الوطن العربي بين صفقة القرن و ثورات الشعوب
الأحد, 05 مايو, 2019 - 10:47 مساءً

لقد ابدى لنا التاريخ أنه ما من فعلٍ مغايرٍ للأخلاق وما من جريمة بحق المجتمع، إلا و للصهيونية يداً فيها. وهذه صفقة القرن هي إمتداداً لخطة تيودور هرتزل مؤسس الصهيونية العالمية، فصفقة القرن ماهي إلا للسيطرة على المحور الذي يربط شرق الكرة الارضية بغربها، و لخنق الاقتصاديات العالمية وجعلها تبعا لهم.
 
وما يحدث منذ قرنٍ من الزمن في الشرق الاوسط هو تمهيداً لأرضية خصبة مشتركة في ظاهرها، ومدمرة في داخلها. صفقة القرن ستبنا على حساب سحق الشعوب، وسرقة ثرواتهم. وما وعودهم ببناء إقتصاد فلسطين و بناء كيان إقتصادي مشترك مع دول المنطقة، هو وهن وتدليس. فالتاريخ شاهدٌ عليهم بأنهم قومٌ لا أمان معهم.
 
ومن الدعائم التي يسعون لها، لإنجاح صفقة القرن، هو بناء كيانات طاغية، للحيلولة من إنتشار الديمقراطية، التي قد تستنهض الشعوب وتشكل خطرا على صفقتهم المشئومة، معتقدين أن الجيوش التي جُهزت ضد شعوبها قادرة على دحر إرادتهم، وما يحدث الأن الغير متوقع في الجزائر والسودان وليبيا بعثر جل أوراقهم، ولهذا دأبو في المساندة الخفية حتى يبقون على شعرة معاوية لاستخدامها مع القوى القادمة.
 
فنلاحظ تصريحات ترامب لمساندة الجنرال حفتر في ليبيا عند بدايته للهجوم كانت في أوجها، معتقدا أنه سينهي الحرب لصالحه في وقت وجيز، و ما أن خابت توقعاته بفوزه وتلقيه الهزائم الواحدة تلو الاخرى بسبب المعلومات الخاطئة التي إعتمد عليها، حتى بدأ يتراجع ترامب ليحفظ ماء وجهه. هكذا هي أساليب الغرب والصهاينة يتفننون في اللعب على الحبلين. ولكن سقطت ورقة التوت وإنكشفت نوايهم، ولن تمر حيلهم على المنطقة
 
الثورات العربية القائمة حاليا هي المرحلة الثانية للربيع العربي التي تنتقل عدواها من بلدٍ إلى بلدٍ أخر وكأنها مضاداً حيوياً ليزيل الجراثيم من جسد الامة. لم نتوقع أن أنظمة طغت وتجبرت حتى ظهر لنا أن الناس اصبحوا كالقطط المستأنسة لا يستطيعون المطالبة بحقوقهم، إلا وكانت المفاجئة الغير متوقعة من هذه الشعوب التي زئرت ورمت بالطغاة إلى مزابل التاريخ. وهاهو الربيع العربي في نسخته الثانية على وشك أن يجعل المستحيلا واقعاً، وبدت معالم النصر للشعوب أن تكتمل. فجن جنون طغاة قومنا وبدأوا يصولون ويجولون، تارة لاغراء بقاية الانظمة المنهارة لتصمد أكثر، وتارة لدعم جحافل المرتزقة في ليبيا للحيلولة من إنهزامها، ولكن على ما يبدوا أن إرادت الشعوب حالت بينهم وبين خيانتهم.
 
إن تمت صفقة القرن فإنها ستكون بداية لنهاية انظمة حكامنا البالية والمهترأة اصلا، ولكن بطريقة مرحلية حتى تقوى دعائم إسرائيل، و إستنزاف ثروات المنطقة، و إستخدامها كعصى تلوح بها ضد المارد الصيني القادم، ولقطع طريق الحرير المزمع إنهائه. هي حرب تجارية شريفة من الجانب الصيني و حرب قذرة من جانب الصهيونية العالمية التي تخدم فئة من اليهود في الدرجة الأولى.
 
وأختم مقالتي هذه بمقولة هتلر زعيم النازية، الذي بطبيعة الحال لا أتفق مع نهجه، ولكن واقع الحال يفرض علينا من ذكرها : { إن الخطأ الأكثر حماقة الذي يمكن أن نفعل ربما يكون السماح للأجناس الدُنيا امتلاك الأسلحة.. ويظهر التاريخ أن كل الغزاة الذين سمحوا للأجناس التابعة لهم بحمل السلاح قد أعدت سقوطها بهذا الفعل }. والله غالبٌ على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
 

التعليقات