[ جلسات المؤتمر ركزت على الركائز السبع للتنمية وأبرزها رأس المال البشري ]
التأم نحو ألف شخص يمثلون ثلاثين دولة، وأكثر من أربعمئة شركة محلية وإقليمية وعالمية في فعاليات مؤتمر "كويت جديدة" الذي أقيمت نسخته الثالثة تحت شعار "قيادة الكويت نحو غد أفضل".
وبحسب المنظمين شكل المؤتمر الذي انتهت أشغاله قبل أيام منصة مكنت العالم من فهم رؤية الكويت وخططها للتحول إلى مركز مالي وتجاري جاذب للاستثمار، ورفع كفاءة الإنتاج في ظل جهاز دولة مؤسسي داعم لتحقيق التنمية البشرية، وتوفير بنية أساسية ملائمة، وتشريعات متطورة، وبيئة أعمال مشجعة.
المؤتمر عقد على مدار يومين، وتضمن جلسات عدة ركز المجتمعون فيها على الأعمدة السبعة المحددة في خطة الكويت للتنمية، وهي: موقع الكويت على الخريطة العالمية، والبنية التحتية، ورأس المال البشري، والإدارة العامة، والرعاية الصحية، إضافة إلى الاقتصاد والبيئة المعيشية.
مريم العقيل وزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية ووزير المالية بالوكالة -التي افتتحت المؤتمر- لم تفوت الفرصة للحديث عن إدراج "رؤية الكويت لعام 2035" في قانون الخطط الإنمائية، وصدور الخطة بقانون كدليل على مأسستها، وهذا الأمر يجعلها واجبة التطبيق على شركاء التنمية.
مركز مالي وتجاري عالمي
تهدف الرؤية إلى تحويل الكويت إلى مركز مالي وتجاري عالمي لتعود إلى دورها الريادي، وأن تتحول الحكومة من الدور المشغل إلى الدور المنظم والمراقب، فضلا عن منح القطاع الخاص الفرصة لقيادة التنمية.
وركزت العقيل على أنه وفي إطار سعي الكويت نحو تحقيق ركائز خطة التنمية على أرض الواقع، فإنها تسير في اتجاه إصلاح الممارسات الإدارية والبيروقراطية لتعزيز معايير الشفافية والمساءلة الرقابية وفاعلية الجهاز الحكومي، فضلا عن العمل على تطوير اقتصاد مزدهر ومتنوع بغية تنويع مصادر الدخل، والحد من اعتماد الدولة الرئيسي على العائدات من صادرات النفط.
لكن تحقيق ذلك منوط بتعزيز القانون، حسبما يرى مارك تيجيل نائب كبير مستشاري وزارة التجارة الأميركية في برنامج تطوير القانون التجاري الذي شارك في المؤتمر.
تيجيل لفت إلى ضرورة إحداث التغييرات الجذرية في القوانين والتشريعات لتعزيز بيئتي التجارة والأعمال، موضحا وجود تعاون أميركي كويتي في هذا المجال بدأ منذ عام 2006 واستمر حتى اليوم بالتعاون مع مؤسسات كويتية تحت إشراف الخارجية الكويتية.
دور القطاع الخاص
فيصل العيار نائب رئيس مجلس الإدارة التنفيذي بشركة مشاريع الكويت تحدث ممثلا عن القطاع الخاص، حيث سلط الضوء على ثلاثة معوقات ـ من وجهة نظره ـ تقف حائلا دون تحقيق الإنجازات المرجوة من "رؤية كويت جديدة".
وأجمل العيار تلك المعوقات في: ضعف دور القطاع الخاص في الاقتصاد على الرغم من بعض المحاولات على استحياء لإشراكه، إلى جانب ما وصفها بالبيروقراطية وما تسببه العوائق الإدارية من تنفير للاستثمار، وأخيرا الفساد الذي قال إنه تغلغل في المجتمع، مردفا أنه "لا يمكن أن تكون التنمية صحيحة وصحيّة في ظل وجوده".
ودعا إلى تضافر الجهود للقضاء على هذه المعوقات من خلال الجهد الصادق والتطبيق الفعّال للقانون، وأعرب عن أمله في أن تكون الحكومة الجديدة (قيد التشكيل) قادرة على مواجهتها والتعامل معها بحرفية.
أما مطلق الصانع المدير العام لهيئة مشروعات الشراكة بين القطاعين العام والخاص فقال إن أبرز المعوقات التي تقف حائلا أمام تنفيذ حزمة المشاريع التي تطرحها الهيئة هي الرقابة المسبقة لديوان المحاسبة، داعيا إلى تعديل القوانين بما يصب في مصلحة سرعة إنجاز هذه المشاريع.
وفي حديثه للجزيرة نت ضرب الصانع مثلا بأنه وفقا للمعمول به حاليا، فإن أي مشروع للهيئة يحصل أولا على موازنة من وزارة المالية لتعيين استشاري، ومن ثم تجري مراجعة جهات حكومية مختلفة للتأكد من أن بعض المواقع المخصصة للمشاريع تتوفر فيها خدمات الماء والكهرباء، وكل هذا يستغرق وقتا طويلا، في حين أن الحل -من وجهة نظره- يكمن في تعديل القوانين الخاصة بمثل هذه الأمور.
وكشف الصانع عن كثير من المشروعات التي تعتزم الهيئة طرحها في القريب العاجل بكلفة ملايين الدنانير، ومن بينها مشروع تنفيذ وتوسعة محطة "أم الهيمان" لمعالجة مياه الصرف الصحي بتكلفة تقدر بنحو 350 مليون دينار (نحو مليار و150 مليون دولار) حيث ما زال في الفتوى والتشريع للبت فيه، وكذلك طرح مشروع المدينة العمالية.
الاقتصاد الرقمي
عصام أبو سليمان المدير الإقليمي لدول مجلس التعاون في مجموعة البنك الدولي يرى أنه رغم المعوقات فإن الكويت تسير بوتيرة جيدة في ركب التطور نحو الاقتصاد الرقمي، وتنويع مصادر الدخل من خلال جلب الاستثمارات بعيدا عن النفط ومشتقاته.
وفي حديثه للجزيرة نت تحدث أبو سليمان عن أبرز التحديات التي تقف عائقا أمام تحقيق التنمية ومنها ضعف الاستثمار في رأس المال البشري بطريقة صحيحة من خلال العلم والتعليم، موضحا أن ضخ الأموال في التعليم ولو كان بنسب كبيرة لا يعني بالضرورة جودة مخرجات التعليم التي تسجل أرقاما متدنية بالمنطقة العربية.
ورأى أبو سليمان ضرورة تحسين مخرجات العملية التعليمية لتكون بالجودة المطلوبة بما يخول الجيل الجديد التعامل مع بيئة الأعمال والمشاريع التي سيطرحها القطاع الخاص والاستثمارات الأجنبية التي تتطلع لتنفيذ مشروعات في دول المنطقة.
وتوقع أن يشهد الاقتصاد نموا العامين المقبلين يصل إلى 2% بعد أن سجل تدنيا العام الحالي بلغ أربعة أعشار في المئة، حيث إن المشكلة محورها -من وجهة نظره ـ اعتماد الكويت الكبير على النفط.
ولفت بهذا الصدد إلى محاولات الحكومة تنويع مصادر الدخل من خلال إحداث تطوير في برامجها لتغيير القوانين وتسهيل الأعمال وجذب القطاع الخاص، مؤكدا وجود خطة لدى وزارة التخطيط مع بقية الوزارات لإحداث هذا التحول لكنه يحتاج إلى وقت قد يكون طويلا بعض الشيء.