[ لم يخضع البكري لإملاءات مقربين من هادي في عدن ]
وكانت اتهامات قد وجهت من قبل أطراف في "المقاومة" للرئاسة اليمنية بالضغط على البكري للاستقالة، فيما عادت تصريحات المسؤولين في الرياض تتحدث عن قرب عودة حكومة خالد بحاح إلى عدن لعقد أول اجتماع لها في المدينة الأسبوع المقبل.
كما كانت قوى "المقاومة" قد أبدت رفضها لمحاولة الإطاحة بالبكري الذي يزور الرياض حالياً. وتعتبر "المقاومة" أن البكري "رجل المرحلة، وأكثر المسؤولين دراية بأوضاع ومشاكل عدن، فضلاً عن أنه المسؤول الوحيد الذي صمد في الحرب"، إذ لم يغادر المدينة على غرار معظم المسؤولين الذين التجأوا إلى الرياض ولم يعودوا منها إلى اليوم، إلا في زيارات تفقدية لبضع ساعات.
وكان موقف "المقاومة" الداعم للبكري قد ترجم في الاجتماع الذي عقدته يوم السبت الماضي قيادات بارزة منها في عدن والتي حذرت فيه هادي من عواقب تداعيات إزاحة البكري بعدما تعرض لهجوم شديد من قبل وسائل إعلام، يعتقد البعض أنها تتبع شخصيات مقربة من الرئاسة. ويتركز جزء من الانتقادات التي تطاول البكري، الذي اختير خلال الحرب الأخيرة رئيساً لمجلس المقاومة في عدن على كونه منتسباً سابقاً لحزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمين) على الرغم من أنه قام بتقديم استقالته من الحزب أواخر شهر يونيو/حزيران. كما توجه له اتهامات بالاعتماد على أشخاص منتمين للإصلاح في السلطة المحلية.
وكانت مصادر خاصة في "المقاومة" قد قالت لـ"العربي الجديد" إن "محاولات إقالة البكري تقف خلفها شخصيات في محيط الرئيس وبعض أقربائه لعدم خضوع المحافظ لهم، وتكليف شخصيات هي بالأساس من النظام السابق، وممن كانوا من رجال الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح". وبحسب المصادر نفسها، فإن البكري يواجه عقبات عدة أبرزها محاولات الالتفاف على "المقاومة" وجرحاها، فضلاً عن الإسراع في إعادة ضبط الأوضاع في المدينة.
وسبق أن تعرض البكري لمحاولة اغتيال في شهر اغسطس/آب الماضي في انفجار استهدف مكتبه في كلية العلوم الإدارية في مدينة الشعب.
ومن شأن هكذا أجواء مشحونة أن تزيد الأوضاع في عدن سوءاً، في ظل استمرار ما بات يصفه البعض بسياسة "خلق الأزمات"، التي لم تتوقف في عدن نتيجة الصراعات السياسية وتعقد المشهد الذي تتنازعه أطراف عدة يحمل كل منها مشروعه السياسي.
وإلى جانب أزمة المحافظ، توجد أيضاً أزمة الأمن وانتشار السلاح، في ظل تعدد الجماعات المسلحة وتكرر الحوداث الأمنية وتنوعها بين اغتيالات تطاول مسؤولين أمنيين وفي "المقاومة"، وبين سرقات وسطو على بعض المحلات التجارية أو المرافق، والتي تتهم السلطات الأمنية الخلايا النائمة التابعة للحوثيين والرئيس المخلوع بالوقوف وراءها.
وتقول مصادر أمنية إن لقاءات مكثفة وإجراءات تقوم بها قيادة الجيش والأمن والتحالف العربي و"المقاومة" في عدن لضبط الأوضاع واستعادة الحياة الطبيعية في عدن. وتؤكد المصادر أنّ "التحالف يقدم كل الإمكانيات لاستعادة الأوضاع، ومنها دعم الشرطة بمعدات وعربات وأجهزة مراقبة وغيرها، فضلاً عن نشر لواءين إماراتي وسعودي لتأمين عدن إضافة الى قوات من الشرعية والمقاومة".
وفي السياق نفسه، عقد خلال الأيام الماضية لقاء في الرياض، جمع قيادات من "المقاومة الجنوبية" بقيادات في التحالف العربي لمناقشة الأوضاع في عدن والمناطق المحيطة.
ويعد ملف الجرحى من أعقد الملفات في ظل حاجة العديد منهم إلى العلاج في الخارج من دون أن يتحقق ذلك، نتيجة لما يقول البعض إنه سياسة الإهمال، من غضب عناصر "المقاومة" الذين يلجأون أحياناً إلى قطع الطرقات للفت نظر الحكومة إلى معاناة زملائهم الجرحى.
وخلال الفترة الماضية حاولت الحكومة تسفير مجموعات من الجرحى إلى مصر والأردن ومنذ أيام وصلت دفعة جديدة الى السودان. ولقيت الدفعة الأخيرة اهتماماً من الجانب السوداني من خلال زيارة مسؤولين للجرحى.
وإلى جانب مشكلتي الأمن والجرحى، هناك أزمة أخرى عادت للواجهة في عدن، وتتمثل في انعدام غاز الطهي، فضلاً عن الوقود. وشملت الأزمة جميع المحافظات الجنوبية والمحررة من مليشيات الحوثيين والمخلوع.
وترجح بعض المصادر أن تكون أزمة غاز الطهي والوقود التي شملت عدن والمحافظات الأخرى مفتعلة، فضلاً عن مساع لإعادة السوق السوداء التي ارتفعت بشكل كبير منذ بداية الشهر الحالي في ظل عدم وجود رقابة ودور للسلطات المحلية. ويضاف إلى ذلك تحول بعض القيادات ممن ينسبون أنفسهم لـ"المقاومة" إلى ممتهنين للعمل في السوق السوداء، ولا سيما أن الأسعار في السوق السوداء أضعاف ما يتم تحديده في محطات الوقود والغاز.