وقع المدنيين في اليمن، ضحايا لنفاق وانحياز الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، على حداٍ سوى، فقد صنفت الأمم المتحدة المدنيين اليمنيين الى صنفين، لكل صنف اسلوب تعامل واهتمام خاص به، ووفق معيار نطاق التواجد والسكن، وسيطرة كلٍ من قطبي الصراع.
ومن جهة نظر الأمم المتحدة، والمجتمع الدولي، ثمة فرق بين المدنيين اليمنيين، يكمن في مناطق تواجدهم، ولا يمكن التعامل معهم، بنفس الاسلوب والاهتمام الدوليين كمدنيين، بسبي اختلف نطاق تواجدهم وسكنهم فالذين يعيشون في نطاق سيطرة الانقلاب يحضون بالاهتمام الدولي، بينما يعاني المدنيين الذين يعيشون في نطاق سيطرة الشرعية، اهمال وتغاضي الأمم المتحدة والمجتمع الدولي عن كل معاناتهم.
لقد شارفت الخمسون يوماً لهجوم الحوثيين على حجور من نهايتها، ولم يحرك المجتمع الدولي ساكناً، نعم قرابة الخمسون يوماً، وابناء قبائل حجور تحت القصف العنيف، والحصار المطبق، من قبل جماعة الحوثي النازية على مناطقهم، وبسبب الحقد الكبير للحوثيين عليهم، عمد الحوثيين الى استخدام الصواريخ البالستية، لقصف المدنيين الابرياء في حجور، لكن ذلك لم يثير مخاوف الأمم المتحدة، ولا قلقها على حياة المدنيين، ولم يزعجها الوضع الانساني الكارثي الذي يعانية ابناء حجور، ولم يهمها نقص المواد الغذائية والدوائية وحالة النزوح والتهجير الذي تعرض له السكان، جراء قصف و حصار الحوثي لمناطقهم.
ومن خلال معركة استعادة الشرعية لمحافظة وميناء الحديدة، لاحظنا كيف تجلى نفاق المجتمع الدولي، وإنحياز الأمم المتحدة للحوثيين، بصورة اكثر وضوحاً من ذي قبل، فعندما تقدمت قوات الشرعية نحو مدينة الحديدة، واقتربت اكثر من إستعادة ميناء الحديدة الحيوي الهام، تحرك المجتمع الدولي، وعادة مساعي وجهود الأمم المتحدة، برغم ان قوات الشرعية لم تستخدم اسلوب الحوثيين، ولم تقوم بقصف مناطق سيطر الحوثيين بقذائف المدفعية والدبابات، حفاظاً على ارواح المدنيين وسلامة ممتلكاتهم، ولم تندد الأمم المتحدة باسلوب الحوثييم مم اتخاذ المدنيين، دروعاً بشرية لحماية مقاتلية في الحديدة، ووسيلة لإعاقة تقدم قوات الشرعية نحو مدينة وميناءالحديدة لإستعادتها.
لقد احرزت قوات الشرعية، انتصارات كبيرة على مليشيا الحوثي الانقلابية في الحديدة، مما سبب إنزعاج شديد للمجتمع الدولي، وثارت مخاوف وقلق الأمم المتحدة، والتي سارعت لإنقاذهم، ووقف تقدم قوات الشرعية نحو الحديدة، معللةً تلك المساعي بالخوف والقلق الكبيرين على ارواح وممتلكات المدنيين، ابناء وسكان مدينة الحديدة.
اليوم يقف المجتمع الدولي والاقليمي، بصمت مريب، وتخاذل مخزي، امام كل جرائم وانتهاكات الحوثيين، والمجازر البشعة التي ترتكبها هذه الجماعة الارهابية النازية بحق المدنيين والابرياء، بالقصف المدفعي العنيف، على الاحياء السكنية والاسواق الشعبية، ورغم حجم الضحايا من المدنيين جراء القصف الحوثي لمناطقهم، ألا إن صمت المجتمع الدولي، مستمر مقابل استمرار جرائم الحوثيين بإستهداف المدنيين، في المناطق التي تم دحرهم منها.
نقف عاجزين امام أنفصام اسلوب الامم المتحدة في اليمن، ومن خلال تصنيفها للمدنيين اليميين الى صنفين اثنين، احد الصنفين يثيرون الإشفاق، ويستحقون الدفاع عنهم، ويجب حمايتهم، وبذل الجهود والمساعي لتجنيبهم ويلات الصراع وأثار ودمار الحرب، وهم المدنيين الذين يقعون في نطاق سيطرة مليشيات الحوثي، والعكس يحدث مع الصنف الاخر من المدنيين، الذين يتجاهل كلاً من الامم المتحدة، والمجتمع الدولي معاناتهم، ويغضون الطرف عن انتهاكات وجرائم الحوثيين بحقهم، غير مكترثين بالوضع الانساني المئسأوي الذي يعانوه، وهذا الصنف هم المدنيين، الذين يقعون في نطاق سيطرة الشرعية، و في مناطق مناهضة للانقلاب كحجور.
على كــلاٍ!!
يحضى المدنيين، في مناطق سيطرة الانقلاب، بإهتمام الأمم المتحدة، وقلق ومخاوف المجتمع الدولي، بينما اللامبالاة والاهمال وغض الطرف عن معاناتهم، والجرائم والانتهاكات التي يتعرضون لها، والقصف العنيف، الممنهج والمتكرر للاحياء السكنية والمناطق التي يعيشون فيها، من نصيب المدنيين الذين يعيشون في نطاق سيطرة الشرعية،والمناطق المناهضة للانقلاب، وهنا تتجلى صورة الانحياز الأممي، وعهر سياسة نفاق المجتمع الدولي والاقليمي في ابهى صورة.