القوى السياسية اليمنية..بيادق برقعة شطرنج خليجية وغربية
الثلاثاء, 29 يناير, 2019 - 09:44 صباحاً

بعد أربع سنوات حرب  اطلقتها المملكة العربية السعودية باسم عاصفة الحزم  باتَ اليمن - شمالاً وجنوباً - يسير صوب المجهول والتشظي على كل الصُــعد، ومنها بالتأكيد الصُـعد السياسية، ،الإنسانية والاقتصادي...يمن خائر القوى ممزق الأوصال، تتناهبه الضغائن  والأحقاد الجهوية والسياسية ، وتفترسه العصبيات الجهوية والفكرية الايدلوجية من كل الجهات، وهذا بالضبط ما أرادته له السعودية ومعها الإمارات العربية المتحدة أن يكون منذ اليوم الأول لهذه الحرب.. يمنٌ لا هو بالموحد كما كان بُعيد عام 1990م، ولا هو بيمن ما قبل هذا التأريخ، يمن أضحت السيطرة على مقدراته وأرضه براً وبحراً  وعلى قراره السياسي سهلة المنال لدى  الجيران الأشقاء- أو المفترض أن يكونا أشقاء وأخوة-. السيطرة من محافظة المهرة شرقا حتى الحُــديدة شمال غرب.. يمن لا يشعر فيه الشمالي بالوحدة مع الجنوبي، ولا الجنوبي بالاستقلال عن الشمالي كما يتوق فيه قطاع شعبي كبير.
 
فالتحالف السعودي الإماراتي ليس في عجلة من أمرهِ بأن تضع هذه الحرب أوزارها ، طالما وهي تدور داخل الوطن اليمني شمالا وجنوبا وليس داخل مدن الخليج الوثيرة، ووقودها يمنيين, وطالما وهو أي التحالف مستفيدا من هكذا وضع غير مستقر ليتسنى له ترسيخ وجوده العسكري وتعزيز نفوذه الاستعماري كما هو حاصلاً في محافظة المهرة - على سبيل المثال وليس للحصر- التي تمضي فيها السعودية قُــدما في فصلها عن محيطها الجغرافي، وربط ادارتها وإرادتها بالرياض مباشرة من نافذة الإغاثة وعامل الفقر والعوز الذي يفتك بالأهالي، وعبر استمالة مواقف شخصيات محلية وقبلَــية، والتحكم بكل صغيرة وكبيرة فيها الى درجة صار فيها ارسال كثير من العناصر المغضوب عليها الى السجون داخل السعودية أمر اعتيادي، في وقت تعمل فيه الرياض بجهد مضطرد على بلوغ غايتها بالنفوذ والتوسع  بالمحافظة والمتمثلة بمد خط نفطي استراتيجي من عمق المملكة الى ميناء المهرة الرئيس:" ميناء نشطون" على بحر العرب، وهذه الرغبة السعودية ظلت كامنه بصدر صانع القرار السعودي طيلة عقود مضت الى أن تحقق لها  ذلك أخيرا- أو يوشك أن يتحقق لها-.
 
 
 والحال ينطبق على الإمارات فيما يخص الرغبة بالسيطرة على مقدرات اليمن والجنوب بالذات، وتحديداً على طول الشريط الساحلي من أقصى الشرق حتى شمال الحُــديدة على البحر الأحمر مروراً بميناء عدن الاستراتيجي ومضيق باب المندب الحيوي، وأرخبيل سوقطرة في بحر العرب، بعد أن صرفت أبوظبي نظرها عن الهدف الرئيس من حربها باليمن المتمثل بهدف إعادة السلطة الموالية لها " الشرعية"  سدة الحُــكم في  صنعاء، واستعاضت عنه بهدف السيطرة على مدينة الحديدة وميناءها الهام الذي تجحظ عليه العين الإماراتية بقوة منذ بداية هذه الحرب، قبل أن تخفق ببلوغه عسكرياً برغم الطاقات البشرية القتالية(حطب حرب) التي تتحكم بها بكل اريحية وبأثمان مالية زهيدة جداً والتي جميعها  جماعات جنوبية موالية لها بعضها قوى جنوبية تحمل مشروع استعادة الدولة الجنوبية، وبعضها الآخر جماعات سلفية ومتشددة، الى جانب بضعة وحدات قتالية موالية للرئيس السابق علي عبدالله صالح، بقيادة العميد المنشق عن صنعاء طارق صالح.
 
 
 إذن فمثل هكذا وضع يمني مشتت وممزق الأوصال ، يقتل فيه اليمني اليمني ويذبح فيه الجميع أنفسهم من الوريد الى الوريد، وتتاجر فيه معظم القوى السياسية والحزبية اليمنية - شمالية وجنوبية على السواء- بسيادة وطنها وتبيع ارادته السياسية  وسيادته بشكل مخزٍ، يكون هو الوضع المثالي للتحالف السعودي الإمارتي ليمرر فيه اجندته وينفذ فيه اليوم أطماعه التاريخية.وبالتالي فلن يدع التحالف أي جهد يمني أو دولي يفضي الى وقف هذه الحرب أو يدع القوى اليمنية تمضي بمفردها صوب أي مفاوضات حقيقية وتسوية سياسية نهائية قبل أن يحقق فيه " التحالف" كل هذه الأجندة والأطماع التي اتى لتنفذيها باسم استعادة الشرعية اليمنية، وما الاستجابة التي يبديها هذا التحالف للضغوطات الدولية لوقف هذه الحرب إلا ذر رماد على العيون، وامتصاص حالة السخط الدولية المتصاعدة بوجهه جرّاء الوضع الإنساني المتردي، وحالات الانتهاكات الحقوقية التي وضعت هذا التحالف في زاوية الإحراج الضيقة..
 
كما سيعمل على افشال أية مساع من هذا النوع، بل وسيعمل بكل طاقاته وبمختلف أدواته  اليمنية المحلية لإجهاض اتفاق السويد وأية اتفاقيات مشابهة، مستفيداً أي التحالف وبالذات الإمارات من الطرف الجنوبي الذي وضع كل طاقاته البشرية والمادية بل ووضع القضية الجنوبية السياسية تحت  التصرف الإماراتي وبالمجان، إلّا الفتات من الأموال والمكاسب المادية التي فازت بها بعض القيادات الجنوبية.
 
وبالمجمل نقول أن  وقف الحرب  المدمرة فيه ناهيك عن تحقيق الاستقرار السياسي باليمن  ما زالا بعيدَيّ المنال عن المتطلعين اليهما، ويتوقف تحقيقهما على رضاء الطرف الخليجي بدرجة أساسية،أو بالأحرى على  مستوى تحقيق مصالح الطرف الخليجي، ومن خلفها بالتأكيد المصالح الأمريكية والغربية عموما، أما الأطراف اليمنية شمالية كانت أو جنوبية- إلا النزر القليل منها -، فهي ليست أكثر من  بيادق برقعة شطرنج خليجية غربية لا حوال لها ولا طول، سوى أنّها  تقبع في فنادق الرياض واسطنبول وأبوظبي الفارهة تسمّــن أرصدتها البنكية الشخصية باستمرار. وبالتالي يكون الرهان عليها لإخراج اليمن من محنته ضربٌ من ضرب التمنَّــي ليس أكثر.

  وحسبنا الله ونعم الوكيل.
 
 

التعليقات