في الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية اليمني عبدالملك المخلافي الاتفاق مع مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد على عقد مباحثات جنيف منتصف الشهر الجاري، اُغتيل محافظ عدن اللواء جعفر محمد سعد في عملية إرهابية تبنّت مسؤوليتها "داعش"، ولا يمكن التثبّت اليوم من أن يكون وراء هذه العملية "القاعدة" أو "داعش" أو "الانقلابيين"، لكن الأكيد أنهم أوجه لعملة واحدة يقف وراءها علي عبدالله صالح الذي كشف تقرير أممي صدر في أكتوبر الماضي ارتباط صالح بتنظيم "القاعدة".
هذه العملية الإجرامية بلا شك تلقي بظلالها على المشهد الأمني في اليمن، وخطورة مآلات تحوّله في المدى القريب والبعيد إلى عراق آخر تشيع فيه عمليات الاغتيال، إذا لم يتم تدارك ذلك، من خلال دعم التحالف العربي الذي أخذ على عاتقه الحفاظ على الأمن الإقليمي، والخطر المحدق بخط التجارة العالمية عبر باب المندب والأمن الدولي، وعدم تحوّل اليمن وبحر العرب إلى بيئة توتّر تصدر الإرهاب إلى العالم كما هو حاصل في سورية أو العراق أو حتى ليبيا.
أمام مجلس الأمن مسؤولية أكثر إلحاحاً من ذي قبل بالضغط على قوى الانقلاب، ومن يقف وراءها من الدول الإقليمية وتفعيل القرار (2216) الموافق عليه تحت الفصل السابع بشكل كامل، وعدم أخذ وضعية المتفرج، إذ لا يمكن أن يقف مكوّن واحد في وجه الحلول السياسية، وخاصة إن كان ذلك الطرف أو المكوّن هو من أوصل اليمن إلى هذه الحالة.
إن من الضروري إدراك أن المؤسسة الأمنية اليمنية بحاجة كاملة إلى أن تعود إلى حظيرة الدولة مع إعادة تأهيلها وهيكلتها، وقد بدأت دول التحالف بالفعل بذلك؛ فقد أهّلت ودرّبت 600 رجل أمن، وقدمت لهم تجهيزات كاملة، ومثلما نرى اليوم الاستماتة الدولية في الحفاظ على مؤسسات الدولة السورية، وتحديداً المؤسسة العسكرية، فإن مؤسسات اليمن اليوم أكثر تماسكاً وأكثر قدرة على العودة بقوة إلى الإمساك بزمام الأمور منها في سورية، فور القضاء على معوقات إنهاء الأزمة اليمنية، لاسيما وأنه يتوافر لديها القدرة على مكافحة الإرهاب استناداً للخبرة الدولية المشتركة والتعاون الإقليمي الذي يشير إلى تحقيق منجزات أمنية ملموسة في مكافحة "قاعدة اليمن" وإضعافها بشكل كبير، وبالتالي حري بنا عدم انتظار انهيار ما تبقى من هذه المنظومة الأمنية.
من شأن إرغام الحوثيين والانقلابيين البدء في تنفيذ قرار (2216) أن يدفع باتجاه إنهاء الأزمة التي افتعلوها من خلال تحريض دول إقليمية.. إن هدف تماسك اليمن لا يتعلق بالفترة الحالية التي تتواجد فيها قوات عربية وإسلامية، بل يمتد إلى فترة ما بعد "إعادة الأمل" حيث يتطلب ذلك جهوداً كبيرة في دعم تماسك الدولة أمام تحديات عدة أبرزها التحدي الأمني.
* كلمة صحيفة الرياض