[ مأرب انتعاش اقتصادي رغم الحرب ]
واقعيا تنفذ السلطات المحلية بمارب خطط لتثبيت الاقتصادات المتوسطة لضمان عدم الانتقال وضمان استمرارية النهضة الاقتصادية وتأمين اقتصادات الحرب الناشئة التي يهدد الحرب استقرارها وضمان بقائها ليس اخرها افتتاح بنوك تجارية.
يشكل الاقتصاد، الذي كان سببه الحرب والنزوح بمحافظة مأرب نهضة جديدة حرمت من التنمية عقودا طويلة، لكن منشآت الاقتصاد الجديد لا زالت هناجر مستعجلة ، إلا أنّ السلطة المحلية تعمل جاهدةً على تثبيت هذا الوضع الجديد، وجعله جزءاً من بنية المدينة في المستقبل.
كما أن تدفق النازحين بكثافة على المحافظة، تحوّل في أجزاء منه من عبء إلى عنصر إيجابي؛ ساهم في إحداث تحوّل جيد إلى حد كبير في المجال التنموي والاقتصادي، بحسب الصحفي الاقتصادي وفيق صالح.
في حديثه لـ"الموقع بوست" يقول صالح إنه لوحظ ازدهار العديد من المُولات التجارية الكبيرة وتوسّع للأسواق بطريقة متسارعة، ذلك يؤكد الحاجة إلى مزيد من الجهود لتلبية احتياجات السكان المتزايدة، مع التوسّع السكاني الذي شهدته مأرب، بفعل احتضانها للنازحين من مختلف محافظات اليمن.
الزحف إلى مأرب
بينما يقول الباحث الاقتصادي محمد الجماعي أنه حتى الآن لم تدخل البيوت الاقتصادية الكبيرة والشركات الصناعية والتجارة المعروفة إلى مأرب، والتي كان يمكن أن تحدث فارقا حقيقيا في بنية الاقتصاد، وإنما الذي جرى هو اقتصاد ناشئ، وشركات وتجارات متوسّطة وصغيرة التي اما نشأت في مأرب أو زحف زحفا بعد هروبه من مناطق سيطرة الحوثيين.
"اخذ الاستثمار في مأرب طابع الاضطرار لتغطية الإحتياج والطلب، من مدارس وفنادق ومطاعم وغيره " بحسب الجماعي.
كذلك الصناعات الكبيرة لم تدخل مأرب أيضا، عدا مصنع واحد للبلاستيك، حيث انضم إلى المحافظة في العام 2019، وهو بالأساس ناشئ كاستثمار جديد، وليس من قبل الحرب، يقول الجماعي.
اتساع المشاريع
يوجد حوالي 24 مشروعا صناعيا مختلفا ومتوسطا وصغيرا في مأرب، منها مصانع مياه الشرب، التي دخلت المدينة في العام 2020، ومشاريع مازالت قيد الإنشاء والتجهيز في مناطق مختلفة بالمحافظة بحسب مكتب الصناعة والتجارة بمارب.
حيث سجل المكتب خلال العام 2018، 800 مشروع استثماري مختلف، وكلّها مشاريع صغيرة ومتوسطة وافدة من مناطق سيطرة جماعة الحوثي، بعد أن كانت على وشك الإفلاس، لكنّها اليوم استعادت أنفاسها في مأرب بفعل الكثافة السكانية التي تشجع على افتتاح مختلفة .
المعروض لا يغطي الطلب
ويعتبر مدير غرفة تجارة مأرب عبد الواحد أمين أن مأرب مكانا شاغرا للاستثمارات العامة، وخاصة في الجوانب الاستهلاكية، وبالرغم من أنها تشهد إقبالا كبيرا، لكن المعروض بسيط، ولا يكفي الاحتياج، فكل التجارات معدودة ومحدودة، وغير متنوّعة.
وكذا تعد مأرب مستقبلا واعدا لاستعادة الشركات الاستثمارية أنفاسها وأعمالها، التي كادت أن تفشلها الأوضاع غير المستقرة في البلد، وكذا ضغوط جماعة الحوثي، فمأرب اليوم – يراها - الأمل لتجار مختلف الاستثمارات.
وبحسب الحماعي فإن مأرب لن تعود إلى الوراء، حتى وإن عادت الأوضاع إلى الاستقرار في البلد، وتوقفت الحرب وذلك بحكم وجود ملايين النازحين بالمحافظة.
لم تعمل السلطة المحلية في مأرب بنفس كبير لاجتذاب الجانب الأكبر من الاستثمارات؛ كون المحافظة تتمتع بميزات وبنى تحتية تعد أساسيات للاستثمار الصناعي وغيره، في الوقت الذي انعدمت فيه هذه الميزات في صنعاء، مثل: موارد وخدمات الطاقة، كالغاز والكهرباء والمشتقات النفطية بحسب الجماعي.
ثقة رغم الحرب
لم يأثر كثيرا الاستثمار الموجود في مأرب من الحرب المستمرة على اطراف المحافظة كما أن الاستثمارات الجديدة لم تخاف أو تغادر مارب بفعل الهجمات الحوثية على المدينة، حيث صنعت مأرب ثقة بوقوفها القوي في وجه الحوثيين، الذي عمل على عدم تقدّمهم واقترابهم، مما عزز الثقة بشكل أكبر في نفس المستثمر.
في ذات الوقت يشير الجماعي إلى عدم الثقة لدى المستثمر والتاجر بالحكومة الشرعية ككيان واسع، وليس في مأرب فقط.
مصادر خاصة تفيد أن مؤسسات استثمارية وشركات فتحت لها فروعا في مأرب بأسماء وهمية مغايرة لاسمها الحقيقي، الواقع تحت سيطرة الحوثيين، حفاظا على استثمارها في صنعاء، واستغلال السوق النشط والقدرة الشرائية الواسعة والسيولة المالية المتوفرة بمارب.
ويعلق الجماعي بالقول إن ذلك يعد من الحلول التي صنعتها الأوضاع والصراع والانقسام الحاصل في البلد وهو خيار جيد للمستثمر والتاجر لبقائه في مرحلة تعد صعبة.
8 بنوك خطوة لتثبيت الاقتصاد
ومن الأشياء المحتملة أن الاقتصاد الهش والمتوسط الموجود حاليا في مأرب قد يغار مع انفراج الوضع بانتهاء الحرب، لكن السلطة تعمل على إيجاد استثمار ونهضة ثابتة ب"الإسمنت والحديد" وليس الهناجر ، وذلك سيساهم في خلق بديل عن الهناجر المستعجلة.
حيث عملت السلطة في مأرب على استجلاب البنوك، التي يؤثر وجودها على اطمئنان وأمان المستثمرين، من حيث جوانب الأمن والتأمين للسيولة المالية بالعملات الأجنبية والمحلية، من منطلق "وجود البنوك يعني وجود اقتصاد رسمي حقيقي ومستقر.
ونجحت مأرب أخيرا باستقطاب ثمانية بنوك دولية ومحلية خاصة وحكومية، لافتتاح فروع ومراكز لها في المدينة الناهضة.
حيث استقطبت السلطات، بنك الكريمي، بنك سبأ، بنك اليمن والكويت، بنك التضامن، بنك البحرين الشامل، كل هذه البنوك تعمل، اليوم، على بناء مقارها الرسمية، وجميعها على وشك افتتاح أعمالها رسمياً خلال الأشهر القادمة بشكل كامل.
بالإضافة إلى بنوك: "كاك بنك" و"الإنشاء والتعمير"، و"البنك المركزي"، التي تعمل في مراكزها السابقة، إلى جانب البنوك الأخرى التي تنشئ مراكزها اليوم.
حيث عملت السلطة المحلية في مأرب على تقديم امتيازات لتلك البنوك، حيث أعطت أراضي واسعة لكل بنك مجاناً مقابل بناء مراكز وفروع، بحسب عبدربه مفتاح وكيل المحافظة، واشترطت التمليك في المباني والأراضي لمدة 25 عاما، ومن ثم تتحوّل إلى أملاك الدولة بحسب تقرير السلطة المحلية .
إلى ذلك لم تأمن السلطات مكر التجار، حيث عملت وتعمل جاهدة على استقطاب المستثمر المحلي لنقل وتثبيت شركاته، التي تعاني في مناطق سيطرة الحوثيين، أو فتح فروع للشركات الصغيرة والكبيرة، فنجحت في ذلك بفعل الشواغر المتاحة بشكل نسبي حتى الآن على الأقل.