[ مع انهيار الطلب على النفط من المرجح أن تضطر السعودية إلى تقليص مشاريعها المستقبلية (غيتي) ]
تُعرّض المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات علاقاتهما مع الولايات المتحدة للخطر؛ نتيجة تضارب المصالح الذي أصبح واضحا مع اندلاع حرب أسعار النفط الأخيرة، ويظل هذا الأمر صحيحا حتى لو كانت الحرب غير مستدامة في خضم جائحة كورونا.
وفي تقرير نشره موقع "مودرن دبلوماسي" الأميركي، قال الكاتب جايمس إم. دورسي إنه حتى الآن كانت السعودية محور غضب الولايات المتحدة على خلفية لا مبالاتها وتهورها، في حين تمكنت الإمارات من الإفلات من الرادار الأميركي، رغم إعلانها أنها ستزيد الإنتاج لدعم حرب الأسعار مع روسيا.
ويبقى السؤال المطروح: إلى متى يمكن للإمارات الإفلات من غضب الولايات المتحدة؟
وأفاد الكاتب بأنه تم تفادي أزمة فورية باتفاق الأحد الماضي 12 أبريل/نيسان بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للنفط والمنتجين من خارج أوبك لخفض الإنتاج بنحو عشرة ملايين برميل في اليوم.
لكن بعد يوم واحد من الاتفاق، حذّر 13 نائبا جمهوريا في الكونغرس -يمثلون الولايات المنتجة للنفط- السعودية، عبر مكالمة هاتفية استمرت ساعتين مع وزير الطاقة السعودي عبد العزيز بن سلمان.
في هذا الصدد، قال السناتور عن ولاية داكوتا الشمالية كيفن كرامر "بينما نقدر اتخاذ السعوديين الخطوة الأولى نحو حل المشكلة التي أسهموا في افتعالها؛ فإنهم أمضوا أكثر من شهر في شن حرب على منتجي النفط الأميركيين، وكل ذلك في الوقت الذي كانت فيه قواتنا تحميهم".
ويتابع "هذه ليست الطريقة التي يتعامل بها الأصدقاء مع بعضهم البعض، كانت أفعالهم غير مبررة، ولن تُنسى أبدا، وإن الخطوة القادمة التي ستتخذها السعودية ستحدد إذا كانت شراكتنا الإستراتيجية قابلة للإنقاذ".
معركة طويلة الأمد
وأوضح الكاتب أن إشعار أعضاء الكونغرس عكَس تدهور علاقات المملكة مع الكونغرس على مدى العامين الماضيين، وغضب الرئيس الأميركي دونالد ترامب من حرب الأسعار السعودية.
لكن يبقى هناك بصيص أمل لانفراج الصدام الأميركي السعودي حول أسعار النفط. وفي الواقع يوضح هذا الصِدام معالم العلاقة طويلة الأمد بين البلدين، حسب ما يعتقده الكاتب
ومع حرصها على ضرب صناعة الصخر الزيتي الأميركية، التي توفر نحو عشرة ملايين وظيفة؛ بينت السعودية أنها ستواصل العمل على تحقيق مصالحها، بغض النظر عن مخاوف الولايات المتحدة، أو إذا كان العالم يمر بانتكاسة اقتصادية هائلة نتيجة وباء كورونا، وفق الكاتب.
ونقل الكاتب عن علي شهابي، المحلل السياسي والمصرفي السابق -الذي يعكس غالبا وجهة النظر السعودية- قوله "سيكون على المملكة التقليل من نفقات الميزانية مع تقييم احتياطاتها المالية للإنفاق الأساسي، لأنها تخوض معركة طويلة الأمد، والبقاء فيها للأقوى من أجل الاستحواذ على حصة من سوق الطاقة العالمية".
وأوضح الكاتب أنه كان من الممكن للولايات المتحدة توجيه غضبها أيضا نحو الإمارات العربية المتحدة، التي سرعان ما أعلنت دعمها للتحرك السعودي لدفع الأسعار إلى ما دون نقطة التعادل مقارنة بأسعار الصخر الزيتي الأميركي، عن طريق إغراق السوق بالنفط.
وقال إنه في ظل تحذيرات السعودية واحتمالات أن تتبعها الإمارات، كان أعضاء الكونغرس يرسمون خطوط معركة لصدام متجدد في المستقبل، ربما أصبح أكثر حتمية نتيجة وباء كورونا وتداعياته الاقتصادية.
انخفاض التكاليف
مع انخفاض محتمل في قيمة احتياطات النفط ومخزونات الغاز خلال العقود القادمة بسبب الظهور البارز للصخر الزيتي ومصادر الطاقة المتجددة؛ تحتاج السعودية إلى تأمين حصتها في السوق عبر الاستفادة من التكاليف المنخفضة، علما أنها تمتلك واحدة من أدنى تكاليف الإنتاج في العالم، كما يقول الكاتب.
ويؤكد أن انهيار الطلب وانخفاض الأسعار والانحدار الاقتصادي العالمي تزيد أهمية الحصة السوقية. ومن المرجح أن تضطر السعودية إلى تقليص المشاريع المغرية، مثل مشروع "نيوم" (المدينة المستقبلية على البحر الأحمر)، والتركيز على الإيرادات والقطاعات التي تولد فرص العمل.
وفي هذا السياق، يقول الكاتب إن بعض الاقتصاديين يعتقدون أن السعودية -وغيرها من منتجي النفط- قد تسعى إلى خلق فرص عمل وأسواق محلية وإقليمية للبتروكيماويات عن طريق دفع تطوير صناعة البلاستيك والمواد الكيماوية.
كما تشير بعض المؤشرات -حسب الكاتب- إلى إمكانية عودة السعودية إلى التركيز على مشتقات الطاقة، من خلال الاستحواذ على عدد من الشركات في أوروبا.
ونقل الكاتب عن خبراء قولهم إن الأزمة الحالية تمثل اختبارا للتقدم الذي أحرزته "رؤية السعودية 2030"، خاصة برامجها لحد من البطالة وتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط.