[ صادرات السيارات الألمانية تراجعت بـ14% (رويترز) ]
بسبب انخفاض المبيعات والصادرات ونماذج المركبات الكبيرة للغاية والملوثة للبيئة، يعاني قطاع السيارات -وهو القطاع الرئيسي في الصناعة الألمانية- من أزمة بالغة، قد تؤْدي الاقتصاد كله، وإن كان المصنعون الذين أنكروا في البداية المشاكل البيئية، يقول إنهم يريدون التحول إلى التكنولوجيا الخضراء، دون التخلي عن السيارات الكبيرة.
يذكر تقرير بموقع ميديا بارت الفرنسي أن إنتاج السيارات انخفض بنسبة 12%، كما انخفضت الصادرات بنسبة 14% خلال الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام، وفقا للاتحاد الفدرالي للسيارات.
ويشير التقرير إلى أنه في سبتمبر/أيلول الحالي انخفض مؤشر "مديري المشتريات الصناعي" إلى 41.4 نقطة، وهو أدنى مستوى له منذ عقد، مدفوعا بانهيار قطاع السيارات.
التقرير أوضح أن معرض فرانكفورت للسيارات الذي عقد في الفترة من 12 إلى 22 سبتمبر/أيلول الحالي للاحتفال بإحياء السيارات الألمانية وانتقالها إلى المحركات الكهربائية، عانى من موجة من النكسات التي ترمز إلى القلق العميق الذي ابتليت به إحدى الصناعات الرئيسية في الاقتصاد الأوروبي الأول.
وقال إن شركة فولكس فاغن كانت تعتمد كثيرا على هذا المعرض لتقديم سيارتها الكهربائية 100%، وإعلان نيتها إصدار ما يبلغ 70 طرازا كهربائيا بحلول عام 2030، وتصفير رصيدها من الكربون بحلول عام 2050، واستثمار أكثر من 40 مليار يورو في التقنيات المتجددة!
مخاطر
وينقل التقرير أن رئيس الوزراء البافاري المحافظ ماركوس سودر يشعر بالقلق، لأن صناعة السيارات هي قلب الصناعة الألمانية النابض، خاصة أن المنافسة الدولية لا تتوقف على صعيد الابتكار التكنولوجي وتنتظر الاستيلاء على حصص السوق من الشركات الألمانية.
كما ينقل عن مدير مركز أبحاث السيارات بجامعة دويسبورغ وخبير السيارات الألماني فرديناند دودنهوفر قوله "نحن بحاجة ماسة للسيارات الكهربائية إذا كنا نريد أن نكون قادرين على الامتثال للتوجيهات الأوروبية عام 2020".
يشير الخبير الاقتصادي مارتن غورنيغ المتخصص في السياسة الصناعية في المعهد الألماني للبحوث الاقتصادية، إلى أن الاقتصاد الألماني يعيش وضعا محفوفا بالمخاطر، إذ توظف السيارات الألمانية ومقاولوها من الباطن مليوني شخص، وتمثل مبيعاتها أكثر من 12% من الناتج المحلي الإجمالي الألماني و20% من إجمالي صادرات البلاد.
ولتوضيح الصدمة الصناعية والاقتصادية التي تواجه القطاع -كما وصفها تقرير ميديا بارت- يقول غورنيغ "حتى الآن، كانت صناعة السيارات تستثمر بهدوء في طرزها الراقية والمربحة مع حكومة اتحادية كان دورها هو التخلص من جميع المشكلات التنظيمية والقانونية التي يمكن أن تعيق تطورها، ولكن هذا الأمر انتهى".
الحرب التجارية
دوليا، يقول تقرير ميديا بارت إن حربا تجارية بين الولايات المتحدة والصين تثقل كاهل السوق الصينية وتضطرها للتراجع، كما أن واشنطن تهدد بزيادة الرسوم الجمركية على السيارات الألمانية، إضافة إلى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي ستكون له عواقب على المبيعات الألمانية في بريطانيا، خاصة أن هذه الدول الثلاث هي الوجهات الأولى للسيارات الألمانية.
أما محليا فليس الوضع أفضل بكثير -بحسب ميديا بارت- لأن نهوض السيارة الكهربائية يحتاج إلى تركيب مليون محطة شحن، لا تملك منها ألمانيا حتى الآن سوى شبكة هزيلة تصل إلى 17 ألفا، بالإضافة إلى ارتفاع أسعار السيارات الكهربائية.
تقرير ميديا بارت يشير إلى أن عمر البطارية وشحنها من المحتمل أن يكون أحد الأسباب وراء وجود أقل من 90 ألف سيارة كهربائية 100% في ألمانيا من بين 57.3 مليون سيارة عبر العالم، وهو أمر بعيد من وعد المستشارة أنجيلا ميركل بأن ترى في عام 2020 مليون سيارة كهربائية على الطرق الألمانية.
ويقول غورنيغ إن الشركات لا تزال منقسمة على نوع المحرك الذي ستستخدمه في السيارات الكهربائية، إذ تحاول فولكس فاغن الإبقاء على البطارية، في حين تتحرك "بي أم دبليو" نحو خلية الوقود والهيدروجين، ولا أحد يعرف الخيار النهائي لأن الاستثمارات التي يحتاج لها أي من الحلول هائلة.
مستقبل غامض
يشير تقرير ميديا بارت إلى وجود عناصر أخرى تجعل مستقبل السيارات الألمانية غير واضح، ومنها امتداح صانعي السيارات والسياسيين السيارة التي صنعت في ألمانيا دون إيلاء اعتبار كبير للعوامل والتكاليف البيئية، مما جعل الألمان يعتادون على ذلك، في حين أن الأغلبية الساحقة تدعم تدابير حماية المناخ.
ويجد السياسيون صعوبة في تغيير خطابهم -يقول التقرير- لأنهم يخشون أكثر من أي وقت مضى إحباط ناخبيهم.
فزعيم الحزب الليبرالي كريستيان لا ندنر يرى أن "سيارات الدفع الرباعي التي تعمل بالديزل والتي تتنقل قليلا أفضل للبيئة من سيارة صغيرة تتنقل كثيرا"، في حين يرى المحافظ البافاري أندرياس شوير أن الحد الأقصى للسرعة على الطرق السريعة أو زيادة الضرائب على الديزل أفكار "تتحدى المنطق السليم".
ومع ذلك ما زال الخبيران دودينهوفر ومارتن غورنيغ يرفضان دفن السيارة الألمانية سريعا، ويريان أنه إذا كانت هناك قدرة على الانتقال إلى الكهرباء بالنسبة للسيارات الكبيرة فستكون هذه الصناعة في وضع جيد ويكون القطاع مربحا.