مجزرة العلم .. ثلاثة أعوام على مذبحة الإمارات بحق الجيش اليمني (تقرير)
- فارس محمد الإثنين, 29 أغسطس, 2022 - 05:01 مساءً
مجزرة العلم .. ثلاثة أعوام على مذبحة الإمارات بحق الجيش اليمني (تقرير)

يصادف اليوم الاثنين، الذكرى السنوية الثالثة، للمجزرة المروعة التي ارتكبتها دولة الإمارات بحق الجيش اليمني، في منطقة العلم على مشارف مدينة عدن جنوب البلاد، والتي أودت إلى مقتل وإصابة اكثر من 300 فرد من منتسبي الجيش والأمن.

 

ففي 29 من أغسطس من العام 2019م شن طيران الإمارات عدة غارات جوية على قوات الحكومة الشرعية اليمنية في نقطة العلم شرقي مدينة عدن بهدف تعطيل تقدم الجيش إلى عمق المدينة لإخماد إنقلاب مليشيا المجلس الإنتقالي المطالبة بالانفصال، لتتمكن إثرها قوات الانتقالي من استعادة المدينة بعد أقل من 24ساعه من فقدانها السيطرة عليها بعد استقدام تعزيزات كبيره من محافظات اخرى.

 

مثلت المجزرة حينها دعما علنيا من ابو ظبي للمجلس الانتقالي  لتمكينه السيطرة على عدن ومحافظات أخرى في البلاد على حساب نفوذ وتقدم الجيش اليمني التابع للحكومة الشرعية.

 

غضب رسمي وشعبي بالمجزرة

 

نددت الرئاسة اليمنية حينها ممثلة بالرئيس عبده ربه منصور هادي ببيان أصريح وشديد اللهجة بالجريمة، وحملت دولة الإمارات المسؤولية الكاملة عن القصف واصفة أياه ب "السافر" و "غير المبرر"، وطالبت مجلس الأمن والمجتمع الدولي بإدانة الجريمة  ومحاسبة مرتكبيها، واتهمت الامارات بالتدخل السافر لدعم مليشيا الانتقالي المطالبة بالانفصال في معركتها مع الجيش الوطني النظامي.

 

 وقال محمد الحضرمي وزير الخارجية حينها في كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة:" إن الجيش اليمني تعرض لضربات عسكرية قاسية من قبل الطيران الإماراتي من ما يشكل إنحرافا واضحا عن أهداف تحالف دعم الشرعية"

 

استمرار جرائم  الإمارات

  ليست جريمة منطقة العلم الوحيدة، ولكنها الأشد قساوة والأكثر بشاعة، حيث تستمر دولة الإمارات في قصف قوات الجيش اليمني، واستهداف مواقعه بين الحين والآخر، وفي كل مرة تريد فيها حسم المعركة لصالح الأطراف الداعمة لها، التي تعمل ضد الجيش الوطني والحكومة الشرعية، والتي تزعم أنها تدعمها منذ تدخلها في اليمن في 2015 ضمن تحالف عسكري تقوده الرياض الى جانب القوات الحكومية في مواجهة الحوثيين.

 

وفي يوم الأربعاء 10 أغسطس الجاري، شنت طائرات مسيرة إماراتية عشرات الهجمات على مواقع الجيش اليمني في عتق عاصمة محافظة شبوة، كان أبرزها في معسكر شرطة النجدة، ومحيط مبنى المحافظة، أسفرت تلك الهجمات عن سقوط عشرات القتلى، والجرحى، من افراد الجيش والأمن.

 

وأكدت مصادر محلية وعسكرية حينها ل ال"الموقع بوست" استخدام الإمارات للطيران المسير لإنقاذ أدواتها، بعد أن كانت قوات الشرعية قد تمكنت من السيطرة على المدينة.

 

ويوم الجمعة 12 أغسطس، شنت مقاتلات الإمارات عدة غارات جوية، على مواقع الجيش والأمن، في الخط الدولي الرابط بين مدينة عتق عاصمة شبوة ومنقذ الوديعة التابع لحضرموت، تسببت بوقوع عدد من القتلى والجرحى.

 

وأفادت مصادر محلية حينها ل "الموقع بوست" أن طائرات إماراتية استهدفت نقاط الجيش الوطني في منطقة عياذ، ونوخان، وشرق مديرية جرذان، وهي المناطق التي التجأت إليها القوات الخاصة بعد خروجها من عتق، عقب اشتباكات عنيفة مع قوات تابعة للإمارات خلال اليومين الماضيين والتي  تدخل فيها الطيران الإماراتي لحسم المعركة لصالح قوات الانتقالي.

 

وقالت وسائل إعلام يمنية، إن سلاح الجو الإماراتي، شن أكثر من 30 غارة جوية على مناطق الجيش اليمني والامن المواليين للحكومة الشرعية، أسفرت تلك الهجمات عن مقتل وإصابة العشرات.

 

وافاد قائد القوات الخاصة المقال عبده ريه لعكب في بيانه له عن الأحداث الالتي حصلت في شبوة استعانة قوات الانتقالي بالطيران المسير من قبل دولة اجنبية ( في اشارة للإمارات ) لحسم المعركة، كما تبادل ناشطون مقاطع فيديو  تظهر مسيرات وهي تستهدف مواقع للجيش في المحافظة.

 

وكشف التقرير المسرب الذي رفعه المجلس الانتقالي لما أسماها بـ "الوحدة  الخاصة"  الإماراتية مؤخرا في الصفحة ال 11 منه رقما مفزعا، لمشاركة طيران التحالف ب145 غاره مع 577 ضربة جوية ضد قوات الجيش خلال2020 ، لم يوضح التقرير  أين كانت تلك الضربات لكن الملاحظ من خلال التاريخ 3 مايو أنها كانت بالتزامن مع معارك الانتقالي ضد القوات الحكومية  في أبين.

 

جرائم من نوع خاص

 

كما كشف التقرير عن قيام المجلس الانتقالي بتوجيه من دولة الإمارات بممارسة الاغتيال السياسي  بحق قيادات الدولة، من سياسيين، وخطباء جوامع، في العاصمة المؤقتة عدن، والتي أسماها التقرير ب "العمليات الخاصة" وهو ما يؤكد صحه التقارير المحلية والدولية، التي سبق وإن  اتهمت الانتقالي وأبو ظبي بالوقوف وراء تلك الجرائم والاغتيالات السياسية في عدن ومناطق سيطرتها والتي سجلت حينها ضد مجهول.

 

  وارتكبت الأمارات بالاستعانة بأيدي محلية ودولية جرائم فضيعة، في المناطق الخاضعة لسيطرتها، تنوعت ما بين القتل، والخطف، والاغتيال، ودعم المليشيات المسلحة، وإثارت الفوضى، والنعرات، منذ بدء تدخلها باليمن مطلع 2015م، ونفذت عشرات الاغتيالات في حين تعرض الألاف للاعتقال والاخفاء القصري في سجون سرية أنشأتها مليشيات الإنتقالي  التابعه لدولة الامارات ـ وفق ما ذكرته تقارير حقوقية.

 

مطالبات بمقاضاة الإمارات 

 

تصاعدت أصوات اليمنيين للمطالبة بمحاكمة دولة الامارات على جرائمها المستمرة ضد جيش بلادهم وأنهاء تدخلها في اليمن.

 

وزادت حدة هذه المطالبات بالتزامن مع الأحداث الأخيرة في شبوة،  والدور الذي لعبته الإمارات ضد قوات الجيش، باستهدافها المباشر لتلك القوات، ودعمها للمليشيات التابعة  لها، بالإضافة إلى إلى ماتم تم تسريبه مؤخرا من معلومات تثبت تدخل أبو ظبي السافر  في اليمن، واستهدافها المتعمد لقوات الجيش، سواء باستخدام طيرانها، أو عن طريق  دعم المليشيات التي تقوم بدعمها وتمويلها لتقويض الحكومة الشرعية.

 

وأجمع محامون، وحقوقيون، وخبراء عسكريون، على أن انتهاكات دولة الامارات في اليمن على رأسها استهداف قوات الجيش والأمن ترتقي إلى جرائم حرب وإبادة  تستدعي تقديم مرتكبيها للمحاكم  الدولية.

 

وقال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات توفيق الحميدي "إن هذه الجرائم  توصف وفقا لميثاق روما بأنها جريمة عدوان، حيث تعد أحد الجرائم الأربع، التي تختص بها محكمة الجنايات الدولية والمنصوصة في المادة  الخامسة من الميثاق"

 

 وأكد  الحميدي في تصريح ل "الموقع بوست": أن  هذه الجرائم تستوجب مسألة مرتكبيها، وتعويض الأضرار .

 

وأفاد" في اليمن تواجهنا مشكلة أساسية متعلقة بالتوقيع بنظام روما، حيث لا تعد اليمن عضو فيه، والثاني عدم قيام الحكومة بتقديم شكوى إلى مجلس الأمن، فهي صاحبة الإختصاص في هذه الجرائم، كونها صاحبة الصفة الوحيدة في تمثيل اليمن، والدفاع عن سلامة أراضيه وسيادته"

 

 وتعرف جريمة العدوان في القانون الدولي: شن الحرب العدوانية من دولة ما ضد دولة أخرى، باستهداف قواتها البرية او الجوية او البحرية.

 

 واضاف الحميدي "عندما يكون هذا الهجوم المسلح منافيا- بشكل ظاهر- لميثاق الأمم المتحدة، ويكون هدفه أو نتيجته الاحتلال العسكري، أو الضم لإقليم الدولة الأخرى، أو جزء منه من قبل القوات المسلحة للدولة القائمة بالهجوم”.

 

  المحامي هادي وردان  رئيس منظمة تقصي لحقوق الانسان بدوره قال ل"الموقع بوست": إن القضية تمثل تعدي على السيادة الوطنية، وخرق للعرف والقانون الدولي، وتجاوز لأهداف التحالف العربي، الذي تدخل في اليمن لدعم الشرعية.

 

الخبير العسكري الدكتور علي الذهب قال:" إن حادثة استهداف طيران الإمارات للجيش على مداخل عدن  في أغسطس 2019 تعد جريمة تستحق المسائلة، وإن الغرض منها كان إضعاف ومنع تقدم القوات الجيش النظامية على حساب الطرف الأخر  المعروف بولائه للإمارات.

 

وعتبر الذهب في حديثه لـ "الموقع بوست" تعليق الإمارات على العملية بأنها ل ال"الدفاع عن النفس"، ووصفها لتلك القوات التي استهدفتها بالإرهابية، _رغم تنديد الرئاسة والحكومة اليمنية حينها بالعملية- يعد اعترافا صريحا لتعمدها في القصف،  على غير ما هو معهود في الضربات السابقة، سواء من قبل الإمارات أو للسعودية التي تقول وراء كل أستهداف للجيش بأنها ارتكبت بالخطأ.

 

وعن مدى إمكانية وقانونية مقاضاة الإمارات على جرائمها في اليمن; استبعد الذهب إمكانية القيام بذلك عن طريق الحكومة الشرعية، وأرجع سبب ذلك إلى أنها(أي الحكومة اليمنية)تعد جزء في هذه الحرب، ولا تستطيع ذلك لأنها شريكة في التحالف فيما جرى، وإقدامها على هذه الخطوة تعد إدانة على نفسها، وأن هذا الأمر يمكن أن يقوم به حركات أو جمعيات أو منظمات حقوقية سواء بالمرافعة او بالمطالبة بتقديمهم للعدالة، بحيث يشمل ذلك كل الأطراف المنخرطة في الصراع، وهذ يحتاج جهد سياسي أو قانوني وإعلامي، حسب وصفه.

 

وتفاعل حقوقيون، وناشطون، وكتاب، وأخرون، مع ذكرى القصف الاماراتي للجيش في عدن في اغسطس 2019 تحت هشتاق: #ذكرى_قصف_الإمارات_للجيش_اليمني

 

ّ كما حظيت هذه القضية بالنقاش من قبل العديد من القنوات التلفزيونية، والمواقع والمؤسسات الصحفية، والحقوقية، مطالبين بتقديم مرتكبيها للعدالة الدولية.

 

وحمل المرصد اليمني الأمريكي لحماية حقوق الانسان(مقره في واشنطن) دولة الإمارات المسؤولية الكاملة، إزاء تدخل طيرانها في شبوة وارتكابها للجرائم العسكرية والمدنية بالمحافظة.

 

وقال المرصد في بيان له إنه "يتحفظ بالحق في مقاضاة الإمارات أمام محكمه العدل الدولية وكذلك محكمه الجنايات الدولية عن انتهاكاتها في اليمن".

 

وأكد مستشار وزير الإعلام "مختار الرحبي" أن جرائم طيران الإمارات في اليمن موثقة، وتقديمها للمحاكم المحلية، والدولية، هي مسالة وقت وسينال كل المسئولين لهذه الجرائم عقابه أمام المحكمة الجنائية، والدولية، وأن اليمنيون لن ينسوا طعنات الغدر والخيانة التي قامت بها أبو ظبي خلال سنوات تدخلها في البلاد.

 


التعليقات