حذف مراسل «نيويورك تايمز» في طهران تغريدة من على حسابه في «تويتر»، تقول إن كل الذين تم إعدامهم في السعودية هم من الشيعة، موضحا أن المعلومة غير صحيحة. وفي نفس الوقت لم يقل إن الشيعة الذين أعدموا أربعة فقط، والثلاثة والأربعين الباقين هم من السنة.
أما «بي بي سي» فقد اختصرت خبر إعدام سبعة وأربعين مدانا على شاشتها بخبر عن إعدام شخص واحد، النمر. وفي خبر منفصل أوردت خبرًا عن آخر نفذ فيه الإعدام، هو قاتل مصور فريق «بي بي سي». طبعًا، نتفهم لماذا تقود إيران الحملة الإعلامية في قضية الإعدامات، تستهدف السعودية، لأنها تخوض حربا سياسية ودعائية ضد جارتها، منذ أن قررت الدخول في حروب طائفية في العراق وسوريا واليمن.
لكن لماذا ينقاد الآخرون وراء الدعاية الإيرانية دون فحص على الأقل لادعاءات الطرفين، بدلا من طرف واحد؟ هل النمر معارض مسالم؟ بالتأكيد لا. هل النمر زعيم للشيعة؟ قطعا لا، هو مثل رجال الدين المتطرفين الآخرين. هل خطابه ينتقد الحكومة السعودية؟ نعم، وكذلك يفعل أبو بكر البغدادي زعيم تنظيم داعش.
لا يمكن للسعودية أن تعدم دعاة دينيين سنة مذنبين في قضايا تحريض أدت إلى ارتكاب جرائم قتل، وفي نفس الوقت تتعامل سياسيا فقط مع المدانين من الشيعة، فلا تعاقب المدانين بنفس الجرائم. في سجون السعودية خمسة آلاف متطرف، منهم المئات تمت إدانتهم، غالبيتهم سعوديون سنة، وفقط بضع عشرات من السعوديين الشيعة.
ونمر النمر من رجال الدين السعوديين المتطرّفين لدى الشيعة. يشبه تماما فارس الشويل من رجال الدين المتطرفين لدى السنة. ومثله مثل حمد الحميدي من شيوخ التطرّف السني. وكل الثلاثة لم يمارسوا القتل بأياديهم، لكنهم أدينوا من قبل القضاء، وفق قانون تجريم التحريض على العنف، لأنهم حرضوا أتباعهم على ارتكاب عمليات قتل، وكانوا أيضا منخرطين في نشاطهم الذي يقوم على ممارسة العنف.
الحميدي، جماعته خطفت وقتلت الأميركي بول جونسن، وقامت بحفظ الرأس المقطوع في ثلاجة المنزل الذي قبض عليهم فيه، مع أنه لم يقم بالذبح، إلا أن أتباعه قاموا بجريمتهم بناء على تعليماته. والشويل الذي استسلم بعد إصابته في مواجهات أمنية بمنطقة القصيم، وتحديدًا في محافظة الرس، يعد أحد كبار شيوخ التكفير المعروفين في السعودية.
أيضا تم إعدام عبد العزيز الطويلعي، سني، وكان المذيع الإعلامي لعمليات «القاعدة»، مع أنه لم يقتل أحدا بنفسه، لكنه قام بعمليات التجنيد والتحريض والتسليح.
النمر شيخ متطرف جدا، وليس صحيحا أنه زعيم سياسي. هو مثل قيادات الجماعات السنية المتطرفة، يقوم بالتحريض على المعارضة المسلحة، والقتال، وينشط لهم بجمع الأموال والسلاح.
والقبض عليه تم خلال انخراطه في تهريب أحد المطلوبين في جريمة قتل. وللنمر جماعة عرفت بقائمة المطلوبين الـ23، وهم متهمون بعمليات مسلحة، أربعة منهم سلموا أنفسهم وأطلق سراحهم لاحقا، وبعضهم قتل في مواجهات وبعضهم لا يزال هاربا.
كان النمر في سيارة أخرى عندما قام بصدم سيارة الشرطة وهي تطارد سيارة المطلوب حسين آل ربيع تلك الليلة، (وقبض عليه بعد شهرين لاحقا). وأثناء القبض على النمر، قامت سيارة أخرى بإطلاق وابل من الرصاص على أفراد الأمن، ونتج عنه إصابة النمر نفسه وآخرين.
النمر مسؤول قانونيا، حسب النظام السعودي عن التحريض والتجنيد والجرائم التي ارتكبها أتباعه بسببه. وعددها كبير، حيث قتلوا عمدا ستة من رجال الشرطة في حوادث متفرقة، وأصيب العشرات، وقتلوا ثلاثة مدنيين مستخدمين دراجات نارية، وأطلقوا النار على العمال الأجانب عشوائيا لوقف العمل، وقتلوا بنغلاديشيا. كما أطلق أتباعه النار لاحقا على سيارة تابعة للسفارة الألمانية، وأحرقوها. الدبلوماسيان الاثنان نجوا، وقد تم القبض على الفاعل لاحقا.
رجال الدين لا عصمة لهم عندما يقودون عمليات التحريض وقتل المدنيين، سواء كانوا سنة أو شيعة أو لأي دين آخر. مشكلتنا، بل مشكلة العالم اليوم، هي من رجال الدين المتطرفين الذين يقودون الخراب، ويهددون السلم في كل مكان. ولا يعقل أن يطلب من السعوديين إعدام قيادات دينية سنية، وترك بقية رجال الدين المتورطين.