مخابراتية، كما كشف التقرير وثائق تثبت نشر فريق خاص بالاختراق لاتصالات قيادات في الجيش الوطني للتجسس والاستهداف.
كما تشير الوثائق إلى قيام الوحدة الخاصة بتنفيذ 23 عملية خاصة من أصل 25 عملية تم تكليفها بها في محافظة مارب، وتدريب عدد 34 مجند تدريب استخباراتي عالي ومكثف، بالإضافة الى تأسيس ما عرفت ب"قوات سبأ " في المحافظة.
ومن التفاصيل المثيرة التي وردت في التقرير إلحاق 40 فردا ممن خضعوا لبرنامج الاستتابة كمسلحي القاعدة والجماعات الإرهابية، والتأهيل ضمن قوات النخبة الحضرمية.
الإمارات.. مساع للانفصال أم للاستحواذ؟
يقول التميمي في حديثه لـ الموقع بوست" إن ما ورد في التقرير مرتبط بصعود القوة الإماراتية خلال العقدين الماضيين، وبالمعركة الدولية لمحاربة الإرهاب، والذي تحولت معه الإمارات لمحطة مهمة في الدعم اللوجيستي لهذه المعركة.
ويضيف: "هذا الدور أغرى ابوظبي لتوظيف الإرهاب في مواجهة الربيع العربي، والذي تحولت معه قوى الثورة في الوطن العربي واليمن إلى هدف للإمارات ولشركائها الإقليميين ضمن غرفة عمليات الثورة المضادة".
وأوضح بالقول: "بالنسبة لليمن، فهناك اهتمام إماراتي خاص بالصراع السياسي والذي بلغ ذروته في حرب صيف 94، وانحازت فيه أبوظبي لصالح الانفصاليين، غير أن التدخل الاماراتي اليوم يختلف في أدواته وأهدافه، فهي تعتقد أن الأمر لم يعد يتوقف عند حد دعم المشروع الانفصالي استنادا إلى تعاطف إماراتي قديم، بل تطور لاستثمار النزعة الانفصالية وتغذيتها للوصول لهدف الهيمنة والتأثير والاستحواذ على المزايا الاستراتيجية لليمن.
ويستنتج التميمي في حديثه بأن دعم الانفصال بات أحد الخيارات الأساسية في نهج التدخل الاماراتي السافر في الأزمة والحرب في اليمن.
وضع اليمن كمنطقة صراع
الكاتب والمحلل السياسي محمد العامري يقول لـ "الموقع بوست إن التحالف المتمثل في دولتي السعودية والإمارات يريد من اليمن أن يظل منطقة صراع، وفي وضع اللاسلم، واللاحرب، وذلك لتنفيذ مشاريع ومهام خاصة، لا تمتد للمشروع الوطني، والدولة اليمنية بأي صلة.
ويجمع محللين سياسيين وعسكريين ومتابعين للمشهد اليمني استقصى الموقع بوست أراءهم أن الإمارات تريد من وراء تدخلها في اليمن الحصول على جزر في البحر العربي وبالتحديد جزيرة سقطرى، والحصول على موانئ على بحر العرب وبالتحديد ميناء عدن، أو تعطيل العمل فيه، وتقاسم الإشراف على باب المندب مع السعودية، والسيطرة على مناطق الصيد البحري.
أما السعودية فتريد من وراء تدخلها في اليمن منفذ بحري يطل على البحر العربي، وهذا يعني السيطرة على حضرموت أو المهرة أو الاثنتين معا، والحصول على خزان الجوف النفطي، أو منع التنقيب فيه لفترة لا تقل عن قرن من الزمان، والإشراف على باب المندب، والإبقاء على نظام جمهوري شكلي، ومنع امتلاك الجيش اليمني لأي نوع من الأسلحة النوعية او الثقيلة، وترسيم نهائي للحدود مع اليمن، وهذا يعني إغلاق ملف نجران وعسير وجيزان، واعتبارهما جزءا من السيادة السعودية.