معياد والفيسبوك ومحافظتين
الجمعة, 07 يونيو, 2019 - 09:29 مساءً

أن يلجأ مسؤول حكومي بحجم رئيس البنك المركزي اليمني لإعلان موقف في وسائل التواصل الإجتماعي فهذا لايخرج عن أحد أمرين:
 
الأول اصطناع البطولات والتسويق لنفسه.
 
والثاني وجود انسداد بينه وبين الأطراف الأخرى.
 
وفي كلا الحالتين فهذا لايعطيه المبرر للحديث عن قضية سيادية كالتوريد للبنك في وسائل التواصل، بينما كان من المفترض أن تحل داخل مكاتب الحكومة، وعبر أطرها الرسمية، ولمعياد سلطة تمكنه من الضغط على هؤلاء، مستعينا بالحكومة والرئاسة، وغيرها من القنوات الرسمية المعروفة.
 
أظهر النشر أن هناك قضية يعمل حافظ معياد عليها، وبنفس الوقت ألحق التشويه لمحافظي مأرب والمهرة دون أن يذكر مبررات المحافظين من عدم التوريد.
 
حقق حافظ لنفسه ما يريد، وأظهر ذاته في موقع الحريص والوطني، بينما وضع الآخرين في خانة الخيانة والفساد والتلاعب.
 
ومجرد نشره لمنشوره نشطت كتيبته في التسويق له، مضيفة للمنشور عدة تفسيرات وأبعاد تبرز وطنيته وغيرته وخبرته وحرصه، وبنفس الوقت تنال من خصومه، وتحملهم ما ذكر بالمنشور، وأكثر من ذلك، حتى وصل الأمر إلى 2011، وهم بالمناسبة قطيع أغلبه يؤمن بمعياد كمسؤول حكومي في الشرعية، ولا يؤمن بالشرعية نفسها.
 
المنشور يدين معياد كونه فشل في مهمته، وبنفس الوقت يدين الحكومة ويظهرها كحكومة مفككة، وغير مترابطة، ونشره في فيسبوك يقود لحملة تراشق جانبية لن تنتهي، ومن شأنها خلق العدوات، وتنمية الضغائن داخل الحكومة، بما سينعكس على أدائها.
 
من الوارد أن هذا المنشور ربما يستبق قرار إقالة المحافظين المذكورين من منصبهما، ليسجل معياد انتصار جديد لذاته، ولايستبعد أن يكون ذلك بالتنسيق مع أطراف في الحكومة الشرعية والتحالف بقيادة السعودية، أو أنه يستبق قرار في إقالته، وكل هذه مجرد تخمينات ستظهر الأيام القادمة صحتها، أو خطأها.
                                    
أما حكاية ربط معياد بين بقاءه في منصبه وما يتعلق بقضية التوريد في المحافظتين، ففيها من النزق الكثير، فمعياد يثأر لنفسه في هذه القضية، بينما يتجاهل العديد من القضايا والمواقف العامة التي تعكس القصور الحكومي، والتي من المفترض أن يظهر فيها صاحب موقف، كقضية الجوازات وانعدامها، وقضية طيران اليمنية وعدم قدرته الوصول إلى عدن، بسبب إجراءات التحالف.
 
وقع معياد تحت تأثير غضبه من الفيديو الذي جرى نشره في فيسبوك، وقام القائمون عليه بتمويله ليصل إلى نطاق واسع.
 
 الفيديو يحمل بصمات الحوثيين الذين تضرروا من عدة إجراءات قام بها معياد للضييق عليهم ماليا ومصرفيا، وسبق أن شنوا عليه عدة حملات إعلامية، وذكرتُ هذا الكلام في التعليق على الفيديو المنشور.
 
وبدلا من التغاضي عن الفيديو وعدم الظهور بأنه غضبان من محتواه، ذهب للتبرير بما ذكره في منشوره، ليمنح الحوثيين انتصارا جديدا، ويحقق لهم الفائدة المرجوة من الفيديو، ويظهر إدمانه للايكات وعبارات الإطراء التي يمطرها عليه البعض مع كل منشور.
 
وبمناسبة الحديث عن مأرب فقد أوضح محافظها في لقاءه مع قناة أبوظبي تفاصيل ما يتعلق بوضع البنك المركزي في المحافظة، ويمكن العودة لتصريحاته، منها أن البنك يصرف على المنطقة العسكرية الرابعه بتوجيهات من الرئيس، و يصرف على مستشفيات بمأرب والجوف وشبوة وتعز والبيضاء، ويصرف عدة مليارات على شركة النفط بعدن، وأن هناك صعوبة في إيصال المال إلى البنك في عدن، وعدم قدرة على الوصول للبنك في حال احتاجت مأرب أي مبالغ، بسبب هشاشة الوضع الأمني في عدن، والنفس المناطقي الذي تتعامل وفقه المليشيا المسلحة هناك.
 
أما محافظة المهرة فالفساد المالي الذي يمارس هناك من قبل محافظها باكريت يفوق الخيال، والتلاعب بالمال العام هناك متجذر، وتلعب عدة عوامل في ذلك.
 
ووصل الأمر بمحافظ المهرة حد تحويل كل الأموال التي تنفق لمصلحة العمل الحكومي إلى حساب شركة النفط في المحافظة، التي عين أحد أقاربه مديرا لها، وتعطيل صلاحية وعمل ومهام مكتب المالية في المحافظة.
 
ومع ذلك فقد أوقف معياد محافظ المهرة عن الكثير من التصرفات التي كان يمارسها، ومن ذلك عدم الصرف من حساب البنك المركزي.
 
والمعلومات التي أعرفها أن معظم الإيرادات المالية في المهرة يتم انفاقها على مؤسسات الحكومة هناك بعد تعذر الحصول على ميزانية من الحكومة الشرعية، بحيث تنفق المحافظة على نفسها، دون الحاجة لأموال من الحكومة، وأبرز ذلك الكهرباء.
 
وأي انتقاد اليوم لمحافظ المهرة في الفساد المالي هناك هو انتقاد للقوات السعودية التي يعمل المحافظ راجح باكريت تحت حمايتها، وهو انتقاد للسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر الذي يعمل المحافظ لمصلحته وتحت علمه ودرايته.
 
الخلاصة: يجب أن يورد المسؤولين في المحافظتين الأموال للبنك المركزي بعدن، ليبدأ الإقتصاد في التعافي، وهذه خطوة مهمة، وتمثل بداية لاستعادة مؤسسات الدولة، بما ينعكس على وضع البلد برمته، ولاخلاف في ذلك.
 
لكن ذلك أيضا ينبغي أن يترافق مع جملة إصلاحات متزامنة، أهمها تهيئة مدينة عدن لتصبح عاصمة فعلية غير خاضعة لمزاج المليشيا، وتصعيدها المستمر ضد الحكومة الشرعية، ومؤسساتها والمسؤولين فيها، فالإقتصاد ونهضته وتعافيه مرتبط ارتباطا مباشرا بالأمن، والاستقرار الأمني.
 
الأمر الثاني إعادة النظر في منظومة الحكومة الشرعية وأدائها بمختلف اطرافها، من رئيس الجمهورية، ورئيس الحكومة، والوزارات المختصة، والجهات السيادية ذات العلاقة، فالأمر كما عكسه منشور معياد هو طغيان الفوضى، والتفكك بين هذه الأطراف، وعدم الإنسجام، وهذا كله امتداد لطبيعة عمل مختلف تلك الجهات، وانعكاس ذلك على مستوى حضورها في المناطق المحررة.
 

التعليقات