إنها الحرب
الأحد, 26 يناير, 2020 - 07:38 صباحاً

جيد أن نتسائل عن أسباب التراجع هنا والإنسحاب ربما هناك وعن كثير مما يحدث لكن علينا أن نعي أننا نتسائل ونحن في قلب مواجهة كبيرة وحرب شرسة لم تتوقف بعد ولم تحسم بعد. كي نحسم الموقف لصالح اليأس من كل شيء.
 
إنها حرب تربص وترصد وتكتيكات حرب معنويات وصمود وقابليات حرب مفتوحة قابلة للإستعار في كل لحظة يمكنها التأجج كل يوم وفي كل مكان.
 
إنها حرب مثابرة ومصابره وامكانات وطاقات وقدرات وعوامل متغيرة.
 
يمكن ان تؤتى جبهة قوية من ثغرة تنفتح فجاة بسبب إهمال او قصور او خيانات او تساهل او غفلة أو نقص خبرة ويمكن ان تحدث اختراقات محسوبة وذكية يتفوق عليك فيها الخصم بالإعداد وبتهيئة الظروف السانحة للهجوم والمباغتة ويمكن ان تؤتى جبهة من داخلها من ضعف عناصرها من انقسام قياداتها وتباينات تكويناتها وارتباك الارادة وعدم وحدةالقرار. ومن هشاشة الإعداد وفقر التسليح ونقص التدريب .ومن موت المعنويات من طول التوقف والتراخي ومن سأم الانتظار ومن من عدم اليقين وضبابية الرؤية ونقصان المؤونة والشعور بالغبن والإهمال.
 
نحن في حرب مشتعلة لم تتوقف ونهم ساحة معركة مذ كانت ونقطة تماس خطرة كلفت الكثير ومازالت منطقة تحد وميدان اشتباك على طريق صراع كبير ممتد.
 
وعلينا ان نعي ونحن نطرح استفساراتنا وأسئلتنا الشكاكة واتهاماتنا الموزعة هنا وهناك. أننا جزء من هذه الحرب ونتحمل الكثير فيها وهي حربنا أولا وأخيرا وهو مايعني اننا لا نستطيع نحاكم او ندين هذا اوذاك على حدوث ارتكاسات عارضة هنا او هناك ولا يمكن أن نطلق الأحكام تخفف من يقف خارج جحيم الحرب بعيدا عن المسؤولية والمسائلة.
 
لا يمكننا فعل ذلك مهما حدث لان الأمر متعلق بمصيرنا وقدرنا ووجودنا وكبرياءنا ويقع. علينا واجب اعادة الروح ومعالجة القصور والتعامل مع الانكسارات والخيبات والإخفاقات مهما كانت فادحة موجعة بصبر وصلابة وبعد نظر وفعالية وذكاء وقدرة على التجاوز. واستثمار الحدث في الدفع بالروح القتالية لأعلى مستوياتها واستغلالها كفرصة لفرض تغييرات لازمة وتوفير شروط ملائمة تتطلبها المعركة.
 
نهم ليست الا نقطة على الطريق وكل الجبهات تظل قابلة للإختراق ومأرب ليست منيعة الا بما تتوافر عليه من عوامل المتعة والقوة والتماسك والجوف كذلك ليست في منأى عن النيران . ولا ولا احد في مأمن ولا مكان يقبع خارج المواجهة.
 
من المهم تحويل ما يحدث الى عامل يقظة وانتباهة اكبر على كل المستويات وفي كل المناطق ومن المهم التركيز. على الأخطاء والاختلالات والبحث عن سبل معالجتها والعمل على دعم الجبهات وابقاء الجميع في حالة استنفار وتحفز. وتكثير المسؤوليات على اصحاب القرار ووضعهم أمام الحقائق والاشتغال في لحظات حساسة ومهمة كهذه من أجل تجاوز. الوهدة وإعادة لملمة الصف وتعبئة الجماهير والبحث عن سبل النهوض والثبات ورفع الروح المعنوية وشحذ ألهمم والعزائم والتحذير. من مغبة استمرار التساهل والوهن والركون الى الأوهام.
 
إنها الحرب لها منطقها وجبروتها ومفاجأتها ولها أدواءها وتعبها وضروراتها ولها رجالها وأبطالها.
 
ولقد سال عمر بن الخطاب يوما عمرو بن معد يكرب الزبيدي فارس اليمن الكبير. : ماالحرب ؟فأجابه وهو الفارس الخبير المجرب :" انها مرة المذاق ان قلصت عن ساق- أي إذا كشفت عن ساق.
 
من صبر عليها عرف ومن ضعف عنها تلف " نحتاج الى مثل هذا الوعي في تعاملنا مع الحرب ومجرياتها ومستجداتها ودواهيها ومفاجآتها السارة والمؤلمة . الحرب كلفات وجراحات وحين يسقط المعنى تسقط المعنويات ويعلو صوت المعاناة.
 
قدرنا أن نخوض حربا على هذه الشاكلة نتحمل أعبائها واوزارها كاملة ونتقاسم فيها كل شيء شئنا ام ابينا . لا يسعنا اعلان الاستسلام قبل ان نريق اخر قطرة دم ، ولا يمكن لنا إشمات العدو فينا بأكثر مما أراد.
 
هي حربنا ونعرف كم هي نهمه وكم هي "نهم" على طريق الجائعين الوطن.
 
*نقلا عن صفحة الكاتب في فيسبوك.
 

التعليقات