سوريا .. فاتورة عهد حافظ و(الولد) بشار !
الأحد, 08 ديسمبر, 2024 - 09:14 مساءً

إرثٌ ثقيلٌ ضخمٌ ومرعبٌ ذلك الذي تركه حكم (آل الأسد) لسوريا طوال 55 عاماً، ما قد يجعل من المبكر جداً التفاؤل معه بمستقبلٍ أفضل لهذه البلاد يتجاوز ذلك الإرث بسهولة بمجرد سيطرة فصائل المعارضة على أغلب وأهم مدن البلاد وانهيار النظام وفرار رئيسه بطريقةٍ لا مسؤولة بل يمكن أن توصف بالمخزية.
 
الفاتورة المطلوب من سوريا دفعها اليوم في مرحلة ما بعد سقوط نظام آل الأسد مكلفةٌ وباهظة (أكثر من نصف مليون قتيل وجريح، أكثر من عشرة ملايين نازحٍ ولاجئ، وبلدٌ مدمَّرٌ بأكمله، يكاد يبدو اليوم (أثراً بعد عين) وتحتاج إعادة إعماره لآلاف المليارات من الدولارات.
 
كان (حافظ الأسد) والد (الولد) المخلوع قال ذات يوم إن "علينا أن نورث لأبنائنا أفضل ما فعلناه" لكن الواقع أن ما أورثه الوالد لإبنه هي تركةٌ هائلةٌ من كوارث حكمٍ طائفيٍ وانعزاليٍ بدأه بخيانة كل ما تعهد به من مبادئ، أولها كان بتوقيعه على وثيقة الانفصال عن الجمهورية العربية المتحدة مع مصر واليمن في عام 1961، مروراً بقراره خلال الحرب العربية - الإسرائيلية بسحب الجيش السوري العام 1973 وإعلان سقوط القنيطرة بيد إسرائيل، انتقالاً إلى استفراده بحكمٍ عائليٍ مقيت، وإنتهاءً بسجلٍ طويلٍ من جرائم الاستبداد الوحشي والفساد المالي والإداري طوال فترة حكمه الفئوي الأناني الذي شهدته سوريا.
 
في ما عرف بمذبحة (حماة) في فبراير من عام 1982 قتلت قوات الأسد بقيادة أخيه (رفعت) دون تمييز ما يقرب من أربعين ألف مواطنٍ سوري، بحسب بعض التقديرات، وذلك تحت شعار مواجهة الجماعات الإسلاميّة السنية.
 
عهد الولد بشار
 
الواضح بجلاءٍ أنه قبل يوم الـ 8 من ديسمبر الجاري لم تكن هناك (دولة وطنية) في سوريا بل طائفية غير قادرةٍ على تنظيم (الفوضى) التي تتخبط فيها البلاد منذ أن أجلس (حافظ الأسد) إبنه المدلل على كرسي الحكم متجاوزاً للدستور ، ومنذ أن عمِد هذا (الإبن) إلى مواصلة نهج والده في قمع واخماد تطلعات مواطنيه، اخطر ذلك كان خلال عسكرة الاحتجاجات الشعبية العام 2011 وإيغاله في سفك دماء السوريين مستعيناً بقوى خارجيةٍ إقليمية وعالمية أخرى متنافسة، لتكون النتيجة هي ما نراه اليوم.
 
لم يكتف الولد بشار بإهانة شعبه ووصفه بالمرتزق والعميل بل تجاوز ذلك باستعلاء إلى حد القول بأنه إذا كان مضطرا للحوار فسوف يتكلم مع "سادة العبيد لا العبيد" ونسي كيف كان يقف متوسلاً ومتسولاً أمام خامئي وبوتين.
 
الأسوأ من كل ذلك أن كان يستغل كل الفرص التي منحت له للحديث أمام بعض (القمم العربية) لإلقاء المحاضرات الطويلة والمواعظ السخيفة أمام بعض الزعماء الذين أرادوا استعادته من حضن إيران وارتهانه لروسيا إلى الصف العربي، دون جدوى.
 
محصلة عبث آل الأسد بسوريا
 
هذا البلد اليوم بعد هروب الأسد (الصغير) يواجه الآن صراعاً معقداً ومتداخلاً في مختلف أنحاء سوريا بين أطرافٍ محلية متطاحنة ( أكثر من 1500 فصيل مسلح) وجيوشٍِ أجنبية خمسة،  متربصةٍ وطامعة، لديها مرتزقةٌ وعملاء كثرٌ من المسلحين المحليين وغيرهم مئات الشيعة الباكستانيين والأفغان وسواهم) من بينهم بحسب تقديرات غربية آلاف من مقاتلي ما يسمى بـ (تنظيم الدولة الاسلامية) فضلاً عن آلاف آخرين مع زوجاتهم وأطفالهم في المعتقلات العراقية  (6 آلاف أسير) ولدى (قوات سوريا الديمقراطية)  في شمال شرق سوريا نحو 10 آلاف من عائلاتهم أيضاً) بينهم آلاف الأجانب الأوروبيين الذين ترفض بلدانهم عودتهم إليها.
 
الحرب في سوريا كانت منذ اندلاعها على يد بشار لم تعد منذ ذلك الحين حرباً سورية- سورية، أو حرباً أهلية على الإطلاق، بل كان لم يعد لإبن الأسد فيها ناقةٌ أو جمل، انفرط خلالها عقد الدولة، وأصبح مصير سوريا بيد الآخرين، ومستقبلها رهينةً بخطط وتفاهمات هؤلاء الآخرين.
 

التعليقات