[ تراجع سعر الاسترليني ]
عاد الجنيه الإسترليني للارتفاع فوق مستوى 1.20 مقابل الدولار، وسط تردد العديد من البنوك والشركات في المضاربة على العملة البريطانية التي باتت يحكمها التصويت البرلماني وليس قوى السوق.
ووسط الضباب الكثيف الذي يحجب الرؤية السياسية والاقتصادية لمستقبل البلاد، بات تحليل وتحديد مستقبل الإسترليني وتوقع توجهاته يحيّر معظم المضاربين.
وبعد تراجعه الكبير يوم الثلاثاء، صعد الإسترليني في تعاملات اليوم الأربعاء إلى 1.21 دولار في التعاملات الصباحية في لندن. وكانت العملة البريطانية قد تراجعت إلى أدنى مستوياتها منذ ما يقرب من ثلاث سنوات يوم الثلاثاء إلى ما دون 1.20 دولار.
ويعد هذا المستوى من التراجع مؤشراً على هبوط معنويات المستثمرين في العملة البريطانية. لكن هذا الارتفاع لا يعني أنه سيستقر في مستويات فوق 1.20، حيث لا تزال الآفاق تكتنفها حالة من الضبابية حسب مراقبين.
وترى صحيفة "فاينانشيال تايمز" أن الجنيه الإسترليني سيعود إلى الارتفاع بشكل تدريجي في حال تمكنت بريطانيا من الاتفاق على خروج يضمن ترتيبات تجارية لبريطانيا مع دول الاتحاد الأوروبي.
ويعود الانخفاض الكبير في سعر صرف الإسترليني إلى ارتباك المستثمرين حول مستقبل بريطانيا الاقتصادي والتجاري. إذ بينما كان حي المال البريطاني قد وضع في حساباته قبل شهر، أن بريطانيا ستخرج من عضوية الاتحاد الأوروبي في نهاية أكتوبر/تشرين الأول المقبل، وأنها مقبلة على شراكة تجارية مع أميركا، جاء التحول السياسي يوم الثلاثاء بخسارة رئيس الوزراء بوريس جونسون للأغلبية البرلمانية، وبالتالي خسارة قدرة البت في مستقبل علاقة بريطانيا مع أوروبا، وعاد قرار بريكست مرة أخرى إلى البرلمان.
وبعد تصويت البرلمان الثلاثاء الذي سحب الأغلبية من رئيس الوزراء بوريس جونسون، بات حي المال البريطاني في حيرة ولا يدري هل سيبقى جونسون في الحكم أم لا؟ وهل ستجرى انتخابات مبكرة أم لا؟ ودخل الحي في حسابات جديدة لمجموعة من السيناريوهات.
وسط هذا المناخ السياسي، بات الإسترليني يتأرجح صعوداً وهبوطاً وفقاً لقرارات البرلمان البريطاني وليس تبعاً لقوى السوق.
يذكر أن العملة البريطانية استفادت في ارتفاعها اليوم من تراجع سعر صرف الدولار وضعف المؤشرات الأوروبية، ومخاوف المستثمرين من دخول الاقتصاد في منطقة اليورو مرحلة الركود.
ولكن الاسترليني ليس وحده الذي أصبح ضحية لبريكست، فهناك العديد من القطاعات في بريطانيا التي تعاني بشدة من ضبابية مستقبل علاقة بريطانيا مع أوروبا، فهنالك قطاع العقارات السكنية في المناطق الاستراتيجية في لندن التي خسرت نسباً تتراوح بين 10 و30%، حسب تقديرات وكالات بريطانية عدة، من بينها وكالة "نايت فراك".
وحتى الآن يغطي الهدوء النسبي الذي تعيشه بريطانيا، إلى درجة ما حجم الدمار الاقتصادي الذي سببه المستقبل السياسي والاقتصادي المجهول لبريطانيا، ولكن هنالك حيرة تكتنف المستثمرين بشأن الإجابة على سؤال، هل ستبقى بريطانيا مع أوروبا بترتيبات تجارية أم أنها ستخرج بدون ترتيبات؟
وحتى الآن، هناك مؤشرات اقتصادية مطمئنة، من بينها معدل البطالة المنخفض، والمرتبات التي تواصل الارتفاع، ومعدل التضخم الذي يقف لدى نسبة 2.0%. وهو معدل منخفض جداً.
في مقابل هذه المؤشرات المعقولة بالنسبة لوضع بريطانيا، توجد مجموعة من المؤشرات المقلقة، وعلى رأسها انكماش قطاعات مهمة مثل التصنيع والبناء والقوة الشرائية التي تعد الماكينة المحركة للنمو الاقتصادي في بريطانيا.
وأظهر مسح يوم الإثنين أن التصنيع في بريطانيا انكمش الشهر الماضي بأسرع وتيرة في سبعة أعوام متأثرا بتعمق أزمة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي والتراجع العالمي، ما ينبئ بانحسار المؤشرات على فرص تعافٍ عالمي في الربع الثالث.
وعلى الإثر، انخفض الإسترليني بنسبة 0.6 في المائة أمس إلى 1.2081 دولار. وتراجع مؤشر آي.إتش.إس ماركت/سي.آي.بي.إس لمديري المشتريات بقطاع الصناعات التحويلية في بريطانيا في يوليو/تموز إلى 47.4 من 48، ليأتي دون متوسط التوقعات في استطلاع لرويترز بمقدار نقطة كاملة.