دخلت الحكومة اليمنية الشرعية والمتمردون الحوثيون حالة ترقب لـ(ساعة الصفر) التي تنذر باستئناف العمليات العسكرية بين الجانبين، وبينهما التحالف العربي بقيادة السعودية التي تقف إلى جانب الحكومة الشرعية، حيث ما زال وضع الهدنة قائما رغم انتهائها مطلع الشهر الجاري وعجز مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن عن تمديدها.
ويقف الطرفان الحكومي والحوثي هذه الأيام عند مفترق الطرق بشأن الوضع العسكري، في مرحلة اللاسِلم واللاحرب، والتي فشل خلالها المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ من الحصول على موافقة الحوثيين في تمديد فترة الهدنة الإنسانية إلى فترة إضافية بعد ان نجح في تمديدها خلال الفترة السابقة، والتي دخلت حيز التنفيذ في الثاني من نيسان/ابريل الماضي لمدة شهرين، ثم تم تمديدها مرتين، مدة كل منها شهران.
ومع انتهاء فترة الهدنة الإنسانية في الأول من الشهر الجاري، أعلن الحوثيون مرارا عن تصعيداتهم العسكرية المرتقبة وعن تهديداتهم بقصف الشركات النفطية في السعودية والإمارات، بالإضافة إلى التهديد بقصف ناقلات النفط التجارية التي تبحر في المنطقة لصالح «دول العدوان»، كما يطلقون عليها، في حال استمرت في نشاطها التجاري، بالإضافة إلى التحذيرات الموجهة للشركات النفطية العاملة في اليمن، وهي تحذيرات أخذت على محمل الجد من قبل الحكومة اليمنية بالإضافة إلى دول التحالف العربي التي رفعت جاهزيتها العسكرية، تأهبا لأي احتمالات عدوانية متوقعة من قبل الحوثيين، خلال الفترة الراهنة التي خرجت فيها الهدنة الإنسانية عن السيطرة.
وعقد مجلس القيادة الرئاسي، الذي يمثل الشرعية في اليمن، الخميس، اجتماعا استثنائيا موسعا، شمل أعضاء المجلس وكافة القيادات الحكومية العليا، لمناقشة مستجدات الوضع الراهن، واتخاذ قرارات جماعية بشأن تداعيات الأوضاع العسكرية والاقتصادية والسياسية.
واستهجن اجتماع مجلس الرئاسة وقيادات الدولة التهديدات التي وصفها بـ«الإرهابية» التي تتبناها قيادات الميليشيات الحوثية ضد المؤسسات السيادية الوطنية، ودول الجوار، وخطوط الملاحة الدولية، مؤكدا «التزام الدولة بالدفاع عن المصالح العليا للبلاد، وردع أي تصعيد عدائي».
وأعلن رئيس المجلس الرئاسي رشاد محمد العليمي عن «تمسك المجلس والحكومة بنهج السلام العادل والشامل والمستدام الملبّي لتطلعات الشعب اليمني في استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الميليشيات الحوثية المدعومة من النظام الإيراني».
وقالت وكالة الأنباء اليمنية «سبأ» النسخة الحكومية، ان رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وأعضاء المجلس وقيادات الدولة، أعرب عن بالغ أسفهم لتعثر جهود المبعوث الخاص للأمم المتحدة هانس غروندبرغ في تمديد الهدنة، «بسبب تعنت الميليشيات الحوثية، وامعانها في إراقة المزيد من الدماء، ومفاقمة الأزمة الإنسانية الأسوأ في العالم».
وانتقد العليمي موقف المجتمع الدولي إزاء تنصل جماعة الحوثي من التزاماتها حيال الهدنة الإنسانية ورفضها تمديدها، وقال إن «هذا الموقف لا يكفي لردع هذه الميليشيات الحوثية، وداعميها». وأبدى استغرابه من تبريرات الميليشيات الحوثية للانسحاب من اتفاق الهدنة، موضحا انه كان لمجلس القيادة الرئاسي «الفضل في تصدير قضية الرواتب إلى طليعة إجراءات بناء الثقة، بوصفها تعهدا رئاسيا مسبقا أمام الشعب اليمني وممثليه، فضلا عن الزامية هذا الاستحقاق بموجب اتفاق ستوكهولم المتضمن الزام الميليشيات الحوثية توريد عوائد موانئ الحديدة لدفع رواتب موظفي الخدمة المدنية في مناطق سيطرتها».
وناقش الاجتماع المشترك لمجلس القيادة الرئاسي وقيادات الدولة، مستجدات الوضع الداخلي في الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية والأمنية واتخذ ازاءها الإجراءات اللازمة، مشددا على ضرورة «مواصلة اجتماعاته في العاصمة المؤقتة عدن لاستكمال إصلاحات واستحقاقات المرحلة الانتقالية المشمولة بإعلان نقل السلطة».
وحضر الاجتماع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني، ورئيس مجلس الوزراء معين عبدالملك، ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر، ورئيس هيئة التشاور والمصالحة محمد الغيثي، ووزيرا الدفاع والداخلية، وجهازا الأمن القومي والأمن السياسي، ومدير مكتب القائد الأعلى، والذي يعد الاجتماع الأوسع للقيادات الحكومية العليا منذ تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السابع من نيسان/أبريل الماضي.
إلى ذلك تواصل القيادات الحوثية إعلانها عن توجيه تحذيراتها وتهديدات قواتها العسكرية بقصف المنشآت والناقلات النفطية السعودية والإماراتية واليمنية، في حال عدم توقيع اتفاق تمديد الهدنة وفقا للشروط الحوثية، والتي تتضاعف بين فترة وأخرى، في الوقت الذي تنصلت فيه جماعة الحوثي عن كافة الالتزامات السابقة للهدنة على الرغم من وفاء الجانب الحكومي والتحالف العربي بالاستجابة لكافة الطلبات الحوثية، وفي مقدمتها إعادة فتح مطار صنعاء الدولي أمام الرحلات الجوية التجارية، والسماح بدخول ناقلات النفط إلى ميناء الحديدة، وهما يقعان تحت سيطرة جماعة الحوثي.
ويعيش اليمن حاليا تحت صفيح ساخن، متوقعا انفجار الوضع عسكريا، بين الحوثيين من جهة والحكومة الشرعية والتحالف العربي من جهة أخرى، خاصة مع الخروقات الحوثية والعروض العسكرية الكبيرة التي نفذّتها خلال الأيام الأخيرة لسريان الهدنة في مدينتي الحديدة وصنعاء، والتي أعطت رسائل بمدى القدرات العسكرية التي وصلت إليها والتي أصبحت توازي مقدرات دولة.