لست بكذّاب ولا بعاشق
الاربعاء, 19 أغسطس, 2020 - 02:11 مساءً

لست بعاشق كما تصوّر لكم كتاباتي في الغالب ، ولا ترسموني في أخايلكم ذلكم العاشق الولهان ،حالكم كحال أستاذي د.عبدالسلام ، وإني امرؤ قد طال بي العمر ، وبلغت من الكبر زمنا ، وقد عشقت حتى رقَ لحالي الشجر والحجر ، ونلت محبوبي ، ولم يزل للتو معي ، لم يتبدل ، ولم يتغيّر.
 
كنت حتى وقت قريب أتغزل ب" أم زاهر" زوجتي الحبيبة وذاك حينما تأتني الهواجس ، بيد أن أصولها القبليّة العميقة حالت دون ذلك ، ومع تغيّر الأيام ، وتبدل الأزمان ، أحببت أن أنحو منحى الأوائل الكبار ، فمنذ عامٍ أو ربما تزيد يممت شطر التعزيات ، وما أغلاهن وأعزهن ، ربما إني معجب بإحداهن ، أو بجميعهن ، لا يهم ، والمهم أني أكتب ، وإن كتبت فليس بالضرورة أن أكون عاشقا صادقا كقيس ليلى ، لكن لن أصير بكاذب.
 
شبهوني بجد العرب وشاعرهم امرئ القيس والذي كان له فتيات كثيرة ، ومعشوقات عديدة ،ليست فاطمة وحدها التي أكثرت من تدللها ، ما أعجبني من قول النقاد في امرئ القيس إنه ليس بعاشق ، وإنما كان باحثا عن ملك ضل عنه ، وتلك النسوة اللاتي تغزل بهن وأفحش رمز بهن لبعض ممالك أبيه التي فقدها ورغب باستردادها .
 
أو كالعبد عنترة بن شداد ، فقد قيل إن معشوقته كانت الحرية لا عبلة ،وقد اتخذ المسكينة مطية لإبراز بطولاته الحربية وعنترياته ، وقلبه كما يرى بعض الناقدين في أكثر شعره قد خلى من العشق كما خلى جلده من البياض ، ذات مساء طلبت منه إحدى نسائه لبنا ، فلم يعطها ، وأعطاه فرسه ، فعاتبته على ذلك ، فأنشأ غاضبا يقول :
 
لا تَذكُري مُهري وَما أَطعَمتُهُ
 
فَيَكونَ جِلدِكِ مِثلَ جِلدِ الأَجرَبِ
 
أي لست بمقام الفرس أيا جارية ، وإن ذكرته أخرى سأمنعك الطعام والشراب ، وستصيرين من الجوع كالأجرب ، أو أني سأنفر منك كما ينفر الصحيح من الأجرب ، وأردف :
 
إِنَّ الغَبوقَ لَهُ وَأَنتِ مَسوأَةٌ
 
فَتَأَوَّهي ما شِئتِ ثُمَّ تَحَوَّبي
 
وهنا يؤكد على أن الغبوق وهو ما يشرب بالعشي كشراب الصبوح للخيل لا لها ، وهي مسوأة حزينة مخيرة بين البكاء والآهات.
 
وترأه يخيرها ثانية بين الجلوس معه دون سؤاله مرة ثانية وبين الذهاب عنه ، وحجته أنها لن تنفعه إذا أغار عليه العدو ، ولن ينفعه سوى ذلك الفرس الأجدر بالصبوح والغبوق ، وإن أخذوها سبية فإنها سوف تتكحل من يوم الغارة وتتخضب .
 
قال ساخرا:
 
إِنَّ الرِجالَ لَهُم إِلَيكِ وَسيلَةٌ
 
إِن يَأخُذوكِ تَكَحَّلي وَتَخَضَّبي
 
فهل إن كان عنترة - كما تسهب الأساطير عاشقا لعبلة حقيقا سيقول مثل هذا؟!
 
 

التعليقات