[ ارشيف ]
تبدو الحرب التجارية سائرة في اتجاه أكثر شدّة بين الصين والولايات المتحدة، بعد فشل المحادثات المتكرّر في بلوغ اتفاق نهائي، بينما بدأت بكين ترد على تصعيد الرئيس دونالد ترامب بإضعاف قيمة اليوان ومقاطعة الصويا الأميركية المستوردة.
فقد بدأت معركة ترامب التجارية مع الصين تبدو وكأنها حرب مستمرة إلى الأبد، وكأن ساحتها مستنقع لا أفق واضحًا للخروج منه، إذ لا يوجد حتى الساعة طريق واضح لاجتراح حل، ما يزرع مزيدًا من الألغام الأرضية المحتملة في درب اقتصاد عالمي يعاني أصلًا من الهشاشة والضعف.
ومع إعلان ترامب الأسبوع الماضي أكبر زيادة في التعرفة الجمركية على واردات الصين، أوضح أنه يشعر بالغضب من نظيره، شي جين بينغ، ومن عدم الجدية الصينية في التوصل إلى اتفاق، وهو ما أضر باقتصاد البلدين، ووضع ترامب وفريقه في مأزق لا تتوافر لديهم فيه أفكار بديلة للتفاوض ولا طريقة محدّدة لإنهاء الحرب التجارية، حسبما أوردت شبكة "بلومبيرغ" في تقرير لها اليوم.
ذروة أضرار الحرب عام 2021
وفي حين يتوقع الخبراء أن تصل الآثار الاقتصادية للحرب التجارية إلى ذروتها عام 2021، قال عضو مجلس المستشارين الاقتصاديين للرئيس جورج دبليو بوش، فيليب ليفي، الذي يشغل الآن منصب كبير الاقتصاديين في شركة شحن البضائع "فليكسبورت": "لم ندخل هذه الحرب بخطة واضحة لكيفية الخروج"، مضيفًا: "يبدو أن خطة الخروج كانت: سنهددهم، فيستسلمون، ثم سنكون سعداء. حتى الآن لم نر أي شخص يتحدث عن البدائل في حال لم يستسلم الصينيون".
وبدلاً من الانحناء أما عواصف ترامب، رد المسؤولون الصينيون يوم الإثنين بالسماح لليوان بالانخفاض، وقطع مشتريات فول الصويا الأميركي. وهم يتعهّدون بمزيد من الردود الانتقامية إذا مضى ترامب في تهديده بفرض الرسوم الجمركية على الواردات الصينية ابتداءً من 1 سبتمبر/ أيلول القادم.
وتشمل هذه السلع الاستهلاكية، مثل الهواتف الذكية وملابس الأطفال ولعب الأطفال، وتقدر قيمتها مجتمعة بنحو 300 مليار دولار في التجارة السنوية، بما يتجاوز السلع البالغة قيمتها 250 مليار دولار والتي تأثرت حتى الآن برسوم ترامب على الواردات.
ترامب: انتهاك خطير
وقد ندّد الرئيس ترامب اليوم بالإجراء الذي اتخذته الصين يوم الإثنين بشأن عملتها، إذ سمحت بكين لليوان بتخطي مستوى رئيسي عند 7 يوانات مقابل الدولار لأول مرة في أكثر من 10 سنوات، واصفاً ذلك بأنه "انتهاك كبير".
وكتب ترامب على تويتر: "خفضت الصين سعر عملتها إلى مستوى تاريخي متدن تقريباً. هذا يسمى تلاعباً بالعملة. هل تسمعونني يا مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الأميركي)؟ هذا انتهاك كبير سيُضعف الصين بصورة كبيرة بمرور الوقت!".
ومن بكين، قال محافظ بنك الشعب الصيني (البنك المركزي)، يي قانغ، إن الصين لن تستغل عملتها كأداة للتعامل مع اضطرابات خارجية مثل النزاعات التجارية.
وذكر في بيان على موقع البنك الإلكتروني أن الصين لن تشرع في خفض قيمة اليوان لأغراض تنافسية، مضيفاً أن السلطات ستحافظ على استقرار واستمرارية سياسات إدارة الصرف الأجنبي.
وقال يي إن سعر صرف اليوان عند مستوى مناسب حالياً يتماشى مع العوامل الاقتصادية الأساسية والعرض والطلب في السوق، مضيفاً أن البنك المركزي لديه الخبرة والقدرة للحفاظ على استقرار العمليات في سوق الصرف الأجنبي.
شركات صينية توقف شراء منتجات زراعية أميركية
وذكر الإعلام الصيني الرسمي يوم الإثنين، أن الشركات الصينية توقفت عن شراء منتجات المزارع الأميركية بعد تهديد ترامب بفرض مزيد من الرسوم على واردات بلاده من الصين. ونقلت وكالة الصين الجديدة الرسمية عن هيئة التنمية الوطنية والإصلاح ووزارة التجارة قولهما ان الصين "لن تستبعد مؤقتا احتمال فرض تعرفات إضافية على وارداتها من المنتجات الزراعية الأميركية للصفقات المبرمة بعد 3 أغسطس/ آب، كما أوقفت الشركات الصينية ذات العلاقة مشترياتها موقتا من منتجات المزارع الأميركية".
هبوط الأسهم والنفط بفعل مخاوف التجارة
وقد نزلت الأسهم الأوروبية لأدنى مستوى في شهرين يوم الإثنين مع اشتداد موجة البيع العالمية التي أثارتها التوترات التجارية، مما دفع اليوان الصيني لأدنى مستوياته في أكثر من 10 سنوات وأدى لهبوط أسهم قطاعات التعدين والسلع الفاخرة والتكنولوجيا التي تتأثر بالتجارة.
وهبط المؤشر ستوكس 600 للأسهم الأوروبية 2.3%. ومع أخذ خسائر يوم الجمعة في الحسبان، تكبد المؤشر أكبر خسارة على مدى يومين في أكثر من 3 سنوات مع إقبال المتعاملين على بيع الأسهم وشراء الملاذات الآمنة مثل السندات الحكومية.
كذلك، انخفضت أسعار النفط وسط مخاوف من تراجع الطلب، فيما قدّم التوتر في الشرق الأوسط بعض الدعم للأسعار، مع احتجاز إيران ناقلة قالت إنها تهرب النفط.
وبحسب رويترز، هبط مزيج برنت أثناء التعاملات 0.8% إلى 61.39 دولاراً، ولم يكن خام القياس الأميركي غرب تكساس الوسيط أحسن حظاً، إذ انخفض هو الآخر متراجعاً 0.4% إلى 55.42 دولاراً.