عبدالله الحرازي

عبدالله الحرازي

كاتب إعلامي ومنتج تلفزيوني

كل الكتابات
عنكم أيها الرفاق وعن نبلكم
الأحد, 22 مارس, 2020 - 09:42 صباحاً

يوم غادرتها قبل 7 أشهر قلت لزملائي فيها في حفل توديعهم لي : إن قناة بلقيس بالنسبة لي موقف ، لم تكن قط مجرد وظيفة، ولن ينتهى هذا الموقف لمجرد تسليمي لمهام كانت موكلة لي ضمن طاقم إدارتها.
 
لم أشعر قط أنني غادرتها أو أشعر بالحاجة لإشهار ذلك ، فمن ذا الذي يغادر موقفه، أو يستقيل من عائلته؟!
 
حين شرعنا في تهيئة وتأسيس هذه القناة بداية العام 2015 وكان لي شرف الإسهام في ذلك، لم يكن لنا معيار في اختيار طاقمها غير الوطنية والانسانية ثم المهنية، على أنه يمكن صناعة الثانية والصبر عليها فإن الأولى أساسية، وهو ما كان.
 
وحين ركزنا على المعيار الوطني والانتماء لليمن وإنسانها أولا و عاشراً، وجدنا كل شئ بعد ذلك ، وجدنا اليمن المتنوع ، كمنابع سياسية وفكرية، وجدنا اليمن المتنوع كمناطق وجدنا اليمن المتنوع ثقافة و إبداعاً وحتى كأمزجة ، لكننا نحن نحن كموظفين و إخوة و رفاق داخل إطار هذه المؤسسة التي غرست من ضمن ما غرسته وعززت من ضمن ماعززته فينا ، قيم النبل و التضامن و الإنسانية، أقول أننا حين يحتاج أحدنا نجد دائما بيننا اليمن الأصيل الحنون ، الوفي النبيل.
 
فلا يأسى أحدنا بين إخوته ولا ينكسر.
 
في بلقيس - وهذا اعتزاز قبل أن يكون شهادة لا ينتظرها زملائى هناك- نجد اليمن الأصيل الذي يتسابق أفراداً ومؤسسة على شد الظهر ومد أيادي العون و تكوين السند و إقالة العثرة.
 
من توكل كرمان كأخت ورفيقة للجميع إلى الأعزاء أحمد الزرقة وهناء صالح وعبدالغني الماوري كإدارة مروراً بكل الرفاق النبلاء الأجلاء زميلات وزملاء.
 
وزاد من توفيق الله بعد توفر مؤسسة وإدارة تنتهج الإنسانية وطاقم متماسك ومتمسك بقيمه الوطنية والانسانية النبيلة زاد من توفيق الله أن تعززت هذه البيئة بزملاء عرب وأتراك في غاية النبل والأصالة فاكتمل فضل الله على هذه البيئة.
 
عشرات المواقف التي لاداعي لسردها يعرفها زملائي ، حتى أولئك الذين غادروا المؤسسة وظيفياً، فقد عززت لدينا جميعاً هذه الزمالة البلقيسية شعوراً بالأمان رغم الغربة وبالوطن رغم الشتات والمنغصات .
 
بالأمس غيبت يد المنون الباطشة الفاجعة إبن شقيقي والحقيقة أنه أخي الأصغر ورفيق أيامي ومهنتي رمزي، رحمه الله ولا اعتراض على أمر الله ، ترافق الحدث الفاجع مع تطبيق حظر سفر دولي واغلاق تام للحدود بين الدول، وجدتني في صدمات متتالية بعضها فوق بعض، وألف سؤال وسؤال يعتصر روحي الذاهلة .
 
غير أن العجز لمن ليس لديه إخوة كأبناء بلقيس أقرب.
 
لم يتوقف هاتفي عن الرنين منهم جميعاً بعبارة واحدة : أنت بيننا لا تقلق ولا تشيل هم.
 
كنت أبكي وجعاً مرة وأبكي امتناناً لهؤلاء الرفاق مرات ، رفاق عمر و مهنة ووظيفة والأهم رفاق موقف، منهم حتى من غادر وظيفته ببلقيس مثلي وبقي الشعور بالانتماء لها كصوت لليمن وروح لليمنيين، كنت ولازلت أغبطني بمثل هؤلاء الذين لو ظللت بقية العمر أشكرهم ما وفيتهم أمل علي و آسيا ثابت، أمين الحرازي ، عيسى اسماعيل ، عبدالرقيب الأبارة ، محمد المقبلي ، ياسر عامر ،ياسين التميمي و الفاضلة مايسة ، والع و وئام ، ماجد ,سالم ،منير ، محمد عبدالملك ، الأحمدى ، عمر وخلود ، سامي، مسك ،شادي ،موسى، وديع، شانول، نضال وماهر ، كمال ودينا ، أفنان ومرات ، ابراهيم ، رضا، دينيس ،كريم، فاروق ، مروى ، عمر ، سامر ، غسان ،عبود ، كرم ، عبدالرحمن ، ومن خارج تركيا فارس ،خالد الأنسي ، أسوان ، شروق ، عبدالمغني كلكم كلكم جميعاً بلا استثناء من ذكرت و من لم أذكر لا أجد إلا أن أدعوا الله أن لا يريني فيكم مكروهاً.
 
ثم جاء تالياً ما كتبتموه عن رمزي مع كل الأصدقاء على الفيس بوك و انستغرام من تركيا واليمن و العالم وكان له أبلغ الأثر في نفسى أنا و العائلة، أكاليل الحب التي غمرتم بها ذكره، سأحتفظ بها كلها ليراه طفله "سام" ذات يوم ويعرف كم كان لأبيه إخوة و أحبة ورفاق نبلاء .
 
لم تكونوا فقط إخوة الفعل الذي عجزته عنه بالبعد، بل كنتم إخوة الحرف الذي لاأظنني إلا سأعجز عن تدوينه لو أردت الكتابة عن فلذة روح غادرت إلى كنف رب رحيم .
 
صالح السلامي ، سبأ حمزة ، صالح الحقب ،توفيق الشرعبي، يوسف عجلان ، صلاح بابقي ، مروان المخلافي ، نادية عبدالله و كل الصديقات والأصدقاء الذين تفضلوا بالكتابة عنه لقلوبكم كل الود و الإمتنان.
 
حتى أولئك الذين غصت حلوقهم بالوجع ولم يتمكنوا من تجاوزه وقول شئ ، وأعرف أننا سننفجر معاً بالبكاء فحسب ، أشعر بحرارة مشاعركم.
 
لقد بكيت كثييييرا و لا أزال ، لكن من بين كل تلك الدموع ثمة ملامح مرؤة واضحة لم تحجبها الدموع واستني وأهلى كثيراً هى ملامحكم، هي أنتم أيها الرفاق يا رفاق رمزي في حياته ومماته، كنتم الأهل في الشتات والثبات وقت الفاجعة والفعل الذي قهر عجز المسافة .
 
هي مناسبة كذلك لشكر بقية الإخوة والزملاء الإعلاميين و الجالية اليمنية في اسطنبول على وقفتهم الأخوية كذلك ومواساتهم ومشاركتهم لنا هذه الفاجعة.
 
وما دمت بدأت فدعوني أشكر كل الأخوات و الإخوة والصديقات و الأصدقاء الذي شاطرونا الحزن وتحروا تقديم العزاء والمواساة بالاتصال و المراسلة و الكتابة وكل أشكال التواصل بي في الشتات وبالعائلة في اليمن ولايزالون يغمروننا من أنحاء الأرض بحسن إخوتهم و صادق ودهم ونبل مواقفهم.
 
لا أراكم الله مكروهاً في عزيز، ولم الله شملنا و شعث بلادنا وجبر كسر وطننا ورفع عنه ماهو فيه، فنحن بلا وطن في أضعف حالاتنا وأشدها وهنا.
 
رحمك الله يا ابني وأخي ورفيقي رحمك الله يا أبا سام .
 

التعليقات