حرب بلا أهداف واضحة في اليمن
الأحد, 30 يوليو, 2017 - 09:17 مساءً

ما يدور في اليمن حرب ليست كأي حرب، فهي تمضي قدما، وتتعثر وتتجمد ثم تنتج مفاجآت خطيرة وتبلغ مراحل مهمة من الإنجاز، لكن المشكلة أنه لا أهداف واضحة لهذه الحرب، فالجميع يقاتل على هذه الجغرافيا المتعبة لأسباب مختلفة تماما، إلى حد يمكن معه القول إن الدولة اليمنية هي آخر القضايا التي يمكن أن تستقر في أجندة المتحاربين.

عشرات آلاف الطلعات الجوية التي نفذها طيران التحالف حققت أهدافا عديدة وضربت البنية التحتية العسكرية للانقلابيين، ولكنها لم تلحق الضرر الكامل بقدرتهم على الإيذاء والاستمرار في الحرب.
تتقدم القوات المسنودة من التحالف في مناطق حيوية في جنوب البحر الأحمر والنتيجة هي أن هذه المناطق تتحول إلى نسخة أخرى من عدن وحضرموت، بيئة محفوفة بالمخاطر، ومفتوحة على عمليات واسعة من الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان والتقويض المتواصل لبنى المجتمع، ومكوناته السياسية والاستهداف المباشر لدور السلطة الشرعية ونفوذها.

كان يفترض أن التحالف قد انتهى على الأقل من ضرب القوة الصاروخية للانقلابيين، لكن للأسف لا يزال بوسع الانقلابيين أن يحققوا بعض المفاجآت من وقت لآخر، من خلال القدرة على استهداف مواقع في العمق السعودي، مثل ميناء ينبع وهي أبعد بنحو 400 كيلو عن جدة التي كانت قد استهدفت بصاروخ باليستي في وقت سابق.

وفي المقابل وجه التحالف ضربة موجعة للانقلابيين بدعمه معركة تمكن خلالها الجيش والمقاومة من استعادة معسكر خالد ابن الوليد وهو أكبر قاعدة عسكرية لهم في جنوب البحر الأحمر.

إنه إنجاز استراتيجي ومهم للغاية، ولكن من غير المؤكد أن يتم البناء عليه في المرحلة المقبلة لاستمرار العمل من أجل إنهاء الانقلاب وتمكين الدولة الشرعية، وكل الذي سيحدث هو أن الإمارات ستؤمن العمق الجغرافي لوجودها في المخا.

السلوك الإماراتي خلال المرحلة الماضية هو الذي يكرس هذه النظرة غير المتفائلة، لا أحد يرغب في إبقاء الضوء موجهاً على السلوك الأسوأ للإماراتيين، لكن عليهم بالمقابل أن يبرهنوا أنهم بالفعل جزء من التحالف العربي وأنهم يعملون لصالح الدولة اليمنية لا ضدها كما يحدث اليوم.

لا أدري إلى أي مدى يمكن للانقلابيين أن يستثمروا الضربات الصاروخية التي وجهوها مؤخرا للعمق السعودي، ويقيني أن هذا التطور السيء ينبغي أن يعيد المعركة إلى أولوياتها الأساسية وهي إنهاء الانقلاب واجتثاث الخطر الذي يمثلونه على الدولة اليمنية وعلى الأمن الإقليمي.

والأمر غير المتوقع وغير المنطقي والذي قد يحدث هو أن هذه الضربات الصاروخية قد تسرع من الجهود المبذولة لإعادة ترويض الانقلابيين، ضمن خطة تفكيكية طرحها خبراء غربيون لدى لقائهم مسؤولين سعوديين ويمنيين في الرياض، والهدف منها هو تقويض التحالف الانقلابي، عبر فتح قنوات مع المخلوع صالح.

لكن الأكيد أن الرياض على الأقل لا تزال تقاوم فكرة عقد صفقة مع أي من طرفي الانقلاب، ولا يزال الحرب وفقا للسفير الأمريكي الأسبق لدى اليمن ستيفن سيش، لكنها تعمل على إعادة تأهيل نسخة جديدة من المؤتمر الشعبي العام لا يهيمن عليها المخلوع صالح، وثمة معلومات عن إمكانية دمج النسخة الجديدة المروضة من المؤتمر الشعبي العام في تحالف يجمع القوى المساندة للشرعية بما فيها التجمع اليمني للإصلاح.

طريق الحسم في اليمن واضحة، ومع ذلك لا يرغب التحالف أن يمضي فيها، أو على الأقل، اليقين الموجود لدى السعودية بضرورة التخلص من التحديات التي يمثلها الانقلابيون، لا يؤازره حماس مماثل من جانب أبو ظبي التي تنهمك حالياً في بناء نفوذها الخاص في اليمن، وتكرس احتلالا وقحا يمارس كل أشكال القمع والمصادرة للقرار الوطني، ويحول دون تحقيق صيغة الاندماج الوطني بين المكونات اليمنية، والتي حرص عليها اليمنيون في مؤتمر الحوار الوطني من أجل استقراراً مستداماً لبلدهم.

التعليقات