لم يمثل الإسلام حين ظهوره أية إشكالية لليمنيين، فهو امتداد لرسالات السماء والتي تدعو للإسلام وكانت موجودة من قبل ومنتشرة في كل أرجاء اليمن الكبير.
من يؤرخون لدخول اليمنيين في الإسلام في جمعة رجب لا يدركون أن الإسلام نزل في اليمن وبين اليمنيين، وما قريش إلا امتداد للقبيلة اليمنية؛ جرهم، ثم خزاعة، واللتان سكنتا قرية مكة وهي صحراء قاحلة، كما سكنت القبائل اليمنية في يثرب، وغيرها من القرى على امتداد طربق البخور الممتد من ميناء مرفأ قنا في شبوة إلى العلا ومنها يتفرع إلى العراق وإلى غزة في فلسطين.
الإسلام فعلياً نزل في جنوب الجزيرة العربية حيث امتدت اليمن القبيلة والدولة في كل ربوعها بل امتدت إلى شمال الجزيرة العربية وشمال وشرق أفريقيا. لكن المرويات تناست أن اليمن في عصر النبي محمد صلى الله عليه وسلم ليست الجمهورية اليمنية بحدودها الجغرافية اليوم، وإنما هي ماعرفت بالعربية السعيدة وتضم كل مساحة جنوب الجزيرة العربية - بمافيه اليوم دول الخليج والجمهورية اليمنية - لقد ساهمت تلك المرويات التي كتبت في أواخر العصر العباسي في صناعة هذا الفصل المتوهم بين قبائل اليمن. فمعظم من أمن بالنبي في مكة هم من أهل اليمن ومن أصحاب الأرض مكة وما حولها، وكذلك يثرب يمنية بأوسها وخزرجها ويهودها.
وأما إرسال النبي صلى الله عليه وسلم معاذ إلى الجند فهو إرسال يمني إلى بعض قومه، وكذلك بقية الرسل إلى أجزاء جنوب الجزيرة العربية الممتد من الكويت إلى سقطرة ومن البحرين إلى تهامة.
صحيح لم يكن في اليمن في ذلك العهد دولة، لكن الجغرافيا والديمغرافيا لم تتغير عما سبق في عصور الدول اليمنية القديمة سبأ ومعين وحضرموت، ومن شاء فليقرأ زيارة عبد المطلب لملك العرب سيف بن ذيزن ففيها ما يوضح ما قلته أعلاه.
الخلاصة لايوجد يوم محدد لدخول اليمنيين في الإسلام وهم أول من اعتنقه في مكة وكل سكان مكة من اليمن، ولم تظهر إدعاءات عجمية العدنانية ويمنية القحطانية إلا في وقت متأخر عن بزوغ فجر الإسلام، وهي كغيرها من إدعاءات ومرويات النسابة التي لا تستقيم لها سردية ولا تتماسك فيها رواية.
هناك تاريخ سياسي لجنوب الجزيرة العربية، وتاريخ اجتماعي وأثار ونقوش منتشرة على امتداد كندة اليمنية من حضرموت إلى نجد، وهناك أدب وشعر موضوعي متجرد، يبطل كل الادعاءات الواهية التي صنعتها الخلافات على كراسي الحكم.