[ نائب المبعوث الأممي يزور صنعاء لأول مرة منذ تعيينه ]
وصل نائب المبعوث الأممي لليمن معين شريم إلى العاصمة صنعاء لأول مرة، منذ تعيينه نهاية سبتمبر/أيلول الماضي، في مهمة بعث الروح في عملية التفاوض التي توقفت منذ أشهر بين طرفي الانقلاب والحكومة الشرعية اليمنية المدعومة من التحالف العربي.
تأتي زيارة المسؤول الأممي الذي انتقل من ليبيا إلى اليمن وسط ظروف مختلفة بشكل كبير عن تلك التي كان يعمل فيها إسماعيل ولد الشيخ عندما زار صنعاء آخر مرة.
فحزب المؤتمر الشعبي العام فقد رئيس الحزب بعد مقتله على يد الحوثيين في الرابع من ديسمبر/كانون الأول الماضي، ما يجعل شوكة الحوثيين أصلب، ويضع حزب المؤتمر المتمسك بتحالفه مع الحوثيين في وضع أضعف، ويدور في مواقف الحوثيين، ولن يشذ عنهم.
لم تتضح بعد ملامح الزيارة والغرض منها، لكن القيادي في جماعة الحوثي محمد البخيتي قال لوكالة الأناضول إن المسؤول الأممي سيلتقي بمسؤولين في حكومة الإنقاذ الوطني، المشكلة من تحالف حزب صالح والحوثيين، والتي لا تحظى بأي اعتراف دولي، وقام الحوثيون مؤخرا بتطعيمها بالعديد من الشخصيات التابعة لهم، بدلا عن تلك التي كانت تابعة لصالح، وباتت توصم بالخيانة.
حديث البخيتي لا يعدو عن كونه كلاما للاستهلاك الإعلامي، فالحكومة المسماة بحكومة الإنقاذ لم تكن يوما محل لقاءات سابقة للمبعوث الأممي، ولم تكن أيضا طرفا في المشاورات السابقة التي انحصرت على ممثلين للحوثي وصالح بعيدا عن الحكومة، بل إن لقاء المبعوث الأممي مع مسؤولين حكوميين تابعين للحوثيين في السابق كان محط نقد من قبل الحكومة الشرعية التي اعتبرت تلك الخطوة اعترافا بحكومة صنعاء.
ضغوط دولية
وصول نائب المبعوث الأممي إلى صنعاء كان من المفترض أن يكون منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، وذلك بعد أسبوعين من مقتل صالح، وقالت وسائل إعلامية حينها إن الزيارة للقاء زعماء الحوثيين في صنعاء حول خطة سلام تتضمن مشاركة الجماعة في حكومة وحدة وطنية مقابل تسليم أسلحتها البالستية إلى طرف محايد، وفق ما نشرته مونت كارلو الدولية.
ووفق المصدر نفسه فإن التحالف العربي بقيادة السعودية تلقى دفعة قوية من حلفائه الغربيين، لدراسة مقترحا لمبعوث الأمم المتحدة إسماعيل والد الشيخ أحمد بإرسال نائبه إلى صنعاء، لدفع الحوثيين المتحالفين مع إيران إلى الالتحاق بمفاوضات سلام مع حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا.
وذهب المصدر إلى القول بأن وسطاء غربيين من الولايات المتحدة، وفرنسا، وبريطانيا، وروسيا شجعوا على إرسال وفد أممي إلى صنعاء، لكن الزيارة تأجلت بطلب من الأمم المتحدة لأسباب لوجستية خارجة عن إرادة الوفد الأممي.
وقبيل هذه الزيارة لصنعاء طالبت عدة جهات دولية بضرورة العودة إلى استئناف المفاوضات في اليمن، وكان من أبرز تلك الأصوات الخارجية الأمريكية، والأمم المتحدة ودول في الاتحاد الأوروبي.
ولذلك تشير الزيارة إلى وجود ضغط دولي وتوجه برعاية أممية يدعو إلى العودة للمفاوضات التي إن تمت فستكون الرابعة على التتالي منذ العام 2015م، بعد اللقاءات التي انعقدت في بال وجنيف السويسريتين ودولة الكويت بين طرفي الصراع في اليمن.
والملاحظ هنا أن رحيل صالح الذي لم يدفن بعد لم يغير في المشهد اليمني، إذ استمرت المطالبة بالمفاوضات متجاوزة هذا الحدث، رغم الوضع المهترئ الذي يعيشه حزب المؤتمر الشعبي العام، كما أنه يشير إلى أن التحالف العربي الذي أعلن أكثر من مرة عن قرع طبول المعركة والحسم العسكري في اليمن لم يتحقق منها شيء، رغم رفعه ليافطة الصواريخ الباليستية التي تسقط على المدن السعودية باعتبارها مؤشرا على عدم رغبة الحوثيين بالحوار والمفاوضات.
وأعلن التحالف العربي قبل يومين أنه متمسك بالحل في اليمن وفق المرجعيات الثلاث، وهي مؤتمر الحوار الوطني، والمبادرة الخليجية، والقرار الأممي 2216، وهو الموقف الذي خرج به سفراء دول التحالف والملاحق العسكرية في العاصمة السعودية الرياض في الثالث من يناير/كانون الثاني الجاري، والذين أدانوا رفض الحوثيين الحل السياسي وجهود مبعوث الأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن.
موقف الحكومة الشرعية
موقف الحكومة الشرعية لم يعلن، لكنه لن يمثل شيئا جديدا، إذ إنه يأتي منسجما مع موقف التحالف العربي، وطرح نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية عبدالملك المخلافي خمسة شروط لدخول حكومته في المفاوضات، وتشمل الشروط التوقف عن كل الجرائم المرتكبة بحق السياسيين والمدنيين في اليمن، والإفراج عن كل المعتقلين بلا استثناء، ووقف إطلاق الصواريخ، ووقف الاعتداءات على المدن وحصارها، والسماح للإغاثة بالوصول إلى المواطنين من دون اعتراضها، والاستعداد الصريح والواضح المسبق للالتزام بالمرجعيات الثلاث.
والشروط التي طرحها المخلافي هي ذاتها التي تتكرر قبيل كل جولة من المفاوضات، ويرفضها الحوثيون، وتنتهي المشاورات دون تحقيق أيا منها.
موقف حزب المؤتمر
وتأتي هذه الجولة الأممية في ظل خريطة جديدة، أصبح فيها الحوثيون أكثر نفوذا من قبل، فيما تراجع حزب المؤتمر في صنعاء، وبات الآن في دائرة الحوثيين، فيما تبدو القيادات المؤتمرية التي نزحت من صنعاء عقب مقتل صالح في حالة تشرد، وغير قادرة على اتخاذ موقف واضح.
وسعت أطراف خليجية إلى تسريب أنباء تفيد بأن حزب المؤتمر الشعبي العام سيدخل كطرف مفاوض ضمن وفد الحكومة الشرعية، وذلك لاستباق المواقف في صنعاء، ونقلت صحيفة الشرق الأوسط عن مصدر حكومي وصفته بالرفيع في الحكومة الشرعية بأن مفاوضات السلام كانت مبنية على طرفين، سلطة شرعية وانقلاب، وليس أحزابا، وبفض المؤتمر الشعبي العام شراكته مع الحوثيين فإن الحزب سيكون من ضمن الحكومة الشرعية، ولن نسمح للحوثيين بأن يستغلوا اسم (المؤتمر) أو تنصيب ممثلين لهم داخل الحزب، وفق الصحيفة.
لكن مسؤولين في الحكومة الشرعية أكدوا أن الوفد التفاوضي الحكومي، لم ينشأ وفق المحاصصة الحزبية، بينما قال المبعوث الأممي في تغريدة له على حسابه في تويتر بأن الوفد المفاوض للمؤتمر الشعبي العام مكون رئيسي في مفاوضات السلام، ولم يوضح إن كان ذلك يعني مؤتمر صنعاء، أم مؤتمر الخارج.
لا تزال زيارة نائب المبعوث الأممي في طور المهمة، وستكشف الجولة التي سيقوم بها في صنعاء، والنتائج التي سيخرج بها، عن طبيعة التطورات الجديدة، وهل فعلا يتجه الوضع نحو التفاوض السياسي، أم لا.