[ ارشيف ]
بينما تجذب إحدى الناقلات الإيرانية اهتمام العالم، يظل مراقبو النفط الجادون مهتمين بلغز أكبر من ذلك وهو البحث عن بقية أسطول إيران.
في تقرير نشره موقع "بلومبرغ" الأميركي، قال الكاتب غرانت سميث إن هذا البحث أدى إلى ظهور طرق أكثر ابتكارًا لتتبع السفن، ووجهات نظر متباينة حول كميات النفط الخام التي تُنقل سرًا إلى الأسواق العالمية. فأغلب السفن "اختفت" منذ تشديد العقوبات هذا العام، بعد تعمّد إغلاق أجهزة الإرسال التي تكشف عن مواقعها.
يقول ديفين جيوغيغان المدير العالمي للاستخبارات البترولية بشركة "جينسكايب" في دنفر في كولورادو "إيران تنجح ببساطة في تسليم نفطها إلى أشخاص آخرين أو تخزينه في علب الصفيح الخاصة بها بشكل أفضل مما يمكن توقعه".
خيارات إيران
بينما تهدف الخارجية الأميركية إلى تقليص صادرات إيران إلى حدود "الصفر" أصر وزير النفط الإيراني بيجن زنكنه على أن بلاده تعمل "ليلا نهارا" لمواصلة المبيعات، ولديها عدد من الخيارات السرية لتحقيق ذلك.
ويقول تقرير بلومبرغ: هناك نقطة واحدة تتفق عليها جميع الشركات التي تراقب إيران، وهي أن الولايات المتحدة لم تحقق هدفها بعد لأن تدفّق النفط لا يزال مستمرا.
ويضيف "في الواقع، يمكن أن تصل الصادرات اليومية إلى ما لا يقل عن مئتي ألف برميل، أو تتجاوز المليون يوميًا والتي كانت تُشحن خلال العقوبات السابقة فترة رئاسة باراك أوباما".
أرقام متضخمة؟
ينقل تقرير بلومبرغ عن دانيال جيربر الرئيس التنفيذي لشركة "بترو لوجيستيكس" في جنيف قوله "إيران اليوم أصبحت كتومة مثلما كانت على مدار الأربعين سنة الماضية. وهناك مجموعة واسعة من التقديرات المتباينة لصادراتها في الصناعة، إلى جانب وجود سلسلة من المشكلات المحاسبية التي تسببت في ارتفاع عدد هذه الأخطاء".
جيربر أضاف "إيران بالكاد تشحن اليوم ثلث الكمية التي باعتها خلال جولة العقوبات السابقة التي فرضت في وقت سابق من هذا العقد".
وأشار إلى أن بعض التقديرات الأخرى كانت متضخّمة لأنها تشمل جميع النفط الذي وقع تحميله على الناقلات أو وضعه في صهاريج التخزين المحلي، بدلاً من أن تشمل فقط النفط الذي شحن إلى الخارج.
ووفق رئيس شركة بترو لوجيستيكس فإن "إدارة ترامب قد نجحت في تقليص الصادرات الإيرانية بشكل غير مسبوق".
التقرير أشار إلى أنّه بالنسبة لبعض مراقبي إيران، تعدّ صور الأقمار الصناعية التجارية أمرا أساسيا، حيث تقوم شركة كبلر التحليلية -التي تأسست في باريس- بمقارنة هذه الصور بمعلومات أخرى مثل البيانات الجمركية والتقارير الصادرة عن وكالات الموانئ.
ويقدّر المراقبون أنّ إيران قد تمكنت من الحفاظ على تدفقات محدودة إلى الصين التي تمثّل أكبر عملائها، وأخرى إلى تركيا وسوريا، وفق التقرير ذاته.
كانت "أدريان داريا 1" -التي كانت محطّ اهتمام العالم أجمع عندما صادرتها المملكة المتحدة بالقرب من مضيق جبل طارق أوائل يوليو/تموز الماضي- ترسل إشارة تدلّ على موقعها بالقرب من ساحل سوريا، سرعان ما اختفت من رادار الأقمار الصناعية.
وحسب المحلل لدى "كبلر" سامح أحمد، فإن إيران تستخدم مجموعة من التقنيات لمحاولة تجنب رصدها بما في ذلك "العديد من عمليات النقل من سفينة إلى أخرى خارج الرادار".
هل تحقق هدف التصفير؟
أشارت كبلر إلى أن الصادرات تراجعت إلى حد كبير لتنخفض بنسبة 90% منذ تخلي الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن الاتفاق النووي في مايو/ أيار 2018 أي إلى حدود أربعمئة ألف برميل فقط يوميًا.
همايون فلكشاهي المحلل لدى كبلر أوضح أنّ "هدف خفض صادرات إيران إلى الصفر لم يتحقق قط. (لكن) إدارة ترامب نجحت بشكل كبير في ممارسة أقصى قدر من الضغط".
من المحتمل أن يكون الحجم الفعلي من النفط الذي تبيعه إيران مقابل المال ضئيلا، على حد قول سارة فاخشوري رئيسة المستشارين بشركة "أس في بي إنرجي إنترناشيونال" في واشنطن العاصمة.
وفي الأغلب، تبيع إيران بعض الشحنات لسداد الديون إلى الصين، في حين يُنقل البعض الآخر هناك إلى "التخزين غير خالص الرسوم الجمركية" دون المرور عبر الجمارك، وهذا يعني أنها لا تزال ملكا لإيران. ونتيجة لذلك، قد يكون إجمالي المبيعات في يوليو/ تموز الماضي أقل من مئة ألف برميل يوميًا، وفقا فاخشوري.
السرعة القصوى
وفقا لتقرير بلومبيرغ اكتشف ديفين جيوغيغان المدير العالمي للاستخبارات البترولية بشركة "جينسكايب" أن قدرًا كبيرًا من الإنتاج يتجاوز التقييمات الأخرى.
وبدلاً من استخدام صور الأقمار الاصطناعية لحركة الناقلات، تستخدم جينسكايب صور الأقمار الاصطناعية لاشتعال الغاز في حقول النفط لقياس مستوى النشاط هناك وحساب الإنتاج. ويقول جيوغيغان إن إيران تواصل الحفر "بسرعة قصوى للأمام" في حقول جديدة.
وتشير تقديرات جينسكايب إلى أن الإنتاج المجمع من النفط الخام والمكثفات قد انخفض بنسبة 15% فقط منذ الربع الأول من عام 2018، ومن المرجح أن يبلغ 3.9 ملايين برميل يوميًا، مع تصدير ما بين خمسمئة ألف إلى مليون برميل يوميًا.
وفي المقابل، لا يباع هذا الإنتاج الإضافي بالضرورة، وإنما يخزَّن سواء في البحر أو على الأرض، بما في ذلك المنشآت تحت الأرض غير المعترف بها على نطاق واسع.
وبالتالي، إن المرونة المفاجئة في صناعة النفط الإيرانية قد لا تدوم طويلا، لأنّه مع امتلاء مساحة التخزين قد يتوجّب على إيران خفض الإنتاج، كما يفيد تقرير بلومبيرغ.