[ الثراء الفاحش لسكان بلدة باستي هيلز دفعهم لبناء سور حول البلدة لحمايتها (مواقع التواصل) ]
تكشف بلدة باستي هيلز الأرستقراطية بمنطقة لواسان (شمال شرقي العاصمة الإيرانية طهران) عن التفاوت الطبقي الصارخ في إيران، وتبرز الفوارق الكبيرة بين فئات المجتمع، وهو ما دفع وسائل إعلام وناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي إلى طرح تساؤلات بشأن مصادر الثروة والتمييز الاقتصادي.
وأثارت الصور التي انتشرت من داخل البلدة حين فتحت أبوابها الرئيسية للمرة الأولى منذ 16 عاما؛ غضبا شعبيا ورسميا عارمين، وردود أفعال منددة بالترف الفاحش الذي تعيشه فئة قليلة على حساب الشعب، الذي يعاني من مشاكل جمة، بسبب الأزمة التي يتخبط فيها الاقتصاد الإيراني.
وأصدرت السلطة القضائية بعد تنصيب المرشح الخاسر في الانتخابات الرئاسية إبراهيم رئيسي رئيسا لها قرارا بفتح البوابة الرئيسية للبلدة، بعد رفع شكاوى كثيرة من أوساط رسمية وشعبية طالبت بإزاحة الجدار الذي وصفته "بالعنصري".
ويقول نشطاء إيرانيون إنه رغم مضي نحو عقدين من إنشاء البلدة، وفصلها عن محيطها، فإن تغريدات قاطنيها ونشر صور من داخلها على شبكات التواصل الاجتماعي قد تكون السبب الرئيسي في إثارة الحساسية حولها بين الفينة والأخرى، لأنها كشفت عن جانب من عدم مراعاة القوانين السارية في الجمهورية الإسلامية داخلها.
ووصفت وسائل إعلام إيرانية المنطقة بالبلدة الأرستقراطية، وقالت إن المرء يشعر حين يشاهد معالمها بأنه يقف في حضرة ملوك إيران القدماء، وأن هيبتها قد تطغی على قصور شاه إيران، واختار بعضها "الفرعونية" وصفا لتلك البلدة.
ورفض المجلس البلدي في مدينة لواسان تطويق البلدة بسور، وأكد أن الشوارع والأزقة جزء من المدينة، وقال إنه لا يمكن فصل قطعة من الأرض وتطويقها على أنها عقارات خاصة.
تمييز اقتصادي
واعتبر سيد أحسن علوي نائب رئيس لجنة الإعمار في البرلمان الإيراني في خضم الانتقادات المتصاعدة إنشاء بلدات أرستقراطية في الجمهورية الإسلامية ظاهرة غريبة تكشف عن الطبقية في المجتمع.
وعجت شبكات التواصل الاجتماعي والإعلام الرسمي الإيراني عقب تصريحات علوي بالتعليق على مدينة الأثرياء، واعتبرتها رمزا للتمييز الاقتصادي، وطالبت بالحد من تفشي الظاهرة.
وظهر خطاب جديد للمرة الأولى في إيران يتعاطف مع الطبقة الأرستقراطية بالقول إنه توجد بلدات كثيرة مماثلة لباستي هيلز في الدول المتقدمة، وإن المفارقة الرئيسية تكمن في أن طرق جمع الثروة مكشوفة للجميع، ولا توجد ملفات تتعلق بتهرب أصحابها الضريبي.
وأعادت بلدة باستي هيلز الإعلام الإيراني لطرح موضوع الطبقية في البلاد، ووجهت العديد من الصحف ووکالات الأنباء أصابع الاتهام إلى المؤسسات الرقابية، مثل البرلمان الذي تقول إنه لا يؤدي مهمته بمراقبة المؤسسات التنفيذية.
وتعالت الأصوات المطالبة بوضع حد لتكرار ظاهرة الحياة الأرستقراطية، ومنع إنشاء بلدات أخرى مثل باستي هيلز، وقالت إن أكثر ما أثار حفيظة الشارع الإيراني هو أن أصحاب بعض هذه الفلل من أقرباء المسؤولين والمتنفذين، ولا يتسنى لهم المكوث فيها سوى أيام العطلة ونهاية الأسبوع.
الشرخ الطبقي
ويرى مراقبون في إيران أن وتيرة الفقر ازدادت أكثر من أي وقت مضى، في ظل البطالة المتفشية والتضخم وانخفاض القيمة الشرائية للعملة المحلية؛ بسبب الفساد والعقوبات الأميركية، وأن هذه الظروف جعلت الغني يزداد ثراء والفقير يزداد فقرا، وسحبت شريحة كبيرة من المجتمع من الطبقة الوسطى إلى تحت عتبة الفقر.
ووفقا لمحللين إيرانيين، فإن باستي هيلز ليست سوى بلدة واحدة من البلدات التي أنشئت في ربوع إيران، والكثير منها لايزال غير مكشوف، وهي ناتجة عن الغموض الذي يكتنف الاقتصاد وعمليات الاحتيال المالي، وأن الأموال التي خرجت من إيران وهربت إلى الخارج -خاصة لكندا- قد تساوي أضعاف ما أنفق في هذه البلدة.
وأنشئت بلدة باستي هيلز في منطقة لواسان لتصبح بإطلالتها على مدينة لواسان وبحيرة سد لتيان مقر العديد من النجوم والمشاهير والمتنفذين وغيرهم من الأثرياء، وذلك مثل منطقة بيفرلي هيلز في مدينة لوس أنجلوس بولاية كاليفورنيا الأميركية.
ولا تحوي البلدة -التي تقع على مسافة قريبة من العاصمة طهران والمحاطة بجدار یبلغ ارتفاعه سبعة أمتار- سوى 36 بيتا واسعا وفخما، تتوسطها الحدائق الواسعة.
وشيدت باستي هيلز عام 2001 على سفوح سلسلة جبال ألبرز على ارتفاع مئتي متر من سطح بحيرة سد لتيان، غير أنها سرعان ما صارت مكانا للترويح عن النفس، وسكنا فاخرا للطبقة الأرستقراطية في إيران.
وتبلغ مساحة بعض الفلل في باستي هيلز الإيرانية أكثر من 2500 متر مربع، ووصلت أسعارها لمستويات خيالية قد توازي مجموع راتب العامل العادي في إيران طيلة 222 قرنا.