[ البتكوين استطاعت في 2020 أن تتحدى النظرة التقليدية إلى العملات المشفرة على أنها مخزن غير موثوق به للقيمة (رويترز) ]
في 11 ديسمبر/كانون الأول، كتب خبير مالي بارز في نشرة إخبارية خاصة لعملائه أن عملة البتكوين (Bitcoin) قادمة بقوة، وأنه سيكون من الخطأ الوقوف في وجهها، مشيرا إلى أن حجم الطلب على البتكوين سيفوق ما هو معروض في السوق.
وفي تقرير نشرته صحيفة "فايننشال تايمز" الأميركية (Financial Times)، تقول الكاتبة إيزابيلا كامينسكا إن الخبير المالي يتوقع أن تصبح البتكوين المجال الاستثماري المفضل للراغبين في المخاطرة عام 2021.
وفي الأيام الماضية، أكد موقع "كوين ديسك" (CoinDesk) الإخباري أن شركة "رافر" (Ruffer) المتخصصة في إدارة الاستثمارات ومقرها المملكة المتحدة، جمعت حوالي 550 مليون جنيه إسترليني من البتكوين منذ نوفمبر/تشرين الثاني، وهو ما يمثل حوالي 2.7% من الأصول لدى الشركة.
وحسب الكاتبة، فإن الخبراء ينظرون إلى هذه الخطوة التي أقدمت عليها شركة "رافر" على أنها بداية لتوجه واسع النطاق نحو الاستثمار في عملة البتكوين، حيث لم تعد الشركات الاستثمارية قادرة على تجاهل صعود هذه العملة.
ومع صعود قيمة البتكوين منذ ذلك الحين، وقبولها بشكل أكبر في دوائر الاستثمار، ترى الكاتبة أن هناك 4 عوامل رئيسية أدت إلى هذا الصعود.
البتكوين أحد أهم فئات الأصول
سواء أحب النقاد ذلك أم لا، لم يعد من الممكن تجاهل البتكوين كأحد أهم فئات الأصول.
صحيح أن هذه العملة المشفرة ما زالت عديمة الفائدة نسبيا كوسيلة للتبادل خارج سوق الشبكة المظلمة، ولكنها أصبحت تستمد قوتها من عامل آخر أكثر أهمية، وهو قدرتها على تجنب الهبوط إلى الصفر رغم عدم ارتباطها بأي ضمانات مؤسسية.
كما أن البتكوين استطاعت في 2020 أن تتحدى النظرة التقليدية إلى العملات المشفرة على أنها مخزن غير موثوق به للقيمة، على عكس العملات الورقية المدعومة حكوميا.
ففي العام الحالي، قامت الكثير من شبكات القرصنة الإلكترونية بسرقة المعلومات وطالبت بأن تحصل على المقابل بالبتكوين، ورغم أن ذلك يعتبر عملا غير قانوني، فإن الكثير من معارضي الحكومات يرون أنه لا يختلف كثيرا عن السياسات الضريبية التي تهدف إلى ضمان استقرار العملات التقليدية.
والنهج الذي تتبعه شبكات الجريمة الإلكترونية لـ "تحصيل الضرائب" من الأثرياء والشركات متعددة الجنسيات، أصبحت أكثر فعالية من سياسات الحكومات رغم القوانين الصارمة التي تستطيع أن تطبقها على المخالفين، وهو ما يصب في صالح البتكوين الذي يكتسب يوما بعد يوم قدرا أكبر من الشرعية في السوق مقارنة بالعملات التقليدية، وفق تعبير الكاتبة.
الخضوع للقوانين
لفترة طويلة، عملت الحكومات على عرقلة الاستثمار المؤسسي في البتكوين عبر مجموعة من اللوائح والقوانين الصارمة، لكن الأمر بدأ يتغير مؤخرا مع اعتراف العديد من الجهات الرسمية بالعملة المشفرة وسن لوائح تنظيمية جديدة للاستثمار فيها.
والخضوع للوائح جعل البتكوين تفقد أحد أبرز سماتها التقليدية، وهو العمل خارج سلطة القوانين وتحدي الرقابة الحكومية، لكنه سيتيح لها في المقابل أن تتوسع بشكل أكبر بكثير في سوق الاستثمار المؤسسي.
تقلبات البتكوين
في السادس من يونيو/حزيران 2011، كانت عملة البتكوين تساوي 8 دولارات، ورغم خيبة الأمل الكبرى حينها من العملات التقليدية في ظل الأزمة الاقتصادية العالمية، فإن معظم الخبراء كانوا يرون أن العملة المشفرة ليست إلا حلما تحرريا غير واقعي بسبب تقلب قيمتها.
وفي عام 2020، ما زالت التقلبات أكبر عدو للبتكوين -كما تقول الكاتبة- لكن هذه الخاصية ذاتها قد تكون مقياسا اقتصاديا مفيدا للحكومات في تقييم تقلبات العملات التقليدية.
مرونة البتكوين
نجحت عملة البتكوين رغم كل التشكيك في قدرتها على الاستمرار، في أن تثبت جدارتها على امتداد 12 عاما وتتحدى كل العوائق والهزات، ورغم أنها ليست أكثر كفاءة أو سهولة في الاستخدام من العملات الورقية التقليدية -وفقا للكاتبة- لكن لا أحد يمكن أن ينكر مرونتها وقدرتها على تحدي العملات الورقية، مما جعل الشركات الاستثمارية تتجه نحوها بقوة في الفترة الأخيرة.
يشار إلى عملة البتكوين سجلت مستوى قياسيا جديدا هذا الشهر عندما كسرت حاجز 23 ألف دولار، وسط تزايد الطلب على الاستثمارات عالية المخاطر.
وصعد سعر عملة البتكوين بنسبة 207% منذ مطلع العام الجاري، ارتفاعا من 7208 دولارات للوحدة الواحدة في ختام جلسات 2019.